طالبان ماضية في توسيع نفوذها في أفغانستان بلا هوادة

الحركة تسيطر على ثلثي المعابر الحدودية في البلاد.
الثلاثاء 2021/08/10
المعابر تثري خزائن طالبان

كابول - اتجهت حركة طالبان نحو زيادة تصعيد أعمالها القتالية للسيطرة على المعابر الحدودية ومراكز الولايات خاصة الحدودية في ما يبدو أنها استراتيجية جديدة تستبق أي عملية مفاوضات أو تسوية.

وبلغ إجمالي المعابر الحدودية التي سيطرت عليها طالبان 7 وهي تمثل نحو ثلثي معابر البلاد، حيث تمتلك أفغانستان أكثر من 10 معابر حدودية مع كل من باكستان وإيران وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان.

ففي الثاني والعشرين من يونيو الماضي سيطرت طالبان على معبر شيرهان الحدودي مع طاجيكستان بولاية قندوز شمالي البلاد، ثم سيطرت في الثامن من يوليو الماضي على المعبر الحدودي إسلام قلعة بولاية هرات والذي يعد أحد أكبر بوابات التجارة بين أفغانستان وإيران، حيث يدر عائدات شهرية تقدر بنحو 20 مليون دولار للحكومة الأفغانية.

وفي اليوم ذاته وقع معبر أبونصر فراهي أحد أهم المعابر الحدودية مع إيران بولاية فرح تحت سيطرة الحركة أيضا. وبعد ذلك بيوم واحد سيطرت طالبان على معبر تورغوندي الحدودي أحد البوابات التجارية إلى تركمانستان، ويقع في ولاية هرات غربي البلاد.

ومنتصف الشهر الماضي سيطرت الحركة على معبر سين بولداك الحدودي مع باكستان في قندهار جنوبي البلاد. وبسيطرة طالبان على المعابر الخمسة سالفة الذكر ارتفع عدد المعابر الحدودية التي تحت يد الحركة في شمال وجنوب وغرب وشرقي أفغانستان إلى 7 معابر، إذ تسيطر أيضا على معبر داندي باتان الحدودي مع باكستان، ومعبر آي خانوم الحدودي مع طاجكستان.

عجز السلطات في كابول عن السيطرة على شمال البلاد سيكون أمرا حاسما لفرص الحكومة الأفغانية في البقاء

وبالإضافة إلى المعابر تمكنت الحركة أيضا من السيطرة على عواصم إقليمية حدودية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، بينما يؤكد الجيش الأفغاني أنه حقق نجاحات في الجنوب.

ويبدو أن الحركة لا تفكر في إبطاء الوتيرة المحمومة لتقدمها في الشمال. فقد أعلن المتمردون الإثنين أنهم هاجموا مزار الشريف كبرى مدن شمال أفغانستان وعاصمة ولاية بلخ، لكن السكان والمسؤولين قالوا إنهم لم يصلوا إليها بعد.

ومزار الشريف مدينة تاريخية ومفترق طرق تجارية. وهي من الدعائم التي استندت عليها الحكومة للسيطرة على شمال البلاد. وسيشكل سقوطها ضربة قاسية جدا للسلطات.

وتحقق السيطرة على المعابر للحركة المتمردة أهدافا عديدة من بينها وضع اليد على الموارد المالية الجمركية بالإضافة إلى إمكانية فرض حصار على الحكومة الأفغانية وأقاليمها حيث من شأن منع عملية التوريد عبر الحدود البرية أن يضعف الحكومة في بلد لا يملك حدودا بحرية.

وقد تمثّل سيطرة طالبان على المعابر الحدودية فرصة لضمان تغيير دول الجوار لمواقفها من الحركة ومن الصراع في أفغانستان، مستغلة مخاوف هذه الدول من تداعيات الحرب على أمنها الداخلي.

وإلى جانب المعابر الحدودية استطاعت الحركة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة السيطرة على ست من عواصم الولايات الأفغانية البالغ عددها 34 بعد أن استولت الاثنين على مدينة إيبك في شمال البلاد.

وسيطرت الحركة المتمردة السبت على شبرغان معقل زعيم الحرب عبدالرشيد دوستم على بعد حوالى 50 كيلومترا شمال ساري بول، والجمعة سيطرت على زارانج عاصمة ولاية نيمروز البعيدة في جنوب غرب البلاد على الحدود مع إيران.

وزارانج أول عاصمة إقليمية تسيطر عليها الحركة منذ إعلان إدارة الرئيس جو بايدن أنها ستسحب القوات الأميركية بالكامل من البلاد.

كما تسيطر طالبان على مدينة شربرغان عاصمة جوزجان الحدودية مع تركمانستان، ومدينتي ساري بول وقندوز عاصمتي الولايتين اللتين تحملان الاسم نفسه الواقعتين شمالي البلاد.

الصورة
وضع مريح

وشكّلت السيطرة على ولاية قندوز، مفترق الطرق الاستراتيجي في شمال أفغانستان بين كابول وطاجيكستان، أكبر نجاح عسكري لطالبان منذ بدء الهجوم الذي شنته في مايو مع بدء انسحاب القوات الدولية الذي يُتوقع أن ينتهي بحلول نهاية أغسطس.

وأعلن نائب حاكم سمنغان أن مقاتلي طالبان سيطروا الإثنين على أيبك عاصمة الولاية الواقعة على بعد نحو مئة كيلومتر جنوب غرب قندوز.

وتتعرض قندهار (جنوب) وهرات (غرب)، ثاني وثالث مدن البلاد، لهجمات المتمردين منذ أيام عدة على غرار ما يحصل في لشكركاه (جنوب) عاصمة ولاية هلمند أحد معاقل المتمردين.

وفاجأت سرعة تقدم طالبان المراقبين وكذلك قوات الأمن الأفغانية على الرغم من المساعدة التي تلقتها من القوات الجوية الأميركية.

وقد يكون عجز السلطات في كابول عن السيطرة على شمال البلاد أمرا حاسما لفرص الحكومة الأفغانية في البقاء، إذ لطالما اعتُبر شمال أفغانستان معقلًا للمعارضة في وجه طالبان، فهناك واجه عناصر الحركة أقوى مقاومة عندما وصلوا إلى السلطة في التسعينات.

وتعاني أفغانستان حربا منذ عام 2001 حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم طالبان لارتباطها آنذاك بتنظيم القاعدة الذي تبنى هجمات الحادي عشر من سبتمبر من العام نفسه في الولايات المتحدة.

ومنذ مايو الماضي تصاعد مستوى العنف في أفغانستان مع اتساع رقعة نفوذ طالبان تزامنا مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأميركية المقرر اكتماله بحلول الحادي والثلاثين من أغسطس الجاري.

وأظهرت بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن عدد النازحين داخليا بلغ منذ بدء مايو الماضي ما لا يقل عن 244 ألف شخص عندما شن مسلحو حركة طالبان عدة هجمات ضد الحكومة، بزيادة بواقع 321 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

ورجح التقرير أن يرتفع عدد النازحين داخليا بوتيرة متسارعة مع استمرار تقدم حركة طالبان.

وتزامنا مع التطورات المتسارعة على الأرض لصالح الحركة المتمردة، من المقرر أن تستضيف العاصمة القطرية الدوحة في الحادي عشر من أغسطس الجاري اجتماعا لـ”الترويكا” الموسّعة (روسيا والصين والولايات المتحدة وباكستان) بشأن أفغانستان، فيما يستبعد مسؤولون روس الحديث عن تقدم حقيقي في عملية السلام في إطار المحادثات بين أطراف الصراع في أفغانستان قبل الخريف المقبل.

               

6