طفرة أسعار تقود تحولات سوق المواد الأولية الزراعية

صناعة الإيثانول تستهلك ثلث محصول الذرة وتزود وقود السيارات.
الاثنين 2021/01/11
تحولات زراعية كبيرة

يقود العام 2020 قطاع الزراعة إلى صحوة في سياق تزايد أهمية المواد الأولية، حيث دفع إلى ارتفاع أسعار البذور والحبوب في ظل استهلاك قطاع الطاقة وصناعة الإيثانول لثلث المحصول الأميركي الشمالي من الذرة لتتحول في ما بعد إلى وقود يزود السيارات والطائرات.

باريس - تشهد المواد الأولية الزراعية طفرة في أسعارها بعد ركود كبير، ما شجع المستثمرين وصناديق المال على الاستثمار في هذا القطاع. ويعزى هذا الارتفاع إلى عوامل كثيرة من بينها استهلاك صناعة الإيثانول لثلث إنتاج الذرة الأميركي الشمالي لاستخدامه كوقود للسيارات والطائرات.

وبعد سنوات من الركود، انطلقت سنة 2021 على ارتفاع كبير في أسعار الحبوب والبذور الزيتية من القمح والصويا والذرة، في مؤشر لـ”صحوة” على صعيد المواد الأولية الزراعية في الأسواق العالمية، بدفع من جائحة كوفيد – 19 والشهية الصينية والمخاوف المناخية.

وقال رئيس شركة “أغري تك ترايد” للمعلومات بشأن المواد الأولية الزراعية كلود جورجيليه إن “2020 كانت سنة ازدهار على صعيد أسعار المواد الأولية الزراعية التي عاد بعضها إلى مستويات غير مسبوقة منذ 2014 كما الحال مع الصويا”.

وأضاف “هذه السنة تؤشر إلى الصحوة على صعيد المواد الأولية الزراعية”.

وقد ازدادت أسعار هذه المواد الزراعية مجتمعة بنسبة تراوح بين 14 في المئة و19 في المئة في 2020، وفق دراسة حديثة أجرتها مؤسسة “يو.بي.أس” المالية توقعت فيها استمرار المنحى التصاعدي حتى النصف الثاني من 2021.

وقال ميشال بورتييه المدير العام لشركة “أغريتل” في حصيلتها لنهاية العام عبر مجلة “بلان شان” المتخصصة “يثير هذا الارتفاع في الأسعار اهتماما متجددا لدى المستثمرين والصناديق المالية وفي قطاع السلع الأساسية الزراعية بعد أربع أو خمس سنوات تدهورت فيها الأسعار، ويبعث ذلك الأمل في سنوات ازدهار أكبر”.

وشكّلت الجائحة السبب الأول في الارتفاع الكبير في الأسعار إذ شجعت البلدان على تخزين المواد الغذائية الأساسية تفاديا لخطر انقطاع سلاسل التموين العالمية، ما أثار في المقابل تهديدات بحالات مجاعة.

وأوضح رئيس “أغري ترايد كونسلتينغ” بيار دوكلو أن “الصينيين صفّوا في السنتين الماضيتين عملياً 150 مليون طن من مخزونات الذرة لبيعها إلى مصنعي أغذية المواشي الصينية”.

ميشال بورتييه: ارتفاع الأسعار يزيد اهتمام المستثمرين بقطاع السلع الزراعية

ونتيجة ذلك، ارتفع سعر الذرة في بورصة العقود الآجلة الصينية وهو يبلغ حاليا “ما يوازي 375 دولارا للطن”، وفق دوكلو، أي “20 إلى 30 دولارا” أكثر من أسعار الحبوب المستوردة، رغم نفقات النقل.

عامل آخر يدفع الأسعار إلى الارتفاع هي الضبابية المناخية، إذ إن التكهنات بجفاف في أميركا الجنوبية، حيث يؤدي تيار “لا نينيا” للهواء الساخن إلى انحباس التساقطات، قد قلص إنتاج الصويا في البرازيل والأرجنتين هذا العام، وفق جورجيليه.

وأضاف “قطاع الطاقة يساهم أيضا في ارتفاع الأسعار. إذ إن ثلث الحصاد الأميركي الشمالي من الذرة يُستخدم في صنع الإيثانول، وكذلك الأمر مع 70 في المئة من الحصاد الفرنسي لنبات السلجم.

غير أن الخبراء في القطاع يرون في ارتفاع الأسعار مجرد “إعادة تقدير” بعد حلقة تراجعية إجمالية استمرت سبع سنوات. وخلال أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة، وصل سعر القمح إلى عتبة 300 يورو للطن، وفق المحللين.

كما أن الصمود القوي لليورو في مقابل الدولار يكبح الارتفاع السريع لأسعار المواد الأولية الزراعية.

وفي مطلق الأحوال، لا يبدو الدفع المقدم من الطلب الصيني لأسعار الحبوب في طريقه إلى التراجع، وفق المحلل المالي داميان فيركامبر، رغم الازدياد المعلن في الإنتاج العالمي من 8 ملايين طن إلى 773 مليونا بفعل توسع المساحات المزروعة خصوصا في فرنسا.

وفي سياق آخر يواجه العالم تحديات عديدة ذات تأثير كبير من أبرزها تحدي الأمن المائي والغذائي. حيث من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم بحلول العام 2050 إلى ما يقرب من 10 مليارات نسمة تبلغ نسبة القاطنين منهم في المناطق الحضرية حوالي 68 في المئة، الأمر الذي يدفع الحكومات حول العالم لبذل المزيد من الجهود لإيجاد طرق مبتكرة لتلبية الاحتياجات المائية والغذائية للسكان.

وباتت هذه التحديات أكثر تأثيرا في الآونة الأخيرة مع انتشار فايروس كورونا الذي أحدث اضطرابات تؤثر على قدرة المجتمعات العالمية على التصدي للتحديات الرئيسية.

ومما يبعث على الأمل، العمل المتواصل من المبتكرين والشركات الناشئة من مختلف أنحاء العالم على إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لهذه التحديات وغيرها من التحديات العالمية الأخرى.

ولا يزال انعدام الأمن الغذائي يتسبب في تدهور التربة، مما يجعل إمكانية الوصول إلى الأسمدة أحد أخطر التهديدات التي يواجهها الملايين من صغار المزارعين في شتى بقاع العالم. وحاليًا، ينفق هؤلاء المزارعون 30 مليار دولار سنويًا على الأسمدة غير الفعالة أو حتى الضارة.

وباتت هذه التحديات أكثر تأثيرا في الآونة الأخيرة مع انتشار فايروس كورونا الذي أحدث اضطرابات تؤثر على قدرة المجتمعات العالمية على التصدي للتحديات الرئيسية.

10