صفاقس، المنصة الأولى لانطلاق قوارب الهجرة من تونس إلى إيطاليا

المهاجرون يختارون مدينة صفاقس لأن صناعة المراكب فيها متطورة، وبها أكبر ميناء صيد بحري في البلاد.
الأربعاء 2022/11/02
حوادث الغرق لا تحد من الظاهرة المتفاقمة

تونس - لا تزال قوارب الموت في تونس تقل مهاجرين غير نظاميين سرا إلى ضفاف ما يأملون أن تكون “حياة أفضل”، بل يتضاعف عددهم من سنة إلى أخرى بمختلف أجناسهم وجنسياتهم، رغم حوادث الغرق التي تخلف عدة ضحايا ممن تنتهي رحلتهم في عرض البحر.

وتمثل محافظة صفاقس جنوب تونس المنصة الأهم لانطلاق قوارب الهجرة غير النظامية نحو أقرب نقطة من السواحل الإيطالية في جزيرة صقلية. وتستغرق رحلة المهاجرين عبر البحر 22 ساعة انطلاقا من صفاقس وصولا إلى جزيرة “لمبيدوزا” جنوبي صقلية.

وتحدث مدير إقليم الحرس البحري بصفاقس العميد صابر يونس عن أسباب اختيار أغلب المهاجرين غير النظاميين لسواحل صفاقس دون غيرها نقطة انطلاق لرحلاتهم.

وقال يونس "يختارون صفاقس لأن صناعة المراكب فيها متطورة، وبها أكبر ميناء صيد بحري بالجمهورية، وعدد العارفين بالبحر فيها كبير جدا". وأضاف "المهاجرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء الموجودون في صفاقس بكثافة، هدفهم الوحيد هو العبور للضفة الأخرى، فهم يعتبرون صفاقس نقطة تزود بالمال اللازم للعبور لا أكثر". ولمواجهة هذه الظاهرة، أكد يونس "ضرورة توفير الإمكانيات اللوجستية والتقنية اللازمة"، على حد قوله.

وكشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (غير حكومي)، أن أكثر من 13 ألف مهاجر تونسي غير نظامي وصلوا إلى السواحل الإيطالية هذا العام على متن قوارب في أول تسعة أشهر من عام 2022. وهو ما يمثل زيادة 23 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما توفي وفقد أكثر من 500 مهاجر في عرض البحر خلال الفترة نفسها.

قوراب الموت جاهزة في كل مكان بانتظار ضحاياها

وقال الناطق باسم المنتدى رمضان بن عمر، في تصريحات صحفية منتصف سبتمبر الماضي، إن أكثر من 13.449 مهاجر تونسي وصلوا إلى سواحل إيطاليا منذ بداية 2022، منهم 2600 قاصر و640 امرأة و500 أسرة.

وأوضح بن عمر أن "السلطات منعت أكثر من 23 ألفا و217 مهاجرا غير نظامي من الوصول إلى السواحل الإيطالية عبر إحباط أكثر من 1890 عملية اجتياز منذ بداية العام الجاري". وأردف “موجات الهجرة غير النظامية خلفت مأساة إنسانية، إذ فُقد أكثر من 507 مهاجرين منذ بداية السنة الجارية على السواحل التونسية".

وأكد أن الأزمة الاقتصادية والسياسية الحادة في البلاد وراء هذا الارتفاع الكبير في عدد المجتازين.

رسميا، أكدت وزارة الداخلية التونسية اعتراضها أكثر من 22 ألفا و500 مهاجر قبالة سواحل البلاد منذ بداية العام الحالي، بينهم نحو 11 ألفا من دول أفريقيا جنوب الصحراء. وتحدث رئيس فرقة الحرس البحري بصفاقس الرائد رمزي العلاني عن المشاكل التي تواجههم أثناء مطاردة قوارب الهجرة غير النظامية.

وقال العلاني "يأتي في مقدمة هذه المشاكل عدم امتثال المجتازين للتوجيهات الأمنية، بل وغالبا يتهجمون على الدوريات". وأضاف "القوارب الحديدية ظاهرة جديدة في صفاقس والتعامل معها صعب لأنه يسهل انزلاقها ووقوعها في البحر".

فيما كشف قائد خافرة بحرية يدعى الرائد برهان أنه في الليلة الفاصلة بين السادس والعشرين والسابع والعشرين من أكتوبر الماضي تمكنت الوحدة البحرية الأولى والثالثة بصفاقس من إحباط 3 عمليات اجتياز للحدود البحرية خلسة ونجدة وإنقاذ 120 مجتازا من دول أفريقيا جنوب الصحراء.

وأردف "أما بالنسبة إلى الليلة الفاصلة بين السابع والعشرين والثامن والعشرين من أكتوبر، فتمكنا من إحباط 4 عمليات اجتياز للحدود البحرية خلسة ونجدة وإنقاذ 160 مجتازا من دول أفريقيا جنوب الصحراء".

◙ الأزمة التي تمر بها تونس تدفع الآلاف من العاطلين إلى الهجرة غير النظامية على الرغم من حوادث الغرق الجماعية المتكررة هذا العام

وتقول آنا ديالو وهي مهاجرة من كوت ديفوار "عمري 40 سنة وأنا وحيدة هنا وأنفق على أمي وابنتي في بلدي". وأضافت "منذ 6 سنوات أعمل معينة منزلية في صفاقس، وهو عمل غير منظم ولا مربح، هذه المرة الرابعة التي أحاول فيها اجتياز الحدود خلسة ودائما ما أخسر أموالي وأعود إلى العمل من الصفر".

وأردفت آنا "أريد فقط مغادرة تونس للعمل في أوروبا وتوفير المال لأتمكن من رؤية ابنتي، فلا أستطيع العودة الآن إلى بلادي لأن علي واجبات يجب تسديدها".

فيما قالت مهاجرة أخرى من دول أفريقيا جنوب الصحراء تدعى كامارا أمي "أتيت إلى صفاقس منذ سنتين، أنا يتيمة الأب والأم، وقد تركت أخي مريضا في بلادي".

وأضافت "لذلك أريد الهجرة إلى أوروبا لأرسل أموالا علاجه، لكن كلما أردت العبور أعادني الحرس البحري التونسي وهذه هي المحاولة الثالثة التي أفشل فيها".

مهاجر آخر يدعى محمد من غامبيا يبلغ من العمر 27 سنة قال “أردت الهجرة لمساعدة أسرتي لأنها تعيش في ظروف صعبة جدا، وأنفقت كل ما لدي لأستطيع السفر إلى إيطاليا لكن مشيئة الله قضت عكس ما أردت".

وتمر تونس بأزمة اقتصادية واجتماعية حادة تهدد بإفلاس المالية العامة حيث بلغ التضخم 8.6 في المئة وهو أعلى مستوى تسجله منذ ثلاثة عقود. وتدفع الأزمة الآلاف من العاطلين إلى الهجرة غير النظامية على الرغم من حوادث الغرق الجماعية المتكررة هذا العام.

كل ينتظر دوره لمغادرة المكان.. لكن لا أحد يتوقع العواقب
كل ينتظر دوره لمغادرة المكان.. لكن لا أحد يتوقع العواقب 

6