طهاة من بانكوك يحدثون ثورة في فن المطبخ التايلاندي

زوار بانكوك يتذمرون من قيمة فاتورة الحساب في المطاعم، إذ تُعدّ الأسعار مرتفعة جداً مقارنة بدخل التايلانديين.
الأحد 2023/07/16
مطبخ راق ببصمة شبابية

لكل الشعوب تاريخ عريق في فن الطبخ وتقاليده ولكي تحافظ هذه المطابخ على ألقها تحتاج إلى تجديد وتعديل وإضافات تواكب الذوق والمذاق المتطورين دائمين، وهو ما فعلته مجموعة من الطهاة التايلانديين الشباب فقد نجحوا في جذب الزبائن من أصقاع العالم  إلى مطاعمهم في بانكوك.

بانكوك - يبرز في بانكوك جيل جديد من الطهاة الشباب والطموحين الذين يحصدون الجوائز ويجذبون الزبائن الميسورين من مختلف الجنسيات من خلال إحداث ثورة في فن المطبخ التايلاندي.

وتقول بيشايا سونتورنياناكيج (33 عاماً) المعروفة باسم “الشيف بام”، والتي حصلت العام الماضي على أول نجمة ميشلان، “إنه العصر الذهبي للمطبخ التايلاندي الراقي”.

فبانكوك الشهيرة بما توفره من طعام الشارع، تشهد بتأثير من الطهاة الذين درسوا أو تدربوا خارج تايلاند توجهاً نحو مطبخ أكثر رقياً وأعلى مستوى، مع أن هذا الأمر قد يقضي على ميزة الأسعار المتدنية التي تجذب الملايين من السياح كل سنة.

ويلاحظ المدوّن الأميركي في بانكوك مارك وينز الذي يبلغ عدد متابعيه على “يوتيوب” عشرة ملايين متابع أنّ “في بانكوك أفضل ما في كل شيء، سواء أكان المرء يرغب في وجبة بدولار واحد أو بمئتي دولار”.

وتضمّ بانكوك نحو 30 مطعماً حاصلة على نجوم، أي ضعف ما كان عليه عدد هذه المطاعم عام 2017 الذي صدر فيه للمرة الأولى دليل “ميشلان” عن تايلاند.

وحصل مطعم تايلاندي في بانكوك وهو “لو دو” للمرة الأولى على لقب أفضل مطعم في آسيا ضمن تصنيف “50 بست” البريطاني لهذه السنة.

وإذا كان هذا المطعم يحرص على تطبيق بعض معايير المطبخ الراقي، ومنها مثلاً أن يكون المطبخ ظاهراً ومفتوحاً على صالة المطعم الرئيسية، فإنه يقدم أطباقًا عائلية تقليدية بصيغة مطوّرة، تعكس غنى مطبخ المملكة الآسيوية.

Thumbnail

ويوضح الشيف في “لو دو” تيتيد تاساناكاجون المعروف بـ”الشيف تون” أن “في المطبخ التايلاندي تخصصات إقليمية شديدة الاختلاف، وهو عبارة عن مزيج متناغم من المرارة والحموضة والملوحة والحلاوة والتوابل، وفي هذا المزيج تكمن فرادته”.

هذا الطاهي البالغ 38 عاماً والذي يدير ثمانية مطاعم، نشط جداً على “إنستغرام” ويُعَدُّ متابعوه بعشرات الآلاف، وهو أيضاً عضو لجنة التحكيم في برنامج “توب شيف تايلاند”.

ويأمل “الشيف تون” من خلال أنشطته المتنوعة هذه إعطاء الآخرين الرغبة في الإقبال على هذه المهنة التي يُعرف عنها أنها شاقة، وهو تعلّم التقنية والانضباط في العمل خلال تجاربه المهنية في مطاعم نيويوركية مهمة .

ويروي خلال تجوله في سوق للمنتجات الطازجة في العاصمة التايلاندية سعياً إلى الاستلهام منها أن الطهاة في هذه المطاعم “كانوا يحاولون دعم المنتجين المحليين، وهذا ما أفعله هنا أيضاً.. حتى لو كانت منتجاتهم أغلى ثمناً. وإلا فسينقرضون”.

أما “الشيف بام”، وهي الأخرى نجمة تلفزيونية، فافتتحت مطعمها الفاخر عام 2021 بين كشكين للأحذية الرخيصة في أحد أزقة الحي الصيني.

ومن الصيدلية القديمة المتهالكة التي كانت تملكها أسرتها هناك منذ أكثر من قرن، وتم تجديدها أثناء الجائحة، لم تُبقِ “الشيف بام” سوى على اسم “بوتونغ” الذي أطلقته على مطعمها.

وفي “بوتونغ”، تنتظر أطباق البط والمحار والسلطعون وسواها من الأطايب المطعّمة بالتوابل الشهية الزبائن الذين يقتصر عددهم على 35 كل ليلة، ويتوزعون على كل غرف المطعم، بما فيها المطبخ.

Thumbnail

وتلاحظ الطاهية أنه “قبل عشر سنوات ما كان معظم الآباء يرغبون في أن يعمل أبناؤهم في مجال المطاعم”، لكنّ “الطهاة باتوا اليوم في الخطوط الأمامية”، على حد قولها، ولديهم هامش تصرّف أكبر من الأجيال السابقة التي كانت غالباً محصورة في بعض الأطباق التقليدية.

وتسعى المملكة الآسيوية إلى جذب زبائن أكثر ثراء آملةً في أن تستطيع من خلالهم تعويض الخسائر الناجمة عن انخفاض عدد الزوار الأجانب بعد الجائحة.

لكنّ بعض زوار بانكوك يُفاجأون ويتذمرون من قيمة فاتورة الحساب في المطاعم، إذ تُعدّ الأسعار مرتفعة جداً بالنسبة إلى بلد لا يتمتع بمستوى من التنمية الاقتصادية مماثل لحال اليابان أو سنغافورة، وهما منافستَا تايلاند الرئيسيتان في المجال المطبخي.

وتبلغ تكلفة العشاء في مطعم راقٍ على غرار “بوتونغ” و”لو دو” (الموسم باللغة التايلاندية) و”بان تيبا” و”سورن” نحو 165 دولاراً على الأقل، أي أكثر من نصف الحد الأدنى للأجر الشهري.

وتلاحظ ناقدة الطعام المقيمة في بانكوك سيريواتو روكساكياتي أن تايلاند من أغلى البلدان في مجال الطعام الفاخر، ولكنّها “تفتقر إلى بعض العناصر، مثل جودة الخدمة”.

ويعلّق “الشيف تون” الذي اكتملت الحجوزات في مطعمه للأشهر الثلاثة المقبلة “أريد أن أثبت أن المطبخ التايلاندي ليس أدنى مستوى من أيّ مطبخ آخر”.

18