عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة تتمسّك ببارقة أمل

القدس - دعا ذوو محتجزين إسرائيليين في قطاع غزة السبت إلى عدم السماح “مرة أخرى” لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإفشال صفقة التبادل مع حركة حماس. وقال ذوو المحتجزين في مؤتمر صحفي أمام مقر وزارة الدفاع في تل أبيب “نناشد رؤساء الأجهزة الأمنية وفريق التفاوض؛ كل العيون عليكم، لا تدعوا نتنياهو ينسف الصفقة مرة أخرى، علينا إنقاذ جميع المحتجزين”. وأضافوا “لن تعود البلاد كما كانت دون عودتهم”.
والجمعة توجه رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد بارنياع إلى العاصمة الدوحة لعقد اجتماعات مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، حول اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة. وبعد عودته إلى تل أبيب أعلن مكتب نتنياهو أن الوفد المفاوض سيغادر الأسبوع المقبل إلى قطر لمواصلة مفاوضات الصفقة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر سياسية لم تسمها قولها إن “رئيس الموساد أبلغ الوسطاء بأنهم متفائلون بأن إسرائيل ستقبل اقتراح صفقة الرهائن”. وبعد تسعة أشهر من الانتظار المضني ومن الآمال المتبخّرة تبدي عائلات رهائن إسرائيليين محتجزين في غزة تفاؤلا حذرا إزاء الإعلان عن مناقشات من شأنها أن تفضي إلى الإفراج عن أحبائها.
ومؤخرا أصدرت إسرائيل وحركة حماس مواقف تفيد باستئناف مفاوضات غير مباشرة بشأن وقف إطلاق النار، على الرغم من وجود نقاط خلافية مازال يتعين تذليلها. وفي هذا الأسبوع قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لعائلات رهائن محتجزين في غزة “نحن الآن أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل لاتفاق”.
وقالت طالبة الطب شاي ديكمان البالغة 29 عاما في تصريح لوكالة فرانس برس “لدي آمال كبيرة في إمكان التوصل إلى هذا الاتفاق”. وقريبتها كارمل غات محتجزة في غزة منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس على أراضي إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي. وتصر ديكمان على التفاؤل، على الرغم من أن آمالها سبق أن تبخّرت؛ ففي نوفمبر كانت تعد عشاء على شرف قريبتها التي كان يُفترض أن يتم الإفراج عنها خلال هدنة لمدة أسبوع.
وفي هدنة استمرّت أسبوعا أُفرج عن زوجة شقيقها، بينما كان اسم كارمل يرد في قائمة المقرر الإفراج عنهم في اليوم الثامن، وفق ما ترويه ديكمان. لكن الهدنة التي أفضت إلى الإفراج عن 105 رهائن مقابل إطلاق سراح 240 سجينا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية، انتهت في اليوم السابع. وقالت ديكمان “على حكومتنا أن تدرك أن الأهم حاليا إعادة الرهائن إلى الوطن”.
◙ عائلات الرهائن تواصل ممارسة ضغوط على السلطات وتنظّم تظاهرات وتنشر صور الرهائن في كل مكان لكن هامش المناورة لدى نتنياهو مقيّد بمواقف حلفائه اليمينيين
ومن بين 251 شخصا خُطفوا خلال الهجوم مازال 116 شخصا محتجزين رهائن في غزة، بينهم 42 لقوا حتفهم، حسب الجيش الإسرائيلي. ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تعهّد بـ”القضاء” على حماس أن تحرير الرهائن هو من ضمن الأولويات، لكنّه يعارض التوصل إلى اتفاق معتبرا أن هذا الأمر سيمكّن حماس من الصمود. وتقول عائلات رهائن بدأ صبرها ينفد إنها منهكة من جراء اضطرارها إلى التشديد مرارا وتكرارا على أن حياة أحبائها أغلى من أي انتصار عسكري.
وقال إيلون دلال الذي خُطف ابنه غي جلبوع دلال خلال هجوم على مهرجان نوفا الموسيقي “نحن بحاجة إلى وقف لإطلاق النار الآن وإلى اتفاق مع حماس لاحقا”. وفي الأشهر الأخيرة أشارت نتائج استطلاعات للرأي إلى أن غالبية كبيرة من المستطلَعة آراؤهم تعتبر أن الأولوية يجب أن تكون لتحرير الرهائن وليس لانتصار عسكري على حماس.
ولم تفض الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر ولا القصف العنيف على غزة إلى القضاء على حماس التي سيطرت في عام 2007 على القطاع الذي دمّرته المعارك وشرّدت سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة. ولاحظ أندرياس كريغ المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في كلية كينغ اللندنية أن “استمرار الحرب بالحدة نفسها يزيد احتمالات مقتل رهائن إسرائيليين”، في حين تؤكد حماس مقتل عدد من الرهائن بضربات إسرائيلية.
وتواصل عائلات الرهائن ممارسة ضغوط على السلطات، وتنظّم تظاهرات كل أسبوع وتنشر صور الرهائن في كل مكان، من مطار تل أبيب إلى المراكز التجارية مرورا بمحطات توقف حافلات الركاب. لكن هامش المناورة لدى نتنياهو مقيّد بمواقف حلفائه اليمينيين المتطرفين الذين هدّدوا بالانسحاب من الائتلاف إذا توقّفت الحرب.
وقال إيلون دلال الذي لا يزال ابنه في الأسر وقد بلغ الشهر الماضي عامه الثالث والعشرين "إنهم ضد التوصل إلى اتفاق، ويقولون إن أبناءنا هم ثمن هذه الحرب". وأضاف رب الأسرة الذي كان يعمل في برمجة المعلوماتية لكنه تخلى عن وظيفته ليتفرغ لقضية تحرير ابنه من الأسر “كل ما أريده هو أن يعود ابني، لكنه ليس هنا، ربما لم تبذل الحكومة الجهد الكافي أو لم تفعل الصواب”.
وحرّر الجيش الإسرائيلي عددا من الرهائن خلال عمليات في غزة، بينهم أربعة الشهر الماضي خلال عملية في مخيم النصيرات أسفرت عن مقتل أكثر من 270 فلسطينيا، وفق سلطات حماس. وآنذاك قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري “لا يمكننا إعادة كل الرهائن بعمليات إنقاذ”. وقالت ديكمان "أعلم أنه من الممكن إعادة أحبائنا عبر اتفاق"، وأضافت "علينا جميعا أن نعيدهم إلى الوطن".