"صوت الهجانة".. سباقات الإبل في السودان على وقع الأهازيج

الحكومة ترفض مشاركة الجمالة السودانيين في المنافسات الخارجية.
الثلاثاء 2022/02/22
رياضة متوارثة

تعتبر سباقات الإبل تقليدا متوارثا في العديد من الدول العربية وخاصة منها الخليجية ومصر، وعلى الرغم من أن السودان ينظم مثل هذه السباقات إلا أن الحكومة ترفض مشاركة جمالها في السباقات الخارجية بدعوى الحفاظ على السلالات الجيدة للثروة الحيوانية وخوفا من بيع الإناث بعد نهاية المنافسات وعدم عودتها إلى البلاد.

كسلا (السودان) - على مضمار بطول ستة كيلومترات في منطقة أبوطلحة غرب مدينة كسلا شرقي السودان، تنافست أكثر من 500 من الإبل بمشاركة عربية، ضمن النسخة الأولى من مهرجان “صوت الهجانة” بهدف الحفاظ على تراث الأجداد ومطالبة الحكومة بالسماح بالمشاركة في منافسات خارجية.

هذا السباق شاركت فيه دول عربية منها مصر والإمارات، وانطلق الخميس واختتمت فعالياته الجمعة، بحسب اللجنة المنظمة.

وأحرزت 21 من الإبل البكار (إناث) والقعدان (ذكور) المركز الأول بالتنافس في مسافات شملت 6 و5 و4 و3 كيلومترات وكيلومترين.

ويُطلق على الذكور من الإبل منذ ولادتها وحتى عمر خمس سنوات “قعدان”، فإذا تجاوزتها فهي “زمول”.

توشيح الهجن الفائزة وتتويجها بأعشاب ذات رائحة جميلة تتكون من الزعفران والمسك وماء الورد ومواد عطرية أخرى

فيما يُطلق على الإناث منذ ولادتها وحتى عمر خمس سنوات “بكار”، فإن تجاوزتها فهي “حول”، ويُسمى شوط السباق باسم الهجن المشاركة فيه.

وعلى خط نهاية التنافس في مضمار أبوطلحة انطلقت أهازيج الفرح مصحوبة بأصوات أبواق سيارات لم تفارق الإبل في ركضها نحو منصة التتويج، ليهتف الفائزون مرددين اسم الإبل الفائزة مع إعلان لجنة التحكيم عن الفائزين.

والإبل الفائزة هي شودة، الهارب، النسيم، الوارد، زعزعة، الشرقي، درة شندي، مرحب، الشامخة، الهلالي، احتلال، الفنجري، طرب، قدارة، التداوي، عايرة، الطائر، عجائب، منور، أسيل والشامخة.

وخصصت اللجنة المنظمة عطورا من الزعفران للإبل الفائزة، إذ يتم توشيح رأس الهجن الفائزة وتتويجها بأعشاب ذات رائحة جميلة تتكون من الزعفران والمسك وماء الورد ومواد عطرية أخرى بلون أصفر فاقع.

وقال الناطق باسم مهرجان “صوت الهجانة” نافع بن بهلول إنه تم تقديم جوائز تتمثل في سيارتين وسيوف وكؤوس وبندقية ومبالغ نقدية للفائزين الخميس والجمعة.

ودعا المشاركون في المهرجان الحكومة السودانية إلى تسهيل مشاركتهم في المنافسات الخارجية.

وفي الثاني والعشرين يوليو 2019 أصدرت السلطات قرارا بمنع تصدير إناث المواشي الحية بكل أنواعها (ضأن، ماعز، إبل، أبقار وأخرى) بهدف الحفاظ على السلالات الجيدة للثروة الحيوانية.

الفائز يحظى بالشعبية والتكريم
الفائز يحظى بالشعبية والتكريم

وقال الطيب حامد العبيد (48 عاما) وهو أحد المشاركين من نادي “المرخيات” في أم درمان بالعاصمة الخرطوم إن “الإبل التي تشارك في هذا المهرجان لا تصلح لإنتاج اللبن واللحوم، وإنما تصلح للمشاركة في المسابقات وللسباق”.

وأردف العبيد “نحن نطالب الحكومة بتسهيل والسماح لنا بالمشاركة في المنافسات الخارجية”.

وثمة مخاوف حكومية من بيع إناث الإبل خارج السودان بعد نهاية المنافسات وعدم عودتها إلى البلاد.

وقال سكرتير عام نادي “أبودليق” في الخرطوم إيهاب بشير النور علي “شعورنا طيب جدا بلم شمل الهجانة، ونحن جئنا للمشاركة في التنافس من كل ولايات السودان، جئنا من غرب شمال كردفان إلى شرق السودان، وسعدنا أيما سعادة بهذا المهرجان”.

وتابع علي، وهو من أعضاء لجنة تحكيم المهرجان، أن “الحكومة تمنع السفر إلى خارج السودان، تلقينا دعوات عديدة للمشاركة في منافسات خارجية من دول الكويت وقطر والإمارات والسعودية، ولكن الحكومة رفضت المشاركات الخارجية”.

وأضاف “نحن الهجانة نرتب هذه الإبل ترتيبا صحيحا، الناقة المنتجة عند ولادتها نستخرج لها شهادة ميلاد بتاريخ مولدها من نادي الهجانة المعتمد في الولايات السودانية”.

أما مدير إدارة الرياضة في ولاية كسلا مكي الأزرق فقال إن “هذا السباق من مصادر الثروة الهائلة، وهذه الولاية تحتوي على ثروة هائلة ينبغي الانتباه إليها، وهي تدفع بالاقتصاد السوداني”.

كما قال الحسن محمد حامد العليلي الرشيدي (70 عاما)، أحد المشاركين في المهرجان “نحن هنا منذ عام 1968، لدينا هذه الثروة الحيوانية التي لا نتنازل عنها، وهي كانت تشارك في مسابقات خارجية، في دولة الإمارات كانت تأخذ الجوائز الأولى في المسابقات”.

الإبل التي تشارك في المهرجان لا تصلح لإنتاج اللبن واللحوم وإنما تصلح فقط للمشاركة في السباقات ولا حاجة لمنعها من السفر
الإبل التي تشارك في المهرجان لا تصلح لإنتاج اللبن واللحوم وإنما تصلح فقط للمشاركة في السباقات ولا حاجة لمنعها من السفر

وسباق الهجن أو الهجانة رياضة عربية توارثتها الأجيال، وهي مشهورة بين العرب في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في منطقة شبه الجزيرة العربية بالإضافة إلى أفريقيا وأستراليا.

وتحرص بعض الدول وخاصة السعودية والإمارات وقطر والأردن وسلطنة عمان ومصر على إقامة سباقات ومهرجانات الإبل.

وحول تاريخ سباق الهجن في السودان والمشاركات الخارجية، قال الناطق باسم مهرجان “صوت الهجانة” إن “سباق الهجن بدأ في البلاد منذ الاحتلال الإنجليزي في منطقة جوز رجب بشمال مدينة كسلا، وكانت الجائزة كوبا من الذهب”.

وأفاد بتأسيس أول مضمار للسباق في منطقة مستورة بولاية كسلا عام 1981، قبل أن يتحول إلى مضمار أبوطلحة حاليا الذي تأسس عام 1996 بهذه الصورة.

وتابع “أول اتحاد للهجن السوداني كان عام 1998، وتوجد ميادين لسباق الهجن في ولايات الخرطوم ونهر النيل (شمال) والبحر الأحمر (شرق) وشمال كردفان وشمال دارفور (غرب)”.

ولفت بن بهلول إلى “مشاركة الهجن السودانية في سباق الجنادرية السعودي عام 1974 بالرياض”.

وأردف أن “مضمار الشيخ زايد آل نهيان بشرق النيل في ولاية الخرطوم استضاف أول سباق هجن بدعم من الإمارات وسط حضور رسمي وشعبي في التاسع من سبتمبر 2017”.

وزاد بأن السودان تلقى دعوة من الاتحاد السعودي للمشاركة في مهرجان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عام 2019، لكن لم يشارك فيه “بسبب قرار الحظر الحكومي”.

18