صلة قوية بين سلوك قلة الحركة والعافية الذهنية

يؤثر عدم النشاط لدى الأفراد على صحتهم الذهنية حيث إن قلة الحركة والجلوس لفترات طويلة سواء للعمل المكتبي أو لمشاهدة التلفاز يسببان الإجهاد والقلق والإرهاق الذهني. وأشار الخبراء إلى أن 15 دقيقة فقط من الحركة يمكن أن تبدأ في عكس هذه التأثيرات، وأن تساعد في تحسين الصحة الذهنية ومستويات الإجهاد.
دبي – كشفت دراسة الحالة الذهنية العالمية لعام 2024، التي أجرتها شركة أسيكس، وشارك فيها 26 ألف شخص، عن وجود صلة قوية بين سلوك قلة الحركة والعافية الذهنية، مع انخفاض درجات الحالة الذهنية كلما طالت فترة عدم النشاط لدى الأفراد.
على الصعيد العالمي، أفاد الأشخاص، الذين يقضون مدة تتراوح بين 10 و12 ساعة يوميا جالسين، بأن درجة حالتهم الذهنية كانت أقل بكثير (62/100) مقارنة بالأشخاص الذين يقضون مدة تتراوح بين 4 و6 ساعات فقط يوميا جالسين (66/100).
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، أفاد الأشخاص، الذين يقضون مدة تتراوح بين 9 و10 ساعات يوميا جالسين، بأن درجة حالتهم الذهنية كانت أقل بكثير (62 /100) مقارنة بالأشخاص الذين يقضون مدة تتراوح بين 4 و6 ساعات فقط يوميا جالسين (67/100).
الذين يقضون يوم عمل كاملا باستمرار على مكاتبهم (8 ساعات أو أكثر) يشهدون زيادة في مستويات الإجهاد بنسبة 25 في المئة مقارنة بمن يأخذون استراحة بعد أربع ساعات من العمل على مكاتبهم
في المملكة العربية السعودية، أفاد الأشخاص الذين يقضون مدة تتراوح بين 11 و12 ساعة يوميا جالسين بأن درجة حالتهم الذهنية كانت أقل بكثير (65/100) مقارنة بالأشخاص الذين يقضون مدة تتراوح بين 4 و6 ساعات فقط يوميا جالسين (77/100).
وتوصلت أبحاث أخرى حول العمل المكتبي إلى أن درجات الحالة الذهنية للأشخاص تبدأ في الانخفاض، في حين ترتفع مستويات الإجهاد لديهم، بعد ساعتين فقط من العمل المكتبي المستمر.
حصل مَن يعملون لمدة تصل إلى ساعتين متواصلتين على مكاتبهم على درجة حالة ذهنية تبلغ 62/100، في حين حصل مَن يعملون على مكاتبهم لمدة 6 ساعات متواصلة أو أكثر على درجة حالة ذهنية أقل بلغت 59/100.
بعد أربع ساعات من العمل المكتبي المتواصل، ارتفعت درجات الإجهاد بصورة ملحوظة بنسبة 18 في المئة (من 49/100 إلى 58/100).
وأفاد الأشخاص الذين يقضون يوم عمل كاملا باستمرار على مكاتبهم (8 ساعات أو أكثر) بزيادة في مستويات الإجهاد بنسبة 25 في المئة مقارنة بمن يأخذون استراحة بعد أربع ساعات من العمل على مكاتبهم.
ومع ذلك، فقد خلصت تجربة الاستراحة المكتبية الجديدة من أسيكس إلى أن 15 دقيقة فقط من الحركة يمكن أن تبدأ في عكس هذه التأثيرات، وأن تساعد في تحسين الصحة الذهنية ومستويات الإجهاد والإنتاجية.
ولكن عندما أضاف أصحاب الأعمال المكتبية قليلو الحركة 15 دقيقة فقط من الحركة إلى يوم عملهم، ارتفع متوسط درجات الحالة الذهنية للمشاركين بنسبة 22.5 في المئة. وارتفع متوسط مستويات الثقة بنسبة 13.3 في المئة، وتراجعت مستويات القلق بنسبة 12 في المئة، وانخفضت مستويات الإجهاد المتصورة بنسبة 14.7 في المئة. كما انخفضت مستويات الإجهاد الموضوعية، والتي جرى قياسها من خلال تغير معدل ضربات القلب، بنسبة 13.3 في المئة.
وارتفعت الإنتاجية بنسبة 33.2 في المئة وتحسّن التركيز بنسبة 28.6 في المئة، مما يوضح تأثير 15 دقيقة فقط من التمارين الرياضية خلال يوم العمل على الأداء.
أخذ استراحة مكتبية يومية لمدة أسبوع واحد فقط أدى إلى حدوث انخفاض مستمر في الإجهاد، حيث يشعر بأنه أكثر استرخاء بنسبة 33.3 في المئة، وأكثر هدوءا ومرونة بنسبة 28.6 في المئة
وفي الواقع، فقد أدى أخذ استراحة مكتبية يومية لمدة أسبوع واحد فقط إلى حدوث انخفاض مستمر في الإجهاد، حيث أفاد المشاركون بأنهم شعروا بأنهم أكثر استرخاء بنسبة 33.3 في المئة، وأكثر هدوءا ومرونة بنسبة 28.6 في المئة.
وبالإضافة إلى تحديد التأثيرات الذهنية الذاتية للنشاط البدني على أصحاب الأعمال المكتبية بدقة، درست التجربة أيضا بيانات موضوعية حول تأثير الحركة على الدماغ باستخدام مسح تخطيط كهربية الدماغ للمشاركين.
وقبل ممارسة التمارين الرياضية، وبعد ثلاث ساعات من العمل المكتبي، أظهر الدماغ نقصا كبيرا في موجات ثيتا وألفا، مما يشير إلى مستويات عالية من الإجهاد والقلق والإرهاق الذهني.
ولكن بعد أخذ استراحة لمدة 15 دقيقة للتحرك، قلّ هذا النقص، مما يدل على أن التمارين الرياضية تساعد الدماغ على الاسترخاء، وتقلل من القلق، وتعيد تنشيط العمليات الذهنية.
وأعرب المشاركون عن التأثير الإيجابي الذي تحدثه فترات الراحة للتحرك على ولائهم لمكان عملهم. وأعرب 79.2 في المئة من المشاركين عن أنهم سيكونون أكثر ولاءً لعملهم إذا قُدمت لهم فترات راحة منتظمة للتحرك. وعندما أُدخلت فترات للراحة من أجل التحرك، زادت سعادة المشاركين في مكان العمل بنسبة 24.7 في المئة.
وأُجري بحث عالمي في سبتمبر 2024 لاستكشاف تأثير العمل المكتبي اليومي والمستمر على الحالة الذهنية أكثر. كما استُطلعت آراء أكثر من 7 آلاف من أصحاب الأعمال المكتبية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا واليابان وهولندا وألمانيا والبرازيل. واتبعت الدراسة نفس مبادئ مؤشر الحالة الذهنية العالمية، مع التركيز على أصحاب الأعمال المكتبية.
أُجريت تجربة الاستراحة المكتبية من أسيكس بقيادة البروفيسور بريندون ستابز من كينجز كوليدج لندن وجامعة فيينا، وهو باحث رائد في مجال الحركة والحالة الذهنية، حيث وجهت دعوة لأصحاب الأعمال المكتبية في 16 دولة للمشاركة في تجربة مدتها أسبوعان.
- المشاركون: أصحاب الأعمال المكتبية من البالغين الذين يقضون أكثر من 6 ساعات يوميا في العمل على مكاتبهم.
- التجربة: جُمعت كل من المقاييس الذاتية، التي أبلغ عنها المشاركون (مثل الحالة الذهنية والإجهاد المتصور والإنتاجية والتركيز المتصورين) والمقاييس الموضوعية المسجلة باستخدام تطبيق “فت بت” (بما في ذلك درجة الإجهاد وعدد الخطوات وتقلب معدل ضربات القلب) وتخطيط كهربية الدماغ (نشاط الدماغ).
خلال الأسبوع الأول، تابع المشاركون روتين عملهم المعتاد دون أي فترات راحة أثناء ساعات العمل. وخلال الأسبوع الثاني، طُلبت منهم ممارسة التمارين الرياضية لمدة 15 دقيقة بعد ثلاث إلى أربع ساعات من العمل.
درجة الحالة الذهنية هي عبارة عن درجة من 100، تُحتسب على أساس متوسط الدرجات التراكمية لعشر سمات معرفية وعاطفية، هي: التفاؤل والرضا والاسترخاء والتركيز ورباطة الجأش والمرونة والثقة بالنفس والانتباه والهدوء والنشاط. وقد أصبحت طبيعة الحياة لدى العديد من الأفراد تتسم بالخمول وقلّة الحركة والنشاط البدني نتيجة ظروف الحياة المختلفة.
فمثلا، يتطلب عمل بعض الأشخاص الجلوس لفترات طويلة واستهلاك طاقة منخفضة، بينما يقضي بعض الأشخاص وقتا طويلا في مشاهدة التلفاز أو لعب الألعاب الإلكترونية مما يؤدي إلى قلة الحركة.
كما تساعد التكنولوجيا وتطورها وتوفرها على الحدّ من حركة الأفراد، فمثلا تُغني وسائل النقل الحديثة مثل السيارات والقطارات عن المشي.
وتجدر الإشارة إلى أن قلة النشاط البدني وعدم الحركة قد يؤديان إلى ظهور العديد من المشاكل الصحية والتي قد تكون خطيرة في بعض الأحيان كارتفاع الكوليسترول أو السكتات الدماغية، ويزيدان من احتمالية الإصابة ببعض أنواع السرطان مثل سرطان القولون، أو سرطان الثدي، كما قد يزيدان من احتمالية الإصابة بالموت المبكر.