"طفلة قمر" تونسية تنال الدكتوراه في علم الجينات

لمياء حكيم فسرت حصولها على هذه الدرجة العلمية بأنها رسالة مفادها أنه يمكن تغيير الألم إلى أمل.
الأربعاء 2022/07/20
الوالدان كانا مفتاحا النجاح للشابة التونسية حيث وفرا لها كل ما تحتاجه لبلوغ هذه المرحلة

تونس ـ لم يكن الاثنين الثامن عشر من يوليو 2022 تاريخا عاديا في حياة "طفلة القمر" التونسية لمياء حكيم، فقد كان يوم التحدي الأكبر أمام اللجنة العلمية لامتحان نيل درجة الدكتوراه في علم الجينات من كلية العلوم بتونس العاصمة.

بالفعل حصلت لمياء على درجة الدكتوراه، وقالت بافتخار "عمري 30 سنة ومن أطفال القمر تحصلت على دكتوراه في علم الجينات". وأضافت "أنا أول طفلة من أطفال القمر تتحصل على هذه الدرجة العلمية في العالم". ولمياء مصابة بمرض "كزيرودارما"، لذا تعاني من حساسية مفرطة للأشعة ما فوق البنفسجية، سواء القادمة من الشمس أو من أنواع معينة من الفوانيس.

وتابعت "هذا إنجاز أفتخر به لي ولعائلتي ولأطفال القمر في العالم أجمع.. لم يكن سهلا أبدا البحث العلمي، فهو ليس سهلا للإنسان العادي فما بالك لأطفال القمر؟". وعلامات الانتشاء بالإنجاز الباهر تعلو محياها أردفت "كنت أضع ألف حساب للشمس، فهي خطر عليّ، خاصة في بلد مشمس مثل تونس".

لمياء حكيم تنصح أطفال القمر بأن يؤمنوا بذواتهم وأن يجعلوا من كل عقبة معبرا للتقدم وإعطاء الأمل

وفسرت لمياء حصولها على هذه الدرجة العلمية قائلة "آمنت برسالة أردت إيصالها، وهي أن هناك أملا". وأوضحت "أردت إيصال رسالة لمن يعانون مثلي وللعالم أنه يمكن تغيير الألم إلى أمل، وهو أمر سهل عند الحديث عنه، ولكنه صعب جدا في الإنجاز".

وأضافت "الحمد لله ربي أعطاني القوة وعائلة آمنت بقدراتي لأصل إلى هذا التتويج". ووجهت رسالة إلى أطفال القمر مفادها "أن يؤمنوا بذواتهم، فإذا تعبوا يوما فما عليهم سوى جعل تلك العقبة معبرا للتقدم وإعطاء الأمل.. نعم نحن تعبنا ولكننا وصلنا".

نعمان حكيم والد لمياء بدا متأثرا وابنته "طفلة القمر" تمر أمام اللجنة العلمية لعرض أطروحتها، وقال متحدثا عن مسار ابنته العلمي "هو نتيجة 25 سنة كفاح خاصة مع ابنتي التي لها مشكلة صحية فهي من أطفال القمر وخروجهم ليس سهلا". وأضاف الأب "هي تضحية الأم خاصة، مع تضحية العائلة، فهؤلاء الأطفال يتطلبون متابعة يومية في الدخول والخروج وهو أمر صعب جدا".

وتحدث عن مراحل تعليم ابنته ذات الوضع الصحي الخاص والدقيق قائلا "وضعنا كعائلة برنامجا لكل مرحلة من مراحل تعليمها، الأساسي ثم الثانوي ومرحلة الإجازة بالجامعة، ولما نجحت قلنا لم لا الدكتوراه؟".

وتابع "الدكتوراه هي تحد للمرض وللإعاقة والظروف وللمجتمع الذي لا يقبل الفوارق في الصحة". وأردف "كان شعارنا دائما إلى الأمام مسنودين بالعائلة والأصدقاء في الخارج من ناحية الأدوية، فليست كل الأدوية موجودة في تونس وكذلك خلال المرافقة إلى المعهد الثانوي".

الإصرار والعزيمة كانا سلاحا الشابة التونسية لبلوغ هدفها المنشود الذي يبقى فخرها وفخرا لذويها خصوصا من هذه الفئة
الإصرار والعزيمة كانا سلاحا الشابة التونسية لبلوغ هدفها المنشود الذي يبقى فخرها وفخرا لذويها خصوصا من هذه الفئة 

وقال نعمان إن "الهدف بالنسبة إلى لمياء هو التألق في التعليم، وكثير من الكوادر الجامعية فتحت لنا الأبواب". وأضاف "في سنتها الأولى بالجامعة قال لنا عميد الكلية إن أبواب الجامعة مفتوحة وأي عمل علينا القيام به لمساعدة لمياء سنقوم به".

ومتأثرا أردف الأب "25 سنة دراسة واليوم يتوّجُ كفاحها". وتحدث عن نمط حياتهم الذي مكنهم من مرافقة لمياء إلى هذا التتويج قائلا "لا نذهب للبحر إلا بعد الغروب، فالأشعة ما فوق البنفسجية تقلقها".

وأضاف أنها "كانت معاناة صعبة.. معاناة أن تعيش لمياء بأخف الأضرار وتندمج في المجتمع وهذا كان دور العائلة". وتابع "كأب وكأم كانت لنا رسالة أن تتألق لمياء في الدراسة، ونحن نرى ذلك أمرا عاديا أن نضحي للمحافظة على حق ابنتنا في البقاء".

◙ العائلة وضعت برنامجا لكل مرحلة من مراحل تعليم لمياء الأساسي ثم الثانوي ومرحلة الإجازة بالجامعة ثم الدكتوراه

وعن أصدقاء لمياء قال الأب "أصدقاؤها وقفوا معها وكانوا يوفرون لها الحماية عندما تذهب إلى منازلهم إذ يسدلون الستائر ويغلقون النوافذ لتبقى لمياء مرتاحة". وزاد "هنا في الجامعة مختبرها مجهز بشريط واق لمنع تسرب أشعة الشمس، والإدارة وفرت هذا وسمحت لنا بالقيام بأي شيء يوفر لها الراحة".

وقالت أم لمياء منى الجمل إن "أطفال القمر ليس سهلا عيشهم، فهو مرض لا يتحمل الأشعة ما فوق البنفسجية". وتابعت "وصلت لمياء للدكتوراه وهذا ليس سهلا، وأتمنى أن يصل الجميع إلى مستواها، فالأمر يتطلب قليلا من الصبر وكثيرا من التعب".

ومتحدثة عن علاقتها بابنتها قالت "كنت ظلها كما تقول هي، أصاحبها وأرافقها في كل مكان فهي يجب ألا ترى الشمس". وبدت الأم فخورة بابنتها، قائلة "هي تزوجت واليوم تنجز الدكتوراه". ووفق الطبيب محمد الزغل، في حديث سابق للأناضول، فإن هذا المرض الجيني يدعى "كزيرودارما" وهو مرض وراثي.

ويعاني المصاب بهذا المرض من حساسية مفرطة للأشعة ما فوق البنفسجية، سواء القادمة من الشمس أو من أنواع معينة من الفوانيس. وهو مرض سرطاني بالنسبة إلى المرضى غير المحميين، ويتكاثر في الوجه ويمكن أن يشوهه، ويعيش المصابون به بين 10 و15 عاما، ولكن بإمكان من يقي نفسه أن يعيش إلى 70 أو 80 عاما، وفق الزغل.

وينتشر هذا المرض خاصة في حالات زواج الأقارب، وفي شمال أفريقيا توجد حالة لكل 10 آلاف شخص، ثم تأتي اليابان في المرتبة الثانية بحالة لكل 100 ألف، وبعدها أوروبا بحالة لكل 300 ألف تليها الولايات المتحدة بحالة لكل مليون شخص، وفي تونس المئات من الحالات بحسب الطبيب.

مرضى وننجح بعلامات امتياز
مرضى وننجح بعلامات امتياز 

18