عائلات سورية مشتتة تحلم بلمّ الشمل خارج الوطن

عمّان - تخشى اللاجئة السورية آلاء مسالمة ألا يتعرف طفلاها على أبيهما عندما يقابلانه وجها لوجه بعد غياب طويل. وكان ابنها عمره عامين وابنتها ثمانية أشهر عندما غادر الأب الأردن متجها إلى أوروبا.
وسافر عُدي الحمصي، زوج آلاء، إلى ألمانيا منذ ثلاث سنوات تقريبا سعيا للحصول على حق اللجوء. وكان الحمصي يتصور أن الأمر لن يستغرق سوى بضعة أشهر حتى تلحق به أسرته، لكن قرارا ألمانيا استمر لعامين بتجميد إجراءات لم شمل الأسر ترك الأسرة مشتتة ودون مصير واضح.
وبعد أن استقبلت ألمانيا أكبر تدفق لطالبي اللجوء في سنوات ما بعد الحرب بسوريا عام 2015، أعلنت الحكومة الألمانية في يناير 2016 حزمة من الإجراءات لتنظيم اللجوء وتضمنت تعليق عملية لمّ شمل أسر اللاجئين الذين منحوا وضعية الحماية المؤقتة.
ويُمنح الحاصلون على وضعية اللجوء المؤقتة تأشيرات لمدة عام قابلة للتجديد نظرا لعدم تمتعهم بالأمان في بلادهم، لكنهم لا يتمتعون بوضعية اللاجئ التي تمنحهم الحق في البقاء بألمانيا.
وحصل الحمصي على وضعية الحماية المؤقتة بدلا من وضعية اللاجئ. وقال إنه لا يعرف أي سبب لمنحه هذه الوضعية. وقالت زوجته آلاء إن ابتعاد زوجها عنها كان أمرا صعبا عليها. وقالت، “لنا ثلاث سنوات على هذه الحالة، كان من الصعب علي تربية أولادي وحدي،لا أب ولا أهل. هذا أمر صعب للغاية”.
وتعيش الأم وطفلاها في شقة خاوية من الأثاث وسط عمان وتعمل مع عدة منظمات غير حكومية في مسعى لتوفير احتياجات أسرتها.
وتتواصل آلاء مع زوجها باستمرار على مواقع التواصل الاجتماعي وبرامح المحادثات لكن تقول إن طفليها يفتقدان الأب بشدة.
وقالت “نتحدث عبر التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي.. كل يوم يطمئن زوجي على أطفاله.. أحيانا نتكلم في الصباح والمساء لكن يظل البعد قائما”. وأضافت أن ابنها وابنتها يقولان لأبيهما باستمرار، ” خذنا معك، اشتقنا إليك.. نحن ننتظر الطائرة”، يظنان أن الطائرة تمر من أمام البيت لتأخذ المسافرين.
وأظهرت بيانات حكومية أن أكثر من 40 بالمئة من السوريين الذين قدموا طلبات لجوء في 2016 مُنحوا وضعية الحماية المؤقتة.
وقال المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين إنه لم يجمع بيانات عن سبب منح المتقدمين وضع اللاجئين الكامل أو المقيد، ولا يستطيع أن يقول لماذا تلقى المتقدمون الذين فروا من نفس البلد قرارات مختلفة.
وقبل أسابيع قليلة من تاريخ انتهاء حظر لمّ شمل الأُسر في مارس، وافقت أحزاب الائتلاف الحاكم الألمانية على تمديد فترة التعليق حتى 31 يوليو.
وبموجب الاتفاق نفسه، سُيسمح لما يصل إلى ألف من أفراد العائلات شهريا بالانضمام إلى الأشخاص المسموح لهم بالبقاء في ألمانيا اعتبارا من أول أغسطس.
لكن مع وجود حوالي 28 ألف شخص يستوفون معايير التأشيرات بعد أن قدموا بالفعل طلبات لتحديد مواعيد في السفارات الألمانية في بيروت وأربيل وعمان وإسطنبول، فقد يضطرون إلى الانتظار لسنوات لمعرفة ما إذا كان يمكنهم القدوم.
ووجود أطفال صغار أحد المعايير الرئيسية لاختيار الألف شخص، كما سُتمنح الأولوية لأقارب اللاجئين الذين اندمجوا بشكل أفضل في المجتمع.
وتستوفي أسرة الحمصي المعايير لوجود طفلين بالإضافة إلى تلقيه تدريبا في برلين، لذا فإن حظوظه جيدة. وقالت الزوجة “أنا متحمسة كثيرا للسفر إلى حيث يقيم زوجي، أريد أن أربي أطفالي معه، أعلمهم في جامعات أحسن، هنا لا يوجد مستقبل”.
ورغم فتح باب لمّ الشمل للحاصلين على الحماية المؤقتة بدءا من اليوم الأول من أغسطس 2018، إلا أن الطبيب السوري طاهر الذي وصل إلى ألمانيا قبل ثلاث سنوات، ليس متفائلا بإمكانية لمّ شمل زوجته. ويقول طاهر “من كثرة الوعود التي قطعتها لزوجتي بقرب لمّ الشمل، فقدت الثقة بي وطلبت الطلاق”، ويتابع، “ورغم جميع محاولاتي بأن نبقى سوية، إلا أنها ترفض بسبب عدم وجود أيّ بصيص أمل لإمكانية لمّ شملها”.
وقد يكون سبب تشاؤم طاهر من إمكانية لمّ شمل زوجته بسرعة هو العدد الكبير من الطلبات التي قدمها الحاصلون على الحماية المؤقتة للمّ شمل عائلاتهم.
قبل ثلاث سنوات وصلت الشابة السورية هيا اللحام مع أمها لاجئتين إلى ألمانيا، مضطرتين أن تعبرا طريق البلقان وحدهما، حيث أن والدها يشكو من مرض في القلب ولا يستطيع تحمل صعوبة الطريق، كما تقول، ولذلك بقي أخوها الشاب مع أبيه وأخيه القاصر ليعيلهما. لكن هيا ووالدتها لم تكونا تعرفان أن لمّ شمل العائلة سيصبح غصة لهما، حيث حصلتا على الحماية المؤقتة في تلك الفترة التي تمّ فيها تعليق لمّ الشمل للحاصلين على هذا النوع من الحماية لمدة سنتين.
ورغم أن والدتها كانت تعطي جرعات من التفاؤل لزوجها المريض، وابنيها على أنهم سيلحقون بهما بعد انتهاء فترة تعليق لمّ الشمل، لكن يبدو أن والد هيا وأخويها سيضطران للانتظار حتى بعد مرور هاتين السنتين، إذ اتفق كل من الحزب الاشتراكي والتحالف المسيحي مبدئيا على السماح بلمّ الشمل لألف شخص شهرياً من ذوي الحاصلين على الحماية المؤقتة، وذلك في مفاوضاتهما الأولية لتشكيل الحكومة الألمانية.