صورة الخميني الكبيرة في شوارع طهران وصورته الصغيرة على إنستغرام

رغم البنية الأيديولوجية المغلقة التي تطبع النظام الإيراني والظاهرة في الشحنات التنظيمية لمؤسساته، إلا أن بعض الوجوه التي تبرز على سطح هذا النظام المغمور تسعى لإضفاء حركية حداثية على صورتها وصورة النظام بشكل عام، وهو ما يقوم به أحد أبناء أحفاد آية الله روح الله الخميني الذي يروّج لوالده أحد الأحفاد الخمسة عشر للخميني كحمامة جديدة من حمائم الإصلاحيين الإيرانيين عبر موقع إنستغرام.
الأربعاء 2015/10/21
صورتان أصغر.. وعقلان أكثر اعتدالا

طهران - قال أحد الصحفيين الإيرانيين، وهو متخصص في تغطية الشأن السياسي الداخلي في إيران، إن أحمد الخميني سبق أن “جذب شريحة مهمة من الشباب جراء دعمه لموسوي ورفسنجاني”. بهذا التصريح، يمكن توقع الصورة التي سوف تكون عليها السياسة في إيران في المستقبل القريب والمتوسط، فكل الأنظار تتجه الآن إلى ذلك الجيل الجديد من الناخبين من الأعمار التي تتراوح بين 18 و25 عاما، وهو الجيل الذي ينتمي إليه أحد أبناء أحفاد الخميني وهو أحمد الخميني الذي أصبح صانعا للرأي العام عبر استغلاله للفضاءات الافتراضية للترويج لفكر أبيه.

وتؤكد التقارير أن هذا الجيل فريد من نوعه في إيران، فهو الجيل الذي شهد الأجواء الملهمة التي سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2009، فضلا عن الاحتجاجات التي أعقبت ذلك في الشوارع، والتي دعت إلى التغيير.

الأهم من ذلك، بعد مرور أربعة أعوام، بدلا من مقاطعة الانتخابات الرئاسية لعام 2013، نتيجة حملة القمع التي شنتها السلطات في أعقاب انتخابات عام 2009، فقد ساعد جزء كبير من هذه الفئة العمرية في انتخاب حسن روحاني.

ويقول رامين جهان بيجلو، وهو زائر في قسم النور للدراسات الإسلامية بجامعة يورك في تورنتو، إن الشباب الإيراني الحالي أقل أيديولوجية من الذين سبقوهم.

وأضاف “أعتقد أن تراجع الماركسية والنماذج الإسلامية لعبت دورا هاما في إعداد جيل جديد من المثقفين يحملون فكرا تعدديا وما بعد الأيديولوجي في إيران، أكثر من شبكات التواصل الاجتماعي”.

ويستغل أحمد الخميني شعبيته على إنستغرام كي يروج لأفكار أبيه الإصلاحية ولنفسه، وقد وصل عدد متابعيه على صفحته في الموقع 149 ألف متابع، وهو يقوم من خلال هذه الشعبية برسم إستراتيجية تواصل جديدة عن أبناء المقربين للسلطة عبر جملة من الرسائل الرمزية، الأمر الذي يعكس فعلا تحولات في تصور الشباب الإيراني للعمل السياسي والأيديولوجية الإسلامية المذهبية التي تحكم إيران.

وبالنسبة إلى هذا الشاب فإن الأمور لا تنتهي عند العالم الافتراضي فقط، فقد قال إنه كان حاضرا في سلسلة من الأحداث المرتبطة بالدين والسياسة في يونيو الماضي.

نشاطات أحمد الخميني السياسية تتوازى مع نشاطه الافتراضي وذلك لرسم صورة جديدة عن السياسة داخل النظام

وأضاف أنه وقف لأول مرة على المنصة خلف والده بينما كان يلقي خطابا أمام الحشود الهائلة، بما في ذلك النخبة السياسية في ضريح روح الله الخميني زعيم الثورة الإيرانية في الجنوب الغربي من العاصمة بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لوفاته، وكان لذلك أهمية خاصة بما أن حسن الخميني هو من يرعى الضريح الآن.

وقد أكد بعض المراقبين أن بداية الظهور هذه تعطي انطباعا بأن إستراتيجية ما لترويج صورة معيّنة بصدد التنفيذ، توازيا مع استغلال الفضاء الافتراضي ذي النزعة الشبــابية في الظهـور السياسي شبه الرسمي.

ففي أوائل شهر يوليو الماضي، ظهر أحمد مرتديا زيّ رجال الدين وهو يؤدي الصلاة ويلقي الخطب ليلا لمدة عشرة أيام في مسجد صغير شمال شرق إيران.

وعندما انتشرت الصور عبر الإنترنت، تفاجأ الكثير من الناس الذين ألفوا صور أحمد وهو يرتدي ملابس تحمل العلامات التجارية للماركات العالمية، مثل نايك وتومي هيلفيغر، على صفحته في إنستغرام. وأوضح الشاب البالغ من العمر 18 عاما على إنستغرام أنه إلى الآن لم يلتحق رسميا للدراسة بالحوزة العلمية، ولكنه يشارك بشكل “غير رسمي” في أنشطتها بما في ذلك زيارة القرى خلال شهر رمضان.

وفي السابع عشر من يوليو الماضي، خلال حفل صلاة الجمعة بمناسبة عطلة عيد الفطر، في مصلى مسجد طهران، كان أحمد حاضرا في الصف الأمامي إلى جانب كبار المسؤولين في الحكومة الإيرانية، وعلى بعد بضعة أقدام من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في مشهد يدمج صورته بكبار المسؤوليين الإيرانيين. ويحظى اتجاه أحمد إلى الدراسات الدينية بأهمية كبرى خاصة مع ترشيح والده المحتمل في انتخابات مجلس الخبراء في فبراير القادم.

ومنذ العام 2009، واجه حسن انتقادات متزايدة مما يسمّى بـ”المتطرفين”. وإذا ما تمكن من الظفر بمقعد في المجلس، فإن من شأن ذلك زيادة الفرص أمام ابنه الشاب أحمد لدخول معترك السياسة مستقبلا.

وينتمي أحمد إلى شريحة واسعة من الإيرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، والذين يشكلون حوالي ربع السكان البالغ عددهم 80 مليون نسمة، وثلث عدد الناخبين الذي يقدر بـ55 مليون ناخب، والذين من المرجح أن تكون آراـؤهم السياسية مهمة في الانتخابات المقبلة.

لذلك لا يتهاون ابن حفيد الخميني على أن يكون رمزا لكل هذا المجال الواسع الجماهيري والمعد سلفا لتقبل الرسائل السياسية في المستقبل، والتي يمكن أن تكون هي ذاتها الرسائل الحالية بل والمتطرفة، ولكنها في شكل يقبل التكيف مع جماهير تنبهر سريعا بالصورة.

12