صوت بيغ بن يصدح مجددا في قلب لندن

ساعة لندن الشهيرة تعود إلى العمل بعد توقف دام خمس سنوات.
السبت 2022/11/12
بعد خمس سنوات من الترميم

بعد أن افتقد أهالي لندن وزوارها صوت بيغ بن الشهير بسبب أعمال الترميم التي دامت خمس سنوات وكلفت مبالغ باهظة من الميزانية، تعود اليوم إلى العمل محفزة العاملين في البرلمان البريطاني.

لندن - ينبغي على مَن يقرر الاقتراب من بيغ بن أن يضع سدادات أذن وخوذة عازلة للضجيج كي يحمي أذنيه من الصوت الصاخب المنبعث من أجراس ساعة لندن الشهيرة التي تَزن 13.7 طن.

وستعود ساعة لندن الشهيرة إلى العمل رسميّا الأحد بعدما شهدت أعمال ترميم دامت خمس سنوات.

وستدق الساعة الرمزية -التي تعلو البرلمان البريطاني- من جديد بالنمط الذي اعتادت عليه، بعدما أُخضعت ألف قطعة منها لعملية تنظيف دقيقة.

وفي أغسطس 2017 تجمّع أكثر من ألف شخص أمام البرلمان للاستماع إلى آخر 12 دقّة تصدرها ساعة بيغ بن والأجراس الأربعة الأخرى الأصغر حجماً التابعة لها. وذرف بعض الأشخاص الذين كانوا موجودين آنذاك الدموع من شدة التأثر، لاعتبارهم أنّهم خسروا جزءاً من مدينتهم.

أجراس بيغ بن مثبتة على قمّة الساعة المعروفة رسميا باسم “برج إليزابيث”، والتي يبلغ ارتفاعها 96 مترا
أجراس بيغ بن مثبتة على قمّة الساعة المعروفة رسميا باسم “برج إليزابيث”، والتي يبلغ ارتفاعها 96 مترا

ويُتوقع أن يتجمّع عدد كبير من البريطانيين في محيط بيغ بن عند الساعة الحادية عشرة بتوقيت غرينتش يوم الأحد، للاستماع إلى ساعة لندن تدقّ من جديد. وبعد ذلك ستعاود الأجراس الأربعة العمل وتدقّ كل ربع ساعة، فيما ستدق بيغ بن كل ساعة كما جرت العادة على مدى 158 عاماً قبل إخضاعها للترميم.

ويتزامن موعد إعادة الساعة إلى العمل مع يوم “أحد الذكرى” الذي يصادف عادةً أوّل أحد يلي 11 نوفمبر، ويحتفي بذكرى هدنة كومبين الأولى التي جرى التوصل إليها في الحرب العالمية الأولى.

وخلال السنوات الخمس التي شهدت فيها أعمال تجديد دقت ساعة بيغ بن في مناسبات محدودة من خلال آلية كهربائية بديلة، ومن بين هذه المناسبات جنازة الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت في الثامن من سبتمبر الماضي.

وأجراس بيغ بن مثبتة على قمّة الساعة المعروفة رسميا باسم “برج إليزابيث”، والتي يبلغ ارتفاعها 96 متراً، فيما هي محمية بشباك خارجي لمنع الخفافيش وطيور الحمام من اختراقها.

ويبدو مشهد لندن من قمة الساعة مذهلاً، إلّا أن الصنّاع الثلاثة للساعات والمسؤولين عن عمل بيغ بن لا يحظون بوقت فراغ يستمتعون خلاله بهذا المنظر.

فإيان ويستوورث (60 عاماً) وزميلاه مشغولون جدا بإجراء اختبارات نهائية للساعة والتأكد من أنّ كل جزء منها يعمل بعد الترميم الذي كلّف 80 مليون جنيه إسترليني (نحو 93 مليون دولار).

ويقول صانع الساعات خلال جولة صباحية كان يجريها على البرج إنّ “صوت لندن هو الذي سيعود”.

ويشير إلى أنّ “أجراس الساعة لم تتوقف خلال الحروب”، لافتاً إلى ما شهده هذا المعلم الرمزي من تحولات طالت المدينة.

وجرى بناء البرج -الذي كان يُسمّى “برج الساعة” قبل تغيير اسمه إلى “برج إليزابيث” أثناء الاحتفال باليوبيل الماسي للملكة إليزابيث الثانية عام 2012- في أربعينات القرن التاسع عشر.

وبينما كان يشكل سابقاً أحد أبرز المباني في وستمنستر، أصبحت المنطقة تضمّ حالياً مباني أعلى ومهيبة أكثر.

ويقول ويستوورث “في السابق كان صوت الساعة يُسمَع في الليالي الهادئة على بعد 15 ميلاً”، مضيفاً أنّ “الشخص يكون محظوظاً حالياً إن سمع صوت الأجراس من الجانب الثاني من البرلمان”.

وجرى خلال الترميم تنظيف عدة أجزاء من الأجراس فيما أُعيد دهنها كذلك، إلا أنّ الأجراس بحدّ ذاتها لم تُفَكّ، فتحريك ساعة بيغ بن يتطلب تدمير قاعدة البرج.

وتمثلت أصعب مهمّة من مهام أعمال الترميم في إزالة آلية الساعة الثقيلة التي يبلغ وزنها 11.5 طن ويعود تاريخها إلى عام 1859، وكان الهدف من ذلك تنظيف أجزائها.

وأصبحت 28 لمبة تضيء حالياً أقراص الساعة الأربعة، مع درجات ألوان بين الأخضر والأبيض لتصبح مشابهة قدر الإمكان لمصابيح الغاز التي كانت مُستخدمة خلال العصر الفيكتوري.

وثُبتت لمبة أخرى بيضاء فوق الأجراس للإشارة إلى موعد انعقاد البرلمان.

وقبل أعمال الترميم كان المسؤولون عن عمل الساعة يتحققون من دقة وقتها باستخدام الهواتف. أما اليوم فأصبحوا يستطيعون التحكم في ذلك من خلال نظام “جي بي أس” طوّره مختبر الفيزياء الوطني.

إلا أنّ طريقة ضبط الساعة لا تزال تقليدية جداً، إذ تُستخدم عملات معدنية قديمة لإضافة أوزان أو إزالة أخرى من النوابض الضخمة للساعة، ما يتيح إضافة أو خسارة ثانية واحدة.

ومع اقتراب موعد انتهاء الـ60 دقيقة يضع المسؤولون عن أعمال الترميم سدادات أذن وخوذات لإجراء اختبار جديد لبيغ بن.

وعند الساعة السابعة صباحا تدق ساعة بيغ بن -التي تشكل رمزا ثابتا في بريطانيا المضطربة سياسيّا- سبع مرات لتصدح أصوات تصمّ الآذان.

إلا أنّ إيان ويستوورث وزميله أليكس جيفري البالغ من العمر 35 سنة لم يتوقفا عن العمل.

ويقول جيفري “يوميّا أشارك في عملية تجديد يدوية مستعينا بالتكنولوجيا والفن والأعمال الحرفية. هذه أفضل وظيفة في العالم”.

20