صراع الائتلافات يقسّم البرلمان المصري قبيل جلسته الأولى

القاهرة - كشفت مصادر سياسية لـ“العرب” أن تصاعد حدة الخلافات بين القوى والأحزاب المختلفة التي دخلت البرلمان المصري قبيل بدء جلساته بأيام قليلة، يرجع إلى هشاشتها السياسية، وضعف بنيانها الداخلي.
وكانت التجاذبات بين قيادات التحالف وبعض الأحزاب احتدمت الأيام الماضية، وشهدت تراشقات عنيفة، وصلت إلى حد التشكيك في النوايا السياسية، مع أن بعضهم خاض الانتخابات البرلمانية تحت راية واحدة، هي “في حب مصر” وتقاسموا 120 مقعدا في ما بينهم.
وينذر هذا المشهد العبثي بأن مستقبل مجلس النواب الجديد، قد يكون ساحة لتصفية الحسابات السياسية بين الأحزاب المصرية.
وكان محمد بدران، رئيس حزب مستقبل وطن، الحائز على 51 مقعدا أعلن انسحاب الحزب من ائتلاف دعم مصر وهو ما وصفه مراقبون بالمفاجأة السياسية، خاصة أن حزبه يعتبر المكون الأكبر للتحالف.
وتوقع خبراء أن تسعى الأحزاب المنسحبة من تحالف دعم مصر إلى تشكيل ائتلاف مضاد، بحيث يكون هناك أكثر من كتلة برلمانية تحت القبة، ولا يسيطر أحد على أعمال البرلمان، الأمر الذي يكون مريحا للنظام الحاكم، لأن هذا الوضع يعفيه من الاستجابة لضغوط كتلة أو حزب بعينه.
ورجّح مراقبون احتمال تكوين تحالف يجمع حزب المصريين الأحرار ومستقبل وطن والوفد، الذي رفضت هيئته العليا في اجتماعها مساء الأحد الماضي الانضمام إلى تحالف دعم مصر، وأعلنت عن تأسيس ائتلاف جديد يحمل اسم “ائتلاف الأمة المصرية”.
وقال طارق التهامي، عضو الهيئة العليا للوفد، لـ“العرب” إن الحزب يسعى لتشكيل تحالف قوي تحت قبة البرلمان ويرحب بالتنسيق مع المستقلين والكتل الحزبية الأخرى. وأوضح أن التحالف لن يسعى لإذابة الكيانات الحزبية، وأن الوفد بدأ اتصالات مع حزب مستقبل وطن بعد انسحابه من تحالف دعم مصر. واستبعد ما تردد بشأن انضمام حزب المصريين الأحرار إلى تحالف الوفد، نظرا للخلافات السياسية بين الحزبين.
من جانبه، أكد أحمد أكرم، الأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن، أن حزبه يرحب بأي تحالف محترم يقدر مكانة الحزب وتأثيره في الحياة السياسية. وأوضح لـ“العرب” أن حزبه ليست لديه مشاكل في التحالف مع أي حزب، قائلا “سندرس العروض التي تصلنا من حزبي المصريين الأحرار والوفد”.
وكشف أن الاختلاف مع تحالف دعم مصر جاء بسبب عدم مشاركة الحزب في إدارة الائتلاف، رغم أن مستقبل وطن الحزب الأكبر في مكونات التحالف الذي يقوده اللواء سامح سيف اليزل.
وأكد حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تحالف دعم مصر لا يمكن أن يصمد في ظل المتغيرات السياسية، مستبعدا أن يكون له مستقبل، جراء الخلافات الأيديولوجية بين أعضائه. ووصف، في تصريحات لـ“العرب”، مجلس النواب الجديد بـ“المؤقت الذي ينتظر قرار الحل في أي وقت، خاصة إذا أقدم على تعديل الدستور، كما أعلن بعض نوابه”.
|
وقال وحيد عبدالمجيد، رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، والقيادي السابق بجبهة الإنقاذ، إن دعم مصر “ليس ائتلافا أو تحالفا بالمعنى المفهوم، فهو محاولة بائسة للاستحواذ على البرلمان الجديد، سرعان ما تنتهي بالتفكك”.
وأكد لـ“العرب” أن الائتلاف يتم بين أحزاب ينضم إليها مستقلون، وليس العكس، ويتم الاتفاق على برنامج يطلق عليه الحد الأدنى من التوافق بين مكونات التحالف، وهذا الأمر غير موجود داخل دعم مصر.
واعتبر أن انهيار التحالف الذي خطط له مؤسسوه ليكون أغلبية داخل البرلمان، لن يمنع من محاولة تأسيس تحالف جديد، وضم كيانات أخرى لشغل مقاعد المنسحبين.
وعما يتردد بخصوص التحالف الجديد بين حزب الوفد وحزب مستقبل وطن، قال “من الصعوبة تكوين تحالف مستقر بينهما، لوجود تباين في الأهداف والسياسات”، مشيرا إلى أن تشكيلة مجلس النواب تجعل من الصعب حدوث ائتلافات ناجحة، مشددا على أن المسألة لن تزيد على تنسيق المواقف أو ظهور ائتلافات وقتية، حسب الموضوع المطروح للنقاش في البرلمان.
كان حزب المصريين الأحرار شن هجوما شديدا على تحالف دعم الدولة، متهما إياه بالسعي إلى “تدمير الحياة السياسية بشكل عام، والأحزاب بشكل خاص”.
وقال أحمد العناني، عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار “إن ممارسات هذا التحالف تقوض الحياة السياسية والحزبية بالبلاد”. وأوضح في تصريحات لـ”العرب” أن كل الأحزاب تدعم الرئيس عبدالفتاح السيسي، لكن لابد من مراقبة أجهزة الدولة والحكومة لتقويم أدائها، وسط انتشار الفساد داخل الكثير من مؤسسات الدولة.
يبدو أن حزب مستقبل وطن، الذي يقوده الشاب محمد بدران، سيكون الحصان الأسود داخل البرلمان، فقد ألمح العناني إلى احتمال حدوث تحالف معه، وضم بعض المستقلين لتكوين ائتلاف قادر على القيام بدور تشريعي قوي يدعم الحياة الحزبية بمصر.
من جانبه، قال محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب “إن تحالف دعم مصر مازال في طور التكوين، والحديث عن انهياره بسبب انسحاب بعض الأحزاب يحمل نوعا من المبالغة”. وأكد أبو حامد، وهو أحد أعضاء تحالف دعم مصر، أن الهجوم عليه غير مبرر، وعلى الجميع الانتظار حتى بدء جلسات البرلمان، ملفتا إلى أن مستقبل التحالف مرهون بالأداء تحت القبة.
واستبعد أبو حامد حدوث تحالف بين المنشقين عن دعم مصر مثل الوفد ومستقبل وطن مع حزب المصريين الأحرار، مضيفا أن عدم وجود توافق بين هذه الأحزاب سيعرقل الخطوة. ولم يستبعد عودة حزب الوفد ومستقبل وطن مرة أخرى إلى تحالف دعم مصر في ظل سعي عدد من قيادات التحالف للاستجابة لآراء الحزبين وشروطهما للعودة.