طفرة الإصابات بكوفيد في الصين تزيد احتمالات ظهور متحوّرات جديدة

باريس - يحذّر خبراء الصحة من أن ارتفاع أعداد الإصابات بكوفيد – 19 في الصين، تزامنًا مع رفع السلطات القيود الصحية الصارمة، قد يخلق أرضًا خصبة لظهور متحوّرات جديدة من الفايروس.
في الثامن من يناير ستتوقف بكين عن فرض الحجر الصحي الإلزامي على الوافدين إلى البلاد، وهو آخر تدبير ضمن سياستها “صفر كوفيد” الصارمة التي أبقت البلاد معزولة عن العالم إلى حدّ بعيد منذ بدء تفشي الجائحة.
وفي الوقت الذي توقفت فيه الحكومة عن نشر أعداد الإصابات اليومية، يقدّر مسؤولون في مدن عديدة أن مئات الآلاف من الأشخاص أُصيبوا بالفايروس مؤخرًا، في حين أن المستشفيات ومحارق الجثث مكتظّة في كافة أنحاء البلاد.
وبات الفايروس حاليًا يتفشى بلا قيد في الصين التي تعدّ قرابة خُمس سكان العالم. ويخشى خبراء ودول عديدة أن تتحوّل البلاد إلى أرضٍ خصبة لظهور متحوّرات جديدة، فنسبة الملقّحين بين الصينيين منخفضة.
الخبراء يخشون أن تتحوّل الصين إلى أرضٍ خصبة لظهور متحوّرات جديدة، فنسبة الملقّحين في هذا البلد منخفضة
ويرى مدير معهد الصحة العالمية في جامعة جنيف أنطوان فلاهو أن كل إصابة جديدة تزيد فرص تحوّر الفايروس. ويوضح لوكالة فرانس برس أنه “عندما يصبح 1.4 مليار شخص فجأة معرّضين لفايروس سارس – كوف – 2 (المسؤول عن ظهور كوفيد – 19)، تتشكّل بالطبع ظروف مواتية لبروز متحوّرات”.
ومن جانبه قال برونو لينا، أستاذ علم الأوبئة في جامعة ليون بفرنسا، لصحيفة لاكروا “نظرًا إلى تفشي الفايروس بشكل واسع، وبالتالي تزايد احتمالات ظهور متحوّرات، قد تُشكّل الصين أرضا خصبة للفايروس”.
وأشارت سمية سواميناثان، التي شغلت منصب كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية حتى نوفمبر، إلى أن شريحة هامة من الشعب الصيني معرّضة للخطر، لأنّ عددًا كبيرًا من المسنّين لم يتلقّوا التلاقيح. وقالت لموقع صحيفة إندين إكسبرس “علينا أن نراقب عن كثب ظهور متحوّرات مثيرة للقلق”.
وفي مواجهة ارتفاع عدد الإصابات أعلنت الولايات المتحدة وإيطاليا واليابان والهند وماليزيا هذا الأسبوع أنها ستشدد تدابيرها على الحدود.
وستطلب الولايات المتحدة من جميع الصينيين الوافدين إليها جوًّا الاستظهار بنتيجة فحص كوفيد سلبية اعتبارًا من 5 يناير. أما الهند واليابان فستفرضان على جميع الركاب الوافدين من الصين إبراز نتائج سلبية لفحوص “بي سي آر”، في تدبير رأى أنطوان فلاهو أنه قد يكون وسيلة للالتفاف على أي تأخر في تشارك المعلومات من جانب بكين.
وأكدت الحكومة الفرنسية أنها “تتابع عن كثب تطوّر الوضع” وقالت إنها “مستعدة لدرس كافة التدابير المفيدة”. وردًا على سؤال عبر إذاعة فرانس إنتر أعلنت رئيسة لجنة ترصّد وترقّب المخاطر الصحية (كوفارس) بريجيت أوتران أنها تتوقع صدور قرار في نهاية الأسبوع.
وأضافت أن إجراء “فحوص على الحدود لم يمنع الفايروس من الدخول” و”المنفعة الوحيدة المحتملة” من إخضاع المسافرين القادمين من الصين إلى فحوص بشكل منهجي هي “تحليل نوع المتحوّرات (التي أصيبوا بها)”.
أكثر من 130 متحورة فرعية من أوميكرون رُصدت في الصين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة
ويوضح أنطوان فلاهو “إذا نجحنا في أخذ عيّنات وتحديد متسلسلات كافة الفايروسات لدى جميع المسافرين القادمين من الصين، سنعرف تقريبًا ما إذا كانت هناك متحوّرات جديدة تظهر وتنتشر” في البلاد.
وأكد شو وينبو، رئيس معهد مراقبة الفايروسات في المركز الصيني لمراقبة الأمراض والوقاية منها، أن “مستشفيات البلاد ستجمع عينات من مصابين وستحمّل معلومات المتسلسلات على قاعدة بيانات وطنية جديدة، ما سيسمح للسلطات بمراقبة السلالات الجديدة بشكل آني”.
ورُصدت أكثر من 130 متحورة فرعية من أوميكرون في الصين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وفق ما أعلن شو وينبو الأسبوع الماضي.
ومن بين هذه المتحوّرات الفرعية” إكس إكس بي” و”بي كيو.1” ومتحوّراتهما الفرعية الخاصة التي انتشرت في الولايات المتحدة وفي بعض المناطق الأوروبية خلال الأشهر الأخيرة، في وقت تنتشر فيه مجموعة من المتحوّرات الفرعية على نطاق واسع في العالم كلّه.
لكن شو وينبو لفت إلى أن”بي أي 5.2” و”بي أف.7” لا تزالان السلالتين الرئيسيتين من أوميكرون المسجّلتين في الصين، مضيفًا أن المتحوّرات الفرعية المختلفة من المرجح أن تنتشر.
وذكّر أنطوان فلاهو بأن مجموعة تتكون من أكثر من 500 متحوّرة فرعية جديدة من أوميكرون رُصدت في الأشهر الأخيرة.
وصرّح بأن “كافة المتحوّرات الأكثر قابلية للانتقال من المتحوّرات السائدة سابقًا -على غرار ‘بي كيو.1” و’بي 2.75.2” و’إكس بي بي’ و’سي إيتش1” و’بي أف’- تمثل تهديدات، لأنها قد تتسبب في موجات وبائية جديدة”.
وأضاف “يبدو أن أيًا من هذه المتحوّرات اليوم لا يمثل مخاطر جديدة لأعراض أكثر شدة، لكن ذلك قد يكون حال المتحوّرات الجديدة في المستقبل القريب”.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس إن المنظمة بحاجة إلى المزيد من المعلومات لتقييم الزيادة الأخيرة في عدد الإصابات بكورونا في الصين.
وارتفعت الإصابات في مختلف أنحاء الصين هذا الشهر بعدما تخلت بكين عن سياستها الصارمة “صفر- كوفيد” بما في ذلك إخضاع السكان لفحوصات “بي سي آر” بشكل منتظم.
ومؤخرا كتب تيدروس في تغريدة “من أجل إجراء تقييم شامل للمخاطر بشأن وضع كوفيد – 19 على الأرض في الصين، تحتاج منظمة الصحة العالمية إلى المزيد من المعلومات التفصيلية”.