ضغوط أميركية لحث البرهان على المشاركة في محادثات جنيف

واشنطن - قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن أكد في اتصال هاتفي الاثنين مع قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان على ضرورة مشاركة الجيش السوداني في محادثات وقف إطلاق النار هذا الشهر في سويسرا، في أحدث محاولة للضغط على الجيش الذي ما انفك يمارس سياسة المرواغة للتهرب من الجلوس مع قوات الدعم السريع.
وقال البرهان في وقت لاحق على منصة إكس "تلقيت اتصالا من وزير الخارجية الأميركي تحدثت معه عن ضرورة معالجة شواغل الحكومة السودانية قبل بدء أي مفاوضات".
وأضاف "أبلغته بأن الميليشيا المتمردة (في إشارة إلى قوات الدعم السريع) تحاصر وتهاجم الفاشر (غرب) وتمنع مرور الغذاء لنازحي معسكر زمزم (بمدينة الفاشر)".
وكان وزير الخارجية الأميركي قد وجه الدعوة، قبل أسابيع، إلى كل من الجيش وقوات الدعم السريع للمشاركة في مفاوضات جنيف برعاية الولايات المتحدة الأميركية، للاتفاق على وقف إطلاق النار والسماح بعبور المساعدات الإنسانية، والتوافق على آلية لمراقبة أي اتفاق يتم التوصل إليه، في حين تركت واشنطن للقوى السياسية المدنية فرصة الحوار لحسم القضايا السياسية بمعزل عن طرفي القتال.
ويسود انقسام بين قوى سودانية مختلفة حول مفاوضات جنيف التي من المنتظر أن تلتئم اجتماعاتها في الرابع عشر من أغسطس الجاري وفقا للدعوة الأميركية، في ظل تراجع الاهتمام الإقليمي والدولي بما يجد في السودان، وعدم الاكتراث كثيرا بممارسة ضغوط كافية على الجيش السوداني للحصول منه على موافقة صريحة بالمشاركة.
وتأني الضغوط الأميركية بعد أيام من محاولة اغتيال بمسيرة تعرض لها البرهان خلال عرض عسكري.
وفي وقت رحبت فيه قوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو بالمشاركة في المفاوضات، وضعت وزارة الخارجية السودانية حزمة اشتراطات جديدة أمام نظيرتها الأميركية بشأن مباحثات جنيف، بما يعرقلها عمليا، منها ضرورة التشاور المسبق مع الحكومة السودانية حول شكل وأجندة أي مفاوضات والأطراف التي تشارك فيها أو تحضرها، وعقد اجتماع بين الحكومة السودانية والأميركية للتمهيد الجيد لمفاوضات السلام، وأن أي مفاوضات قبل تنفيذ إعلان جدة لن تكون مقبولة للشعب السوداني.
ولم يقدم الجيش موافقة واضحة تؤكد حضوره مفاوضات مع قوات الدعم السريع، وطالب بالتفكير في الأمر مليا، بينما الموعد يداهم واشنطن هذه المرة، والتي تلقت موافقة الدعم السريع مبكرا.
ويلجأ الجيش إلى المراوغات السياسية في مسألة العودة إلى طاولة المفاوضات، فهو منذ تجميد اجتماعات منبر جدة يتعامل مع المبادرات المطروحة، سواء أكانت مكملة للمنبر السعودي – الأميركي أم منفصلة عنه، بتلكؤ ولامبالاة أحيانا.
وفي 6 مايو 2023، بدأت الولايات المتحدة والسعودية وساطة في مدينة جدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق لحماية المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية والامتناع عن الاستحواذ.
وخلال الاتصال، شدد بلينكن على أن "الدمار والخراب منذ أبريل 2023 يثبتان أن عقد محادثات وقف إطلاق النار الوطنية هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع ومنع انتشار المجاعة واستعادة العملية السياسية المدنية"، وفق ذات المصدر.
ولا تزال التبعات الإنسانية للحرب في السودان مستمرة حيث استُهدف مخيّم زمزم للنازحين في دارفور بضربات جوية ليل الأحد بعد أيام على إصدار هيئة مدعومة من الأمم المتحدة تقريرا يفيد بأن الحرب في السودان تسببت بمجاعة فيه، وفق ما أفادت الإثنين منظمتان غير حكوميتين.
وقالت "أطباء بلا حدود" في بيان إنّ "مخيّم زمزم قصف مساء الأحد".
من جهتها أشارت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور إلى قصف "الطيران الحربي مخيم زمزم للنازحين" الذي يؤوي ما بين 300 ألف و500 ألف نازح.
والجيش السوداني هو الطرف الوحيد الذي يمتلك طيراناً حربياً وبالتالي فانه المتهم الأول وربما الوحيد في ارتكاب تلك المجازر. ومن بين هؤلاء النازحين كثر ممّن فرّوا من المعارك الضارية التي تشهدها مدينة الفاشر المجاورة، عاصمة ولاية شمال دارفور.
والفاشر هي العاصمة الوحيدة لولايات دارفور الخمس التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وقد ظلت بمنأى نسبيا عن القتال لفترة طويلة.
وأفادت المنسقية بأن ضربات الأحد دمرت 20 منزلا و"جرحت أربعة أطفال" وأدت إلى "حالة من الخوف والهلع وسط النازحين في المخيم".
وتأتي الضربات بعد بضعة أيام من إصدار هيئة تدعمها الأمم المتحدة تقريرًا يفيد بأن المخيم يشهد مجاعة.
وخلصت مراجعة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي التي تستخدمها وكالات الأمم المتحدة، إلى أن "المجاعة لا تزال مستمرة في تموز/يوليو 2024 في مخيم زمزم".
وأشارت إلى أن "العوامل الرئيسية للمجاعة في مخيم زمزم هي النزاع وعدم القدرة على إيصال المساعدات الانسانية".
واندلعت المعارك في السودان في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع. والمعسكران متهمان بارتكاب جرائم حرب وبالاستهداف المتعمد للمدنيين وبإعاقة وصول المساعدات الإنسانية.
وأسفرت الحرب عن عشرات آلاف القتلى. ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة.
ومع انزلاق البلاد إلى ما وصفته الأمم المتحدة بـ"واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة"، تم تعليق غالبية عمليات الإغاثة بسبب العنف.