صيدا تستعد حثيثا للعيد رغم أجواء الحرب

صيدا - قبل أيام من حلول عيد الفطر، يبدو أهالي الجنوب اللبناني، خاصة في مدينة صيدا، غير آبهين بالحرب التي يمكن أن تخرج عن السيطرة في أيّ لحظة.
وترافقت الأضواء والزينة الرمضانية المنتشرة في شوارع المدينة، مع حركة تجارية نشطة، بما يعكس إرادة الناس في صيدا للاحتفال بالأعياد والاستمتاع بالحياة، حتى في أصعب الظروف.
وتشهد المحال التجارية، وخاصةً المختصة في بيع الملابس والهدايا والحلوى، إقبالًا ملحوظًا من الزبائن الذين يبحثون عن الهدايا والمستلزمات الضرورية للاحتفال بعيد الفطر.
وتزداد الحركة التجارية في الأسواق خلال ساعات المساء بصفة خاصة، من قبل مواطني صيدا وضواحيها والوافدين إليها من مناطق جنوبية ولبنانية عدة.
وقد تلقت تلك الأسواق مزيدًا من الزخم بفضل تلاقي استعدادات المسلمين للاحتفال بعيد الفطر مع عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي.
ومراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة، التي تعاني منها صيدا، مثلها مثل باقي مدن لبنان، دعت “جمعية تجار صيدا وضواحيها” (حكومية)، أواخر مارس، التجار إلى وضع أسعار تشجيعية تراعي الظروف.
وأعلنت الجمعية تمديد ساعات فتح الأسواق لتغلق عند الواحدة ليلاً حتى ليلة العيد بدلا من الخامسة مساءً كما جرت العادة.
أجواء ما قبل عيد الفطر لا تقتصر على التسوق، بل تشمل معرضًا للحرف التراثية يمتد على مساحة واسعة في ساحة المطران سليم غزال
وحرص الكثير من التجار في صيدا، من جانبهم، على تقديم تخفيض على الأسعار لزبائنهم، على أمل أن يسهم ذلك في إعادة ضخ النشاط التجاري والاقتصادي للمدينة بعد ركود طال لسنوات عدة.
ولا تقتصر أجواء ما قبل عيد الفطر على التسوق، بل تشمل معرضًا للحرف التراثية يمتد على مساحة واسعة في ساحة المطران سليم غزال، والتي تكمل الحراك الرمضاني الذي تميزت به صيدا ومعالمها التاريخية والتراثية منذ بداية رمضان مع ما رافقها من أنشطة متنوعة.
وتشهد ساحة باب السراي التاريخية وسط مدينة صيدا القديمة على مدار رمضان حشودا من الزوار التي تأتي لتكمل سهرتها بعد الإفطار حتى الفجر.
ولم ينف رئيس “جمعية تجار صيدا وضواحيها” علي الشريف، تأثر صيدا، التي تُعد عاصمة الجنوب اللبناني، سلبًا “بما يجري في الحدود الجنوبية اليوم” من مواجهات بين الجيش الإسرائيلي من جانب و”حزب الله” وفصائل فلسطينية من جانب آخر.
وأضاف في حديث مع مراسل الأناضول “هناك غصة لدى الناس ولنا بسبب الوضع الأمني جنوبا وفي فلسطين المحتلة وغزة”.
لكنه قال إن حركة زوار السوق التجاري في صيدا اليوم رغم ذلك “شيء يُفرح القلب كما ترون”.
وأضاف “الحركة التجارية جيدة جدًا، وإن شاء الله تستمر رغم كل الظروف التي نمر بها والركود الاقتصادي الحاصل بسبب ضعف القدرة الشرائية عند الناس”.
وأعرب عن سروره برؤية هذه الأجواء في صيدا، وتمنى أن تعود هذه المدينة، ولبنان عمومًا، إلى “ما كان عليه قبل سنوات من ازدهار ووضع اقتصادي مستقر، وأن تعود القدرة الشرائية للناس، ويتحسن الوضع الاقتصادي”.
ولفت إلى أن “صيدا اشتهرت بأنها مدينة رمضانية بامتياز، وهذا بالفعل يطبق فيها حاليًا من خلال النشاطات (الرمضانية) التي نظمتها كافة مؤسسات المجتمع المدني بالتشارك مع بلدية المدينة”.
وأشار إلى أن جمعية تجار صيدا أخذت على عاتقتها تزيين وإضاءة شوارع في صيدا بمناسبة شهر رمضان والعيد.
جمعية تجار صيدا أخذت على عاتقتها تزيين وإضاءة شوارع في صيدا بمناسبة شهر رمضان والعيد
وأعرب عن أمله في أن يعود شهر رمضان العام المقبل، ومعه يعود لبنان إلى وضعه كـ”دولة بكل معنى الكلمة”، بما يشمل “عودة المؤسسات الدستورية والعامة إلى العمل بشكل طبيعي من أجل النهوض بالوضع الاقتصادي السيء الذي نمر به اليوم”.
ويعاني اللبنانيون منذ 2019 أزمة اقتصادية غير مسبوقة، بالتزامن مع أزمة سياسية، أدت إلى انهيار قياسي بقيمة العملة المحلية من 1500 ليرة مقابل الدولار إلى 90 ألف ليرة حاليًا، فضلا عن شح بالوقود والأدوية، وانهيار قدرتهم الشرائية.
وقال عضو مجلس إدارة “جمعية تجار صيدا وضواحيها” محمود حجازي “طبعا الأحداث على الحدود (مع إسرائيل) تؤثر علينا وعلى الوضع سلبًا، لكننا مستمرون قدر الإمكان، ونسعى إلى البقاء واقفين على قدمينا”.
وأضاف حجازي، وهو صاحب محل ألبسة “في صيدا قمنا بتزيين الأسواق وقمنا بإنارتها ليجد المواطنون شيئا بسيطا من البهجة، ولكي لا نعيش في كآبة، وإن شاء الله (غيمة وتمر)”.
وشدد على أن أهالي صيدا مروا بـ”ظروف أصعب من ذلك” بما في ذلك أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982، قائلا “نحن مستمرون ولسنا خائفين”.
ولفت إلى أن الحركة التجارية في صيدا جيدة، وخاصة في الأسواق الشعبية، لكن “هناك أيضًا في الباقي حركة ونشاط، وهناك إقبال من خارج المدينة، وهذا إن شاء الله يعيد بعض النشاط للمدينة”.
وأشار إلى أن “صيدا مدينة رمضانية بامتياز، ودائما ما تكون حركة السوق فيها قوية خاصة في العشر الأواخر من الشهر الفضيل”.
أما ميرا الشريف، وهي صاحبة بسطة (متجر متنقل) لبيع الأشغال اليدوية من حليّ وأساور فدعت جميع المواطنين والزائرين من مختلف المناطق إلى “زيارة صيدا المفعمة بالحياة”.
وأكدت أن “الأجواء في صيدا جيدة والناس يأتون بكثرة إلى الأسواق رغم تخوف البعض من الأحداث على الحدود في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان”.
وأضافت “الأجواء جميلة جدا في أسواق صيدا القديمة مثل خان الإفرنج، والناس يأتون من خارج المدينة، ونتوقع المزيد من الإقبال على الأسواق مع اقتراب العيد”.