صراع بين فناني الـ"أنيم" في أوروبا والذكاء الاصطناعي

الصور المتحركة بتقنيات التكنولوجيا تشعل نزاعات ملكية فكرية جديدة.
الخميس 2024/06/27
الذكاء الاصطناعي يسرق جهد المبدعين

يواجه الفنانون الأوروبيون المختصون في الرسوم المتحركة معضلة استيلاء الذكاء الاصطناعي على هذا الفن الذي يسحر قلوب الأطفال في جميع أرجاء العالم، متسائلين عما إذا كانت التكنولوجيا ستساعد الإبداع أو تعيقه، خصوصا وأنهم يعتقدون أن الشركات التكنولوجية استفادت من عملهم دون إذن أو لم تقم بتقديم تعويضات لهم.

بروكسل - تعرض بروكسل التي تعد موطنا لأبطال الرسوم المتحركة (من تان تان إلى السنافر) تراثها الكرتوني عبر جداريات المدينة، لكن الأمور لا تسير كما يجب في القطاع.

ففي صناعة يصور فيها رسامو الرسوم المتحركة بشكل روتيني معارك ملحمية بين الأبطال الخارقين والأشرار، يخوض فنانو الرسوم المتحركة الأوروبيون الآن معركتهم الخاصة، ويتصدون لخصم جديد مجهول الهوية ألا وهو الذكاء الاصطناعي.

ويبقى فن الذكاء الاصطناعي في منطقة قانونية رمادية، مما يشعل نزاعات ملكية فكرية جديدة في مجال سريع النمو ومتغير باستمرار.

ولا تغطي قوانين حقوق الطبع والنشر في الاتحاد الأوروبي مجال الذكاء الاصطناعي، مما يدفع بعض الرسامين إلى التساؤل عما إذا كانت التكنولوجيا ستساعد الإبداع أو تعيقه، وتطرح السؤال الشائك حول ما إذا كانت أدوات الذكاء الاصطناعي منخفضة التكلفة ستحل في النهاية محل الفنانين البشر.

ويقضي الفنانون سنوات لصقل مهاراتهم، بينما تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل “ميدجورني”، خوارزمية التعلم الآلي المدربة على صور الفنانين لتوليد الصور في دقائق.

دور نشر الكتب المصورة تستعد للجوء إلى القضاء عند اعتماد قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة بموجب قانون الذكاء الاصطناعي

وأكد غوتييه فان ميربيك، مدير تحرير ليلومبارد، أن الذكاء الاصطناعي في صناعة الكتب المصورة الأوروبية لاقى “رفضا كاملا”.

وتعدّ شركته ناشرة مغامرات تان تان الأسطورية، التي تصور قصص مراسل صبي جريء. وانطلق نشر قصصه منذ حوالي قرن.

وألّف كاتب القصص البلجيكي الشهير هيرجي (اسمه الحقيقي جورج ريمي) مغامرات تان تان، وأصبح معروفا بشعره الأشقر مع أصدقائه الأربعة وكلبه. ويعدّ رمزا فيما أصبح الآن صناعة عالمية.

وقال فان ميربيك “يُصنع الفن بالسرقة من الفنانين. لذلك لا يمكن لي، بدافع أخلاقي، المشاركة في هذا أبدا”.

على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي، أثارت ديزني الجدل في يونيو 2023 باستخدام صور صنعها الذكاء الاصطناعي في مسلسل مارفل الذي يحمل عنوان “الغزو السري”.

ولاقى ازدهار الذكاء الاصطناعي التوليدي موجة من الدعاوى القضائية الأميركية.

ورفع فنانون يقولون إن الذكاء الاصطناعي استفاد من عملهم دون إذن أو تعويض قضايا، استنادا إلى حقوق الطبع والنشر، ضد شركات التكنولوجيا البارزة (من أوبن أيه آي المدعومة من مايكروسوفت إلى ميتا بلاتفورمز).

فن شغل الكبار قبل الصغار
فن شغل الكبار قبل الصغار

وتستعد دور نشر الكتب المصورة الأوروبية للجوء إلى القضاء عند اعتماد قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة بموجب قانون الذكاء الاصطناعي في 2025، مما يجبر شركات التكنولوجيا على التحلي بالشفافية بشأن مدخلات التدريب ويجعلها معرضة لدعاوى حقوق النشر المحتملة.

وقال كوينتين ديشانديليه، المستشار القانوني في اتحاد الناشرين الأوروبيين، “إنه أمر مهم للناشرين”. وأضاف إذا كنت ترغب في التقاضي فأنت بحاجة إلى “معرفة ما هو تحت الغطاء”.

ويرى أن القانون القادم قد يدفع شركات التكنولوجيا نحو اتفاقيات الترخيص لتعويض الفنانين إذا اعتُمد عملهم لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ومع توسع التدقيق بشأن حقوق الطبع والنشر، وقّعت العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى التي دربت الذكاء الاصطناعي باستخدام عمل الآخرين بالفعل صفقات ترخيص المحتوى مع منافذ إعلامية، مثل أوبن أيه آي مع فاينانشل تايمزوغوغل مع نيوزكورب.

لكن بعض الناشرين والمؤلفين يخشون “التخلي عن مفاتيح المملكة”، حسب عبارات ديشانديليه، بسبب المخاوف من إغراق الأسواق بالذكاء الاصطناعي.

Thumbnail

بعيدا عن قاعات المحاكم، يتساءل الفنانون عما إذا كانوا سيعتمدون الأدوات الجديدة أو يرفضونها.

أما الفنان البلجيكي مارنيكسفيردوين، الذي يحمل الاسم المستعار نيكس، فيصف نفسه بأنه مهندس الكمبيوتر الذي “أصبح بالصدفة فنان قصص مصورة”.

واختار تدريب خوارزمية توليدية على رسومه الخاصة، مازحا أنه تمنى العثور على من يعوّضه ليتمكن من قضاء المزيد من الوقت على الشاطئ.

لكن زملاءه الفنانين لم يجدوا الأمر مضحكا، خاصة عندما ظهر نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي دال-إي في 2021. ومثلت تلك النقطة لحظة فاصلة بالنسبة لهم.

وقال،”لقد كانت قوتها صادمة. وهذا يدفع بي إلى الاعتقاد أن الكثيرين لن يحصلوا على وظائف في المستقبل”.

وأشارت إحصاءات طلبتها المفوضية الأوروبية أن القطاع الثقافي في القارة وظف 7.7 مليون شخص في 2022، بينما بلغ صافي مبيعاته حوالي 448 مليار يورو (481.51 مليار دولار) في 2021.

ويعتقد نيكس أن استخدامه للذكاء الاصطناعي (تولي مهام منخفضة المهارات ومتكررة) “مدمر بهدوء” لكنه ضروري لمواكبة المنافسة من عمالقة الكتب المصورة اليابانية والأميركية.

Thumbnail

ويشعر خريجو الفنون الجدد بالقلق إزاء الوظائف الصغيرة التي كان بإمكانهم شغلها، حيث استولت عليها التكنولوجيا.

وقالت سارة فاندرهاجن، “إنها رخيصة وسريعة وتُغني عن الحاجة إلى البشر، وتقتل أي شكل من الاجتهادات الفنية في الصناعة”.

وذكرت البلجيكية البالغة من العمر 24 عاما أن تجربتها مع الذكاء الاصطناعي خلال فترة تدريب تركتها محطمة، مما أجبرها على إعادة النظر في خياراتها وجعلها تحصل على درجة علمية في علم الآثار.

وتعمل على قصة مصورة في أوقات فراغها، وترى في الذكاء الاصطناعي طريقا مختصرا زائفا مدعوما بخوارزمية لا يمكن أن تجاري قدرة الفنان على ترجمة المشاعر على الورق.

وتعدّ هذه نقطة يتفق فيها الفنانون والناشرون.

ويرى فان ميربيك أن القصص المصورة آمنة في الوقت الحالي لكونها صيغة معقدة بالنسبة للنسخة الحالية من الذكاء الاصطناعي التوليدي. وأضاف “يمكنني اكتشاف الصور التي يصنعها الذكاء الاصطناعي على الفور”.

ويعتبر نيكس أن الإنسان هو المتحكم بينما يبقى الذكاء الاصطناعي مجرد أداة. وقال، “إنه مجرد كوكتيل من الأفكار المسروقة من شخص ما. أرى الرياضيات في الذكاء الاصطناعي، بلا روح”.

16