ظهور جديد لـ"أصحاب القضية" يثير الشكوك حول من يقف وراءها

مجموعة "أصحاب القضية" تعلن أنها ستذهب إلى بيت مقتدى الصدر لمبايعته على أنه المهدي المنتظر وستزحف على بغداد لإسقاط حكومة السوداني.
الأحد 2023/05/21
مجموعة أصحاب القضية تحرج الصدر

بغداد – أثار إعلان مجموعة تطلق على نفسها "أصحاب القضية" في تسجيل فيديو جديد، أنها ستذهب إلى بيت زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لمبايعته على أنه "الإمام المهدي المنتظر"، والزحف على بغداد لإسقاط حكومة محمد شياع السواني، شكوكا حول وقوف قوى سياسية داخل الإطار التنسيقي الحاكم وراءها واستخدامها كأداة لتفكيك تحالفات الصدر الذي سبق أن تبرأ منها، ودعا أتباعه إلى توقيع وثيقة بخط يده ببصمة الدم، لتطهير تياره من الانحرافات الخطيرة.    

وفي مقطع فيديو قصير ظهر ثلاثة من الملثمين، وهم يحملون راية مكتوب عليها "نبايع الإمام المصلح الموعود مقتدى مهدي الأمم عليه السلام".

وتلا أحد الثلاثة بياناً مخاطباً فيه أصحاب القضية، قائلا "ستكون هناك خطوتان نصرة للمصلح الأمين، الخطوة الأولى: يجب أن نكون يداً واحدةً ونقف على دار المصلح الأمين (مقتدى الصدر) ونبايعه و نهتف باسمه "يا مهدي الأمم جئناك لنبايعك بأرواحنا وأجسادنا وأموالنا وأهلنا وبكل شيء ونطالب بكسر عزلته والرجوع إلينا لقيم دولته وهي دولة العهد الإلهي".

وأضاف "أما الخطوة الثانية وبعد مبايعة المصلح الأمين سنتجه إلى عاصمة الفساد والمفسدين بغداد للانقلاب على دولة بني العباس التي يترأسها الطاغية محمد شياع السوداني سفياني العصر، ونزيح دولة الفساد والإفساد، ونرجعها إلى صاحب الحق، وهو المصلح الأمين"، مردفا بالقول "ولا تكون دولة ولا قيادة إلا بيد المصلح الأمين".

وأثار مقطع الفيديو ردود فعل واسعة لدى بعض المحللين السياسيين والمدونين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث هاجم البعض هذه المجموعة الملثمة، فيما اتهم آخرون أطرافا سياسية من داخل الإطار التنسيقي الحاكم بالوقوف خلفها، لتفتيت أو إضعاف التيار الصدري.

ويرى غازي فيصل الباحث السياسي ورئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية أن خطاب الصدر الأخير يظهر قناعته بان "مجموعة أصحاب القضية هي أمر مفبرك".

وقال فيصل في تصريح صحافي هذا الفريق يعمل على "تشويه سمعة الصدر والتيار وتضليل الرأي العام".

وأضاف أن "ادعاء أصحاب القضية بان الصدر هو المهدي يضر ضررا بالغا بتاريخ زعيم التيار وزجه في منظومة الخرافات والشعوذة".

لذلك بحسب ما يقوله الباحث في الشأن السياسي "قام زعيم التيار منذ البداية برفض هذه المجموعة لتميز خطابه العقلاني وايمانه الواضح ومراجعه التاريخية عن تلك الخرافات".

ويعتقد فيصل أن من يدفع "أصحاب القضية" إلى الظهور هي "أحزاب وتيارات موجودة في العملية السياسية وهي في صراع علني ومفتوح مع الصدر وتستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة".

وأوضح أن هذه الأحزاب "تريد تفكيك التيار وتفكيك قدرته على الانضباط والتوازن لتبني استراتيجيات وطنية التي ينادي بها الصدر".

وكانت بعض القوى الشيعية قلقة من اختراق الصدريين لتظاهرات الموظفين المطالبين بسلم رواتب جديد أو حدوث تحشيد ضد الإطار التنسيقي في ذكرى اغتيال والد الصدر في يونيو المقبل.

وكتب الباحث السياسي في الشأن العراقي مجاهد الطائي "إذا كانت جماعة 'أصحاب القضية' تقوم بفعل شرعي، لماذا يظهر أتباعها ملثمين مثل جماعة القناع الذي تخفي الميليشيات وجهها خلفه بعد عمليات الكاتيوشا والمسماة "أصحاب الكهف"؟

وتساءل قائلا "أي ميليشيا خلف جماعة "أصحاب القضية" يا تُرى

ورأى مغرد يدعى صالح جندي القائد أن الإطار التنسيقي الشيعي يقف وراء هذا الفيديو قائلا "فيديو اطاري بامتياز لا قضية ولا غيرها الغرض منها أي مظاهرات مستقبليه ضد حكومة الإطار سوف تتهم بأنهم 'أصحاب القضية' خزعبلاتكم يا إطار لن تجدي نفعا والأمر واضح جدا".

وبدوره أكد المغرد عمر الساعدي أن "أصحاب القضية لا يمتون بصلة للتيار الصدري وهم ليسوا صدريين هم عبارة عن مأجورين مدعومين خارجياً للعداء لسماحة السيد مقتدى الصدر والصدريين".

كما ذهب الناشط السياسي العراقي سيف الخالدي في نفس الاتجاه مؤكدا أن "أصحاب القضية أو أهل القضية هم جماعة مدفوعة من جهة سياسية لغرض تحجيم التيار الصدري ومحاولة تصوير أبناء التيار على انهم خارجين من الملة وإلا فإن أنصار التيار ملتزمون بتعليمات السيد مقتدى الصدر ومطيعون له رغم ما تعرضوا له من أذى وضرر لحق بهم واستشهاد الكثير من إخوانهم".

وفي المقابل أكد مغرد يدعى أورين أن "أهل القضية" أشخاص داخل التيار الصدري مستدلا في ذلك باعتراف الصدر ضمنيا على وجودها بين صفوف أتباعه.

وكان الصدر قد أصدر في 29 أبريل الماضي وثيقة بخط يده دعا فيها أتباعه إلى توقيعها ببصمة الدم، وتضمنت الوثيقة التعهد بالعديد من النقاط، أهمها التبرؤ من جماعة "أصحاب القضية" والابتعاد عن الطائفية وعدم الانتماء إلى غير العراق.

وجاءت الخطوة بعد نحو أسبوعين من قرار الزعيم الشيعي تجميد التيار الصدري الذي يتزعمه وإيقاف كافة أنشطته، كما قرر إغلاق حسابه الشخصي على تويتر، وباقي الحسابات المرتبطة بالتيار بمنصات التواصل الاجتماعي، ردا على ظهور جماعة "أصحاب القضية" في مدينة النجف.

وكان الصدر انسحب من المشهد السياسي، بعد فشله في تنفيذ مشروعه بتشكيل حكومة أغلبية، على إثر فوزه في الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر من العام 2021.

وآلت العملية السياسية بانسحاب التيار إلى خصومه في الإطار التنسيقي الشيعي الذين تمكنوا من إعادة فرض سياسة المحاصصة الحزبية والطائفية، التي سبق وأن أعلن الصدر التمرد عليها بعد سنوات من الانخراط فيها.

وأعلن القضاء العراقي، منتصف أبريل الماضي، توقيف عشرات المتهمين من "أصحاب القضية" وقال إنهم "عصابة تثير الفتن".

وذكر إعلام القضاء في بيان أن "محكمة تحقيق الكرخ قررت توقيف 65 متهما من أفراد عصابة ما يسمى (اصحاب القضية) التي تروج لأفكار تسبب اثارة الفتن والاخلال بالأمن المجتمعي".

وأضاف أن "ذلك تم بالتنسيق مع جهاز الامن الوطني باعتباره الجهة المختصة بالتحقيق".

ويُذكر أن الإمام المهدي لدى الموروث الديني الإسلامي هو من آل محمد، ويظهر في آخر الزمان و"يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما" كما في الحديث النبوي، غير أن هناك اختلافا حول شخصيته حيث يعتقد أهل السنة والجماعة أنه لم يُولد بعدُ وأنه من أبناء الإمام السبط الحسن بن علي بن أبي طالب من ولد فاطمة ابنة الرسول، بينما يعتقد الشيعة الإمامية أنه وُلد في القرن الثالث الهجري ويُدعى محمد بن محمد بن الحسن العسكري من أحفاد الإمام السبط الحسين بن علي.