طالبان تطالب بنظام اسلامي في أفغانستان

انطلاق محادثات السلام الأفغانية وسط آمال ضئيلة لإنهاء الصراع.
السبت 2020/09/12
تفاوض لخروج الولايات المتحدة من أفغانستان

الدوحة - انطلقت، السبت، الجولة الافتتاحية لمحادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، بالعاصمة القطرية، وسط آمال ضئيلة بالتوصل لاتفاق ينهي صراع يدور منذ نحو 20 عاما وأدى إلى تدمير البلاد وسقوط عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين.

وافتتح وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ونظيره الأميركي مايك بومبيو، المرحلة الثانية من مشروع السلام الأفغاني، بعد أشهر من الترقّب عقب توقيع اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، في 29 فبراير الماضي بالدوحة.

وقال وزير الخارجية القطري في افتتاح المؤتمر إن "المفاوضات تهدف لتجاوز العقبات التي تحول دون تحقيق السلام المنشود في أفغانستان".

وأردف أن "السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في أفغانستان هو الوقف الفوري لإطلاق النار، والجلوس إلى المفاوضات للوصول إلى تسوية شاملة"، مضيفاً "واصلنا جهودنا بشأن المفاوضات الأفغانية للوصول إلى سلام دائم".

بدوره قال عبدالله عبدالله، رئيس لجنة المصالحة الأفغانية إن "الشعب الأفغاني يأمل في إنهاء الحرب وإقامة نظام دستوري يحقق الاستقرار في البلاد"، مشيراً إلى أنه يأمل في نجاح المفاوضات والشعب الأفغاني يتطلع لوقف العنف وسفك الدماء.

من جانبه دعا الملا عبدالغني برادر رئيس وفد طالبان المتطرفة إلى أن تكون أفغانستان بلدا مستقلا بنظام إسلامي في حال التوصل لاتفاق سلام خلال المفاوضات مع الحكومة التي بدأت السبت في الدوحة.

وقال برادر في كلمته افتتاحية "أريد من الجميع أن يعتمدوا الاسلام في مفاوضاتهم واتفاقاتهم وألا يضحوا بالاسلام من أجل مصالح شخصية”.

وأضاف "نريد أن تكون أفغانستان بلدا مستقلا ومزدهرا واسلاميا” وأن “تتضمن نظاما اسلاميا يعيش في ظله الجميع بدون تفرقة”.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن "الخيار الأمثل في أفغانستان هو تداول السلطة، ولا نسعى لفرض نظامنا على أحد".

وأضاف بومبيو "المفاوضات الشاملة فرصة لتجاوز الانقسامات لتحقيق سلام دائم يحقق مصالح الشعب الأفغاني، وندعم أفغانستان موحدة وذات سيادة، وتنعم بسلام داخلي ومع جيرانها، ونرحب بالتزام طالبان بعدم استضافة مجموعات إرهابية".

وتدور المحادثات بعد يوم من الذكرى الـ19 لهجمات الحادي عشر من سبتمبر التي دفعت الولايات المتحدة إلى غزو أفغانستان وإطاحة نظام طالبان الذي كان يأوي زعيم تنظيم القاعدة المتطرف أسامة بن لادن قبل مقتله.

وقال رئيس لجنة السلام التابعة للحكومة الأفغانية، في مستهل محادثات السلام إنه سيتذكر اليوم بوصفه نهاية لمعاناة شعب أفغانستان.

وقال زعيم طالبان السياسي إنه يتطلع إلى أن تنعم أفغانستان بالسلام والاستقرار، مضيفا أن أفغانستان لا بد أن تكون دولة مستقلة.

وتمثل هذه المحادثات التي تدعمها الولايات المتحدة خطوة مهمة في النزاع الأفغاني المستمر منذ 19 عاما، لكن التوصل إلى اتفاق سلام أو حتى وقف لإطلاق النار، بعيد المنال بسبب التباين الشديد بين أهداف المفاوضين.

ويقول مسؤولون ودبلوماسيون ومحللون إنه على الرغم من أن الجمع بين الطرفين على طاولة المفاوضات يعد إنجازا في حد ذاته فإنه لا يعني أن الطريق للسلام سيكون سهلا.

هل تنهي المفاوضات الاقتتال؟
هل تنهي المفاوضات الاقتتال

ويرى مراقبون أن هذه المفاوضات تكتسي أهمية كبرى للولايات المتحدة وقطر، حيث تراهن واشنطن على تحقيق اختراق في الملف الأفغاني قد تكون له تداعيات إيجابية على حملة الرئيس دونالد ترامب الرئاسية، فيما تسعى الدوحة للتقرب من الإدارة الأميركية وتقديم نفسها على أنها شريك يمكن التعويل عليه لحلحلة الأزمات في المنطقة، ما يعتم على رعايتها للتطرف والإرهاب مثلما يقول جيرانها الخليجيون.

ويختلف المشروع السياسي للحكم الحالي في أفغانستان عن نظيره لحركة طالبان، التي تسعى إلى تحويل البلاد إلى "إمارة" إسلامية، بينما إدارة الرئيس الحالي أشرف غني، التي ترفض الحركة الاعتراف بحكومته، فتسعى لتثبيت قواعد جمهورية دستورية بدعم من الغرب، أقرت العديد من الحقوق بما في ذلك مزيد من الحريات للمرأة. وحتى الآن، اكتفت حركة طالبان بتقديم تعهدات ملتبسة لحماية حقوق المرأة.

ويخشى كثير من الأفغان أن تؤدي عودة طالبان للسلطة بشكل جزئي أو كامل إلى إعادة ترسيخ "الشريعة الإسلامية".

وقال أمين الله (35 عاما) وهو مدرّس في مقاطعة قندوز "بقدر ما نريد السلام، نريد أيضا الحفاظ على الإنجازات التي تحققت في السنوات الماضية". وأضاف "لا أريد أن تغلق المدرسة التي أعمل فيها، لكن السلام هو الأولوية الآن".

وستكون حركة طالبان التي حكمت الجزء الأكبر من أفغانستان بين العامَين 1996 و2001، في موقف تفاوضي أقوى من أي وقت مضى منذ إخراجها من الحكم.

فقد أعلنت "الانتصار" في شباط بعد توقيع اتفاق مع واشنطن وضع جدولا زمنيا للمحادثات التي كان من المفترض أن تبدأ في مارس إضافة إلى انسحاب القوات الأجنبية بحلول مطلع العام المقبل.

في المقابل، عرضت حركة طالبان ضمانات أمنية قال منتقدوها إنها ملتبسة ويمكن الرجوع عنها بسهولة.

وبعيد توقيع الاتفاق، شن مقاتلو طالبان هجمات جديدة على القوات الأفغانية وحافظوا على وتيرة مكثفة في ساحة القتال.

ولا تشترط الصفقة على حركة طالبان التخلي رسميا عن تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن سابقا والذي تمتع بملاذ آمن في أفغانستان أثناء التخطيط لهجمات 11 سبتمبر 2001.

لكن، يطلب الاتفاق من حركة طالبان "عدم السماح" لمثل هذه الجماعات باستخدام أفغانستان كقاعدة لها.

وقال أندرو واتكينز المحلل الأفغاني في "مجموعة الأزمات الدولية"، "مواقف طالبان... مؤشر إلى أن الحركة ترى أن وضعها الحالي يجعلها في موقع قوة كبيرة".

وفي حين ظهرت حركة طالبان عموما كجبهة موحدة، عانت الحكومة الأفغانية من خلافات شخصية وخصومات مستمرة منذ فترة طويلة.

وكانت قطر دعت حركة طالبان لفتح مكتب سياسي في الدوحة عام 2013، وساعدت في فبراير بالتوسط لبلورة اتفاق بين واشنطن والحركة لسحب القوات الأميركية من أفغانستان.

وأدى هذا الأمر إلى توترات بعدما رفعت طالبان علمها في مكتبها بالدوحة ما أثار الغضب في كابول.

ويرى مراقبون أنه حتى وإن توصلت طالبان والحكومة الأفغانية إلى اتفاق في نهاية المطاف، فإن المرحلة المقبلة تبقى مبهمة.

وأكّدت الولايات المتحدة أن مستقبل أفغانستان أصبح الآن في أيدي الأفغان واعتبرت أنه إذا انهارت عملية السلام ووقعت حرب أهلية فهذه مسؤوليتهم.

وقالت كريستين فير الخبيرة في شؤون جنوب آسيا من جامعة جورجتاون "لنكن واضحين هذا ليس تفاوضا بشأن السلام. هذا يتعلق بخروج الولايات المتحدة" من البلاد.