عام سجنا لصحافي تونسي رفض الكشف عن مصادره

تونس - قضت الدائرة الجنائية المختصّة في النظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس بالسجن مدّة سنة في حقّ الصحافي خليفة القاسمي، مراسل موزاييك الخاصة بالقيروان (وسط)، لرفضه الكشف عن مصادره.
كما قضت الدائرة الجنائية بثلاث سنوات سجنا في حقّ رائد بالفرقة الجهوية لمكافحة الإرهاب للحرس الوطني بالقيروان من أجل تهم تعمد إفشاء معلومات متعلقة بعمليات اعتراض والمعطيات المجمعة منها، وفق تصريح عضو هيئة الدفاع عن القاسمي الأستاذة دليلة مصدق. ولا يعرف إن كان الرائد هو المصدر الذي اعتمد عليه القاسمي. وأكّدت مصدق أنّه تم استئناف الحكم الأربعاء.
ويذكر أنّه قد انطلق تتبع القاسمي في مارس 2022، بتهم على معنى قانون مكافحة الإرهاب والمجلة الجزائية وتمّ الاحتفاظ به لخمسة أيّام وإطلاق سراحه إثر حملة تأييد واسع وطني ودولي.
وفي هذا السياق، جدّدت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين مطالبتها بإيقاف التتبع في حق القاسمي وإسقاط كلّ التهم التي تتعلق بممارسته الاحترافية لمهنته الصحافية.
كما شدّدت النقابة على أنّ موقف القضاء إزاء هذه القضية سيكون مؤشّرا يطلقه إزاء احترام القضاء حرية العمل الصحافي وضمانتها ومن بينها حماية المصادر وحرية النشر وحرية التعبير وتمسكه بدوره كضامن للحقوق والحريات. واستنكرت النقابة بشدة الحكم بالسجن على الصحافي القاسمي بتهمة على معنى قانون مكافحة الإرهاب، ووصفته بـ“المهزلة”.
مفهوم حماية حق الصحافيين في الاحتفاظ بأسرار مصادرهم ليس مطلقا لا تحده حدود، وليس دون استثناءات
واعتبرت ذلك مواصلة لسياسة تجريم العمل الصحافي وخرق تونس لقوانينها المحلية ولتعهداتها الدولية، ونددت ببقية الأحكام السالبة للحرية في قضايا النشر والرأي الصادرة عن القضاء التونسي.
واستنكرت كذلك الترك المتعمد للمرسوم 115 باعتباره النص الوحيد الذي يُحاكم بمقتضاه الصحافيون في قضايا النشر، وهو ما يُعتبر سياسة جزائية ممنهجة هدفها التضييق على حرية الصحافة والتعبير.
وجاء القانون التونسي منسجما مع بنود العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وبقية المواثيق الدولية ذات العلاقة المصادق عليها وقد تضمن المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المؤرّخ في الثاني من نوفمبر 2011 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر في فصله 11 تدابير تقدمية تؤدي حتما إلى إحداث تطور كبير في حرية الإعلام في تونس.
إذ نص الفصل 11 من المرسوم المذكور أن تكون مصادر الصحافي عند قيامه بمهامه ومصادر كل الأشخاص الذين يساهمون في إعداد المادة الإعلامية محمية، ولا يمكن الاعتداء على سرية هذه المصادر سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلا إذا كان ذلك مبرّرا بدافع ملحّ من دوافع أمن الدولة أو الدفاع الوطني وخاضعا لرقابة القضاء. ويجادل خبراء أمنيون بأنه “الحال مع الصحافي القاسمي إذ يتعلق الأمر بمعلومات عن خلية إرهابية”.
ويعتقد مراقبون أن “مفهوم حماية حق الصحافيين في الاحتفاظ بأسرار مصادرهم ليس مطلقا لا تحده حدود، وليس دون استثناءات إذ في بعض الحالات تحتاج المحاكم إلى معرفة هوية مصادر المعلومات حتى يمكن تحقيق العدالة في بعض القضايا المنظورة أمامها، ومهما تكن هذه المصلحة مشروعة إلا أنها يمكن أن تقيد مصلحة أخرى أكثر مشروعية وهي حماية الأرواح”.