طهاة يضيفون مفاهيم جديدة إلى المطبخ الفلسطيني

الاهتمام المتزايد بالطعام الفلسطيني في الخارج يرتبط بتحول أوسع بعيدًا عن تقديم المأكولات الشرقية أو الشرق أوسطية كمجموعة واحدة من الوصفات.
الجمعة 2022/08/05
نحو العالمية

يحاول طهاة فلسطينيون مولعون بمطبخهم التقليدي أن يضيفوا عليه بعض المعاصرة حتى يواكب العادات الاستهلاكية الجديدة وغايتهم في ذلك أن ينتشر الطعام الفلسطيني في أنحاء العالم.

القدس الشرقية – تنتشر رائحة المعجنات اللذيذة التي تخرج من فرن الطابون من أحد أزقة البلدة القديمة في القدس الشرقية التي ينطلق منها طهاة فلسطينيون إلى أنحاء العالم حاملين معهم ثقافة أطباقهم التي يجمعون فيها بين مفاهيم طهو جديدة والتمسك بتقاليدهم. وأدى هذا الاتجاه إلى فتح شهية دور النشر لإصدار كتب عن المطبخ الفلسطيني.

يقول رجل الأعمال الفلسطيني نصار عودة صاحب مطعم “طابون” الصغير، “أعتقد أن الأمر يتغير إلى الأفضل، فالعديد من الفلسطينيين حريصون على الترويج لأطعمتهم”.

أمضى عودة الأشهر القليلة الماضية يتتبع الذواقة وهم يتجولون داخل وخارج مطعمه الجديد الذي سماه على اسم الفرن الطيني التقليدي الطابون.

يتناول رواد المطعم معجنات كـ”اللحمة بعجين” أو “الصفيحة”، أعدّت على الطريقة الأرمنية التي تتميز بعجينتها الرقيقة الأقل سماكة من تلك الفلسطينية، ويتذكر عودة “الصفيحة” عندما كان صاحب فرن أرمني يبيعها قبل عقود فيزدحم محله بحشود في ليل البلدة القديمة.

وقال عودة الذي يقدم البيرة والنبيذ من صنع فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة إن “اللحمة بعجين” الأرمنية “باتت جزءا من ثقافة الأكل الفلسطيني”. مضيفا ”هذا مهم للغاية لأن هذا يؤكد الوجود الفلسطيني وريادة الأعمال، نحن بحاجة إلى أن نفخر بمنتجاتنا”.

افتتح “طابون” العام المنصرم، وهو جزء من سلسلة من الحانات والمقاهي والمطاعم الفلسطينية الصغيرة الجديدة اتخذت لها مواقع داخل القدس القديمة في الآونة الأخيرة.

وتتراوح تجربة المطاعم بين أطعمة راقية وقوائم مدمجة، ومزج المكونات الفلسطينية بالأطباق الأوروبية، وفقًا لعزالدين بخاري الذي ينظم جولات عن الطعام في القدس ودروساً في الطبخ.

Thumbnail

وقال بخاري الذي يعتزم تقديم خدمات استشارية لأصحاب الأعمال الراغبين في تنشيط مطاعمهم، “إنها بداية رائعة. نحن حقًا في البداية”.

وأضاف “كان الجميع يعدّون ويقدمون الشيء نفسه، لكنني بدأت أرى أخيراً الناس يتقدمون ويفكرون في مفهوم جديد وأفكار جديدة”.

وبالنسبة إلى داليا دبدوب التي تدير مطعم “طابون” وهي تمتلك أيضا حانات في مدينتي بيت لحم وأريحا بالضفة الغربية، يظل “توسيع عرض نطاق الأطباق والمنتجات الفلسطينية أمرًا محوريًا”.

وقالت “نريد التغيير في توجهات الطعام، من خلال تقديم المزيد من الأطعمة التي لا يعرفها الناس”.

وأشارت إلى مجموعة “أكلات متنوعة من الباذنجان البتيري المشهور محليًا”، ومصدره قرية بتير في محافظة بيت لحم والمدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وستظهر قريبًا في قائمة “طابون”.

وأضافت دبدوب “أحاول دائمًا اختيار البندورة فعندما تأتي من غزة تكون حمراء حقًا وألذ، في حين أن الفلفل الأخضر في غزة حاد”.

يرتبط الاهتمام المتزايد بالطعام الفلسطيني في الخارج بتحول أوسع بعيدًا عن تقديم المأكولات الشرقية أو الشرق أوسطية كمجموعة واحدة من الوصفات.

وقال الشيف الفلسطيني سامي التميمي الذي نشأ في مدينة القدس وانتقل للعيش في لندن قبل أكثر من عقدين ولديه سلسلة من كتب الطبخ والمطاعم “في الوقت الراهن نرى المزيد من التركيز على البلد أو المكان ونوعية طعامه. أعتقد أنه شيء رائع”.

ونشأ الشيف الفلسطيني سامي التميمي على الطهو المنزلي، وعلى وجبات الغداء المدرسية المكونة من فطائر القرنبيط (عجة قرنبيط). وقال “أتذكر أنني كنت أحمل صحنًا وأذهب لشراء الحمص من محل الحمص”.

وتحدث التميمي بشغف عن الأطباق المحببة إليه كورق الدوالي (ورق العنب) و”المحشي كوسا”. وجمع التميمي هذه الأطباق التقليدية وتلك المعاصرة في كتاب للطبخ أصدره في عام 2020، وأطلق عليه عنوان “فلسطين”.

Thumbnail
Thumbnail

وقال التميمي “قبل عشر سنوات فقط، لو ذهبت إلى ناشر وقلت له، أريد أن أنشر كتابًا عن الطعام الفلسطيني، لكان أجابك، من سيشتريه؟”.

ويعود التميمي لفترة وجيزة إلى القدس في أكتوبر المقبل للإقامة في فندق “أميركان كولوني” التاريخي الذي سبق أن زاره وعمل على قائمة طعامه مدة أسبوعين لتكييفها مع التغيير في مشهد الطعام في المدينة.

وقال “كانت هذه هي المرة الأولى التي أعمل فيها مع فريق كامل من الفلسطينيين”، مضيفاً “لم تكن الحال كذلك في الماضي ومن الجيد أن يحصل ذلك”.

وبات الفلسطينيون يلحقون بركب العالمية في مجال الطهو إذ يفتتح الشيف فادي قطان مطعم بيت لحم في لندن في وقت لاحق من السنة الجارية.

20