صراع إيران وإسرائيل يختبر التحالفات الإقليمية والدولية

الأزمة الحالية بين إيران وإسرائيل تُظهر أن الشرق الأوسط يدخل مرحلة جديدة من إعادة التموضع، حيث تتحكم الحسابات الإستراتيجية الدقيقة في قرارات الفاعلين أكثر من الشعارات أو الاندفاعات العسكرية. وفيما تحاول طهران تجنّب مواجهة شاملة، يراقب حلفاؤها الميدانيون بحذر، وتتحرك القوى الدولية بين التهدئة واستثمار الفوضى.
طهران - بين تصعيد عسكري قابل للانفجار وحسابات سياسية شديدة التعقيد، يقف الشرق الأوسط على حافة مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، مدفوعاً بالمواجهة المتصاعدة بين إيران وإسرائيل.
وفيما تبدو الضربات الجوية، والتحركات التكتيكية، والمواقف العلنية مجرد طبقة سطحية للأحداث، فإن ما يجري في العمق هو إعادة تموضع إقليمي ودولي شاملة، حيث يراقب الفاعلون المحليون والعالميون مجريات الأزمة بعيون مفتوحة على مصالحهم الإستراتيجية ومخاوفهم من الانجرار إلى مواجهة مفتوحة.
ولا يُقاس تأثير هذا الصراع فقط بعدد الصواريخ أو الأهداف المستهدفة، بل بطبيعة ردود الفعل والتحفظات والاصطفافات التي بدأت تتبلور عبر جبهات متعددة: من بيروت وبغداد وصنعاء، إلى بكين وموسكو وبرلين. فالبعض يلوّح بالقوة دون أن يطلقها، وآخرون يطلقونها دون قدرة على السيطرة على نتائجها، بينما توازن قوى كبرى بين مصالحها الاقتصادية وتحالفاتها السياسية.
ويستعرض محللون خارطة المواقف والتفاعلات لأبرز اللاعبين المؤثرين في مشهد المواجهة الراهنة، محللين كيفية تموضعهم، وماذا تعني قراراتهم – أو صمتهم – بالنسبة إلى مستقبل الصراع، ومدى قدرته على التشظي إلى حرب إقليمية أوسع أو العودة إلى حالة الردع المضبوط.
عزلة حزب الله
رغم التوقعات بتحرك سريع من جانب حزب الله اللبناني دعماً لحليفه الإيراني، بدا الحزب وكأنه اختار التريث. فالبيان الخجول الذي أصدره عقب بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران لم يتبعه أيّ تحرك عسكري ملموس، ما يعكس تغيراً في ميزان القوة والتوجهات الداخلية.
وتبدو القيادة في الضاحية الجنوبية الآن مكبّلة بعاملين رئيسيين: أولاً، الخسائر الكبيرة التي مُني بها الحزب بعد فتحه لجبهة الجنوب اللبناني دعماً لحماس في حرب غزة، وثانياً، تغير المزاج الشيعي الداخلي في لبنان، حيث تنامت مشاعر خيبة الأمل تجاه إيران التي التزمت الصمت بينما استهدفت إسرائيل قادة الحزب واحداً تلو الآخر.
وانتهى قرار حزب الله في 2023 بفتح جبهة أخرى في حرب غزة بتدمير معظم بنيته التحتية العسكرية وقيادته. ولا يزال لدى حزب الله بعض الصواريخ والمقذوفات المتبقية، لكن معظم هذه الأسلحة قصيرة المدى، والباقي صعب المناورة لوجستياً مع الطائرات الإسرائيلية المسيّرة التي لا تزال تراقب كل تحركاتهم.
وفي بيئة ما بعد 7 أكتوبر، يفهم قادة حزب الله أن إطلاق صاروخ واحد إضافي على إسرائيل قد يكلفهم ما تبقى من ترسانتهم ومستوياتهم العليا.
ومع اقتراب الانتخابات النيابية، لا يبدو أن قيادة حزب الله مستعدة للمغامرة بما تبقى من نفوذها المحلي.
وبالإضافة إلى هذه النكسات الداخلية، فقد حزب الله عمقه الإقليمي عندما أُطيح بنظام بشار الأسد في سوريا المجاورة.
وتقول الباحثة حنين غدار في تقرير لمعهد واشنطن إن الجماعة أصبحت في عزلة أكبر من أيّ وقت مضى وأعادت تركيزها على الحفاظ على الركيزة الأخيرة لقوتها المحلية: التمثيل السياسي.
الحوثيون: هجمات رمزية
في 15 يونيو، أقل من ثلاثة أيام بعد بدء عملية “الأسد الصاعد”، ادعى الحوثيون اليمنيون إطلاق صواريخ باليستية على إسرائيل في هجوم مشترك مع إيران.
ويرى الباحث نعوم زيدان أنه إذا تكثفت الأزمة، قد تُظهر الجماعة دعمها لراعيها طويل الأمد بإطلاق المزيد من الصواريخ على إسرائيل، أو استئناف الهجمات البحرية في الممرات المائية الإقليمية الحيوية، أو كليهما.
وعلاوة على ذلك، إذا تدخلت الولايات المتحدة بشن ضرباتها الخاصة ضد المنشآت النووية الإيرانية، قد يستهدف الحوثيون الأصول الأميركية في المنطقة، بما في ذلك الشحن التجاري.
ويمكنهم فعل ذلك رغم موافقتهم في مايو على التوقف عن مهاجمة السفن الأميركية مقابل توقف واشنطن عن حملتها العسكرية في اليمن.
وبالإضافة إلى تكثيف إطلاق صواريخهم على إسرائيل، قد يستهدف الحوثيون مناطق يعتقدون أن السفن التجارية الإسرائيلية تعمل فيها، بما في ذلك بحر العرب والمحيط الهندي.
والعام الماضي، هاجموا سفناً تجارية في تلك الممرات المائية بعد استنتاجهم أن السفن مرتبطة بإسرائيل.
ويعتبر احتمال المزيد من هذه الضربات مقلقا نظراً إلى أن سجل الجماعة في التحديد الدقيق للسفن ضعيف في أحسن الأحوال.
وستعتمد طبيعة ونطاق أيّ هجمات بحرية جديدة على مسار الصراع الإيراني – الإسرائيلي، فكلما استمر القتال أطول، زاد خطر اعتماد الحوثيين تكتيكات جديدة تهدد الأرواح وتعطل التجارة العالمية.
ولا يبدو حماسهم لدعم إيران في هذا الصراع مفاجئاً نظراً إلى الدور الذي لعبته طهران في تسليحهم بأسلحة متطورة ومعرفة عسكرية. وإذا انهار النظام في إيران، سيفقد الحوثيون حليفهم الأجنبي الأول ومورّدهم.
وفي ضوء هذه العوامل، يجب على الولايات المتحدة وشركائها مراقبة المخاطر على الشحن في الأيام والأسابيع القادمة عن كثب، ليس فقط في الخليج العربي، بل أيضاً في البحر الأحمر والممرات المائية الأخرى التي في متناول الحوثيين.
وتبقى الجماعة مسيطرة على العبور عبر مضيق باب المندب وقد تقرر تجديد الأعمال العدائية هناك دعماً لإيران.
الميليشيات العراقية
في العراق، حافظت الفصائل المسلحة الموالية لإيران على موقف حذر. وأكدت بيانات مثل تلك الصادرة عن كتائب حزب الله أن إيران قادرة على الرد بمفردها، في حين دعت إلى تركيز الجهود على ردع التدخل الأميركي.
ويقول الباحث مايكل نايتس إن هذا التماسك الظاهري لا يعكس بالضرورة موقفاً مستقلاً، بل يشير إلى تنسيق واضح مع توجيهات إيرانية صارمة لعدم التصعيد. غير أن هذا الصمت قد لا يدوم.
وإذا دخلت الولايات المتحدة على خط المواجهة، قد تُطلق طهران العنان لوحدات “محور المقاومة” لاستهداف المصالح الأميركية في العراق وسوريا وربما حتى الخليج. ولا يُستبعد أن يتحول العراق إلى خط إمداد ومهرب وملاذ آمن لقادة النظام الإيراني إذا تطورت الأمور إلى حد انهيار الحكم في طهران.
ويشير نايتس إلى أن الموقف المتقاعس الحالي للميليشيات ليس بسبب أيّ قيود فرضتها عليهم الحكومة العراقية الضعيفة. بل لأنهم مقيدون بحذرهم الداخلي الطبيعي والتعليمات الظاهرة من طهران للحفاظ على ملف منخفض والمحافظة على أصولهم.
وتتصرف الجماعات العراقية أيضاً بتماسك ظاهر، ولم يُبلغ عن هجمات “حرة” من جماعات أصغر. وهذا النوع من التماسك عادة ما يكون نتيجة توجيهات واضحة من قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني.
إذا أصبحت الولايات المتحدة أكثر تورطاً مباشرة في الصراع، قد تحيي طهران نهج “وحدة الجبهات” الذي استخدمته ضد إسرائيل خلال حرب غزة.
وفي ذلك السيناريو، لن يعود التماسك قيداً، ويمكن توقع رؤية ضربات ميليشيات عراقية واسعة على المنشآت الأميركية في العراق وسوريا والأردن وربما حتى دول الخليج.
ومع تراكم تأثيرات الحملة الإسرائيلية، ستحتاج طهران الضعيفة أصدقاءها في العراق أكثر من أي وقت مضى كنقطة دخول إلى الشبكات المالية العالمية والمشتريات وتهريب النفط؛ وكوكلاء مسلحين لتهديد الأصول الأميركية والخليجية بشكل غير مباشر.
الساحة الفلسطينية هامشية
في ردود أفعالهم الرسمية على القتال، لم تبتعد السلطة الفلسطينية وحماس كثيراً عن استعداداتهم السياسية المختلفة. حماس، حليف إيران والمتلقي طويل الأمد لكرمها، أدانت هجمات إسرائيل، بينما بقيت السلطة الفلسطينية صامتة جزئياً لأنها عانت طويلاً من دعم طهران لمنافسيها الإسلاميين والتهريب الواسع للأسلحة وتمويل الإرهاب في الضفة الغربية.
وفي هذه الأثناء، همش الصراع كلا من أجندتيهما. وكانت السلطة الفلسطينية تأمل في لحظة نادرة تحت الأضواء عبر مؤتمر سلام دولي برعاية سعودية – فرنسية حول حلول الدولتين للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. المخطط أصلاً لهذا الأسبوع، أُجّل الحدث الآن إلى أجل غير مسمى.
ومن جانبها، كانت حماس تأمل أن يحسّن النفاد الدولي المتزايد مع إسرائيل موقفها التفاوضي في محادثات وقف إطلاق النار في غزة. لكن العديد من البلدان الأوروبية التي عبرت عن هذا النفاد قبل الأزمة الحالية خرجت منذ ذلك الحين لدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران.
وعلى المدى الطويل، ستشعر حماس بتأثير الصراع الإيراني بشدة أكبر. وتضاءلت طوال حرب غزة، العناصر التي جلبت الحركة أقرب إلى طهران سابقاً: كتائب عزالدين القسام مدمرة الآن، وقُتل قادة مثل يحيى السنوار وإسماعيل هنية وصالح العاروري.
ويقول الباحث غيث العمري إن هزيمة إيرانية في القتال الحالي ستميل بميزان القوة بوضوح لصالح مسؤولي حماس الذين يدعون علاقات أقوى مع قطر وتركيا كبلدان قد تكون راغبة في دعم الجماعة سياسياً لكنها لن تساعد في إعادة بناء قدراتها العسكرية.
لكن هذه التحولات لن تترجم بالضرورة إلى اختراق فوري في محادثات الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة. ويواصل القادة العسكريون لحماس على الأرض امتلاك الكلمة الأخيرة في هذه الأمور، والإزالة المستمرة للقادة الكبار تركت الجماعة تكشط قاع البرميل.
الصين: حذر إستراتيجي
رد بكين حتى الآن هو استمرار لنهجها في المنطقة بعد 7 أكتوبر، والذي شهد المسؤولين الصينيين يتخلون عن أي محاولات تقليدية للحياد لصالح إلقاء اللوم بانتظام على إسرائيل.
وفي مكالمة 14 يونيو مع نظيره الإيراني، أدان وزير الخارجية وانغ يي “الانتهاك المتهور لسيادة إيران” من قبل إسرائيل وحذر من أن العملية الجارية “وضعت سابقة خطيرة مع عواقب كارثية محتملة.” ثم أخبر نظيره الإسرائيلي أن الصين تعارض أعمال إسرائيل، واصفاً إياها بـ”انتهاك للقانون الدولي.”
ويرجح الباحث غرانت روملي أن بكين ستكون في النهاية لاعباً هامشياً في حل هذه الأزمة. فالمسؤولون الصينيون مهتمون أساساً بالحفاظ على التدفق المستمر للطاقة والتجارة من الشرق الأوسط وإليه.
وتشكل صادرات الطاقة الإيرانية حوالي 10 في المئة من إجمالي واردات الصين، لكن العراق يزود حوالي نفس الكمية، والسعودية تزود أكثر من كليهما (14 في المئة).
والأهم بكثير لبكين هو الاستقرار العام للتجارة من المنطقة وإليها وعدم الاستقرار الإضافي المحتمل الذي قد يحدث.
ولذلك ستسعى بكين لمنع التصعيد مع تسجيل نقاط دبلوماسية في محكمة الرأي العالمي، جزئياً برسم أعمال إسرائيل كحالة أخرى من المغامرة العسكرية المدعومة أميركياً.
وأشار مقال رأي في منفذ الحزب الشيوعي الصيني باللغة الإنجليزية إلى “التنسيق قبل الضربة” بين إسرائيل والولايات المتحدة، محتجاً أن “التهديدات الصريحة” من واشنطن ضد إيران زادت التوترات أكثر.
وخلال ملاحظات في الأمم المتحدة نهاية هذا الأسبوع، دعا السفير فو كونغ “البلد ذا التأثير الكبير على إسرائيل” إلى “لعب دور بناء” في إشارة مبطنة بشكل خفيف إلى الولايات المتحدة.
وتعمقت العلاقة الصينية – الإيرانية في السنوات الأخيرة، لكنها تبقى زواج مصلحة لبكين أكثر من اتحاد حيوي إستراتيجيا.
وفي اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المنعقد قبل اندلاع القتال بوقت قصير، انضمت الصين إلى روسيا في التصويت بـ”لا” على قرار يعلن أن إيران انتهكت التزاماتها النووية. لكن القرار مر على أيّ حال، وهذا الغطاء الدبلوماسي الأدنى على الأرجح هو ما تريد بكين الذهاب إليه في الوقت الحالي.
ويجب على القادة الصينيين موازنة مصالحهم الاقتصادية الأوسع في المنطقة وكذلك علاقاتهم المتنامية مع دول الخليج العربي، لذا سيضغطون على الأرجح على طهران لتحديد التداعيات الاقتصادية لاستجاباتها العسكرية.
وباختصار، يمكن توقع أن تواصل الصين إعطاء الأولوية لتخفيف التصعيد، وإصدار إدانات للأعمال الإسرائيلية (والأميركية بالتمديد)، ومحاولة وضع نفسها كحكم “غير متحيز” للأمن الإقليمي.
روسيا: مكاسب محتملة
اتبع رد موسكو على الأزمة نمطاً يمكن التنبؤ به: إدانة خطابية لإسرائيل تليها عروض للوساطة.
ولسنوات، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه كشخص يمكنه التحدث إلى الأطراف المتعارضة عبر الشرق الأوسط، رغم أنه في الواقع مكّن القوى المعادية للولايات المتحدة: وهي إيران ووكلاؤها الإقليميون وحتى وقت قريب نظام بشار الأسد في سوريا.
ويبدو أن الحملة الإسرائيلية فاجأت الكرملين. وأصدر الكرملين بيانا حول مكالمات بوتين المنفصلة مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وفي الحالتين، كرر على ما يبدو إدانة روسيا للضربات الإسرائيلية.
وتقول الباحثة آنا بورشفسكايا إن مخاوف روسيا أكثر بكثير من حصول إيران على سلاح نووي، بل كانت تحول طهران إلى الموالاة للغرب، وهذا الخوف يبقى على الأرجح أهم شيء في الأزمة الحالية.
ولن تضر حملة إسرائيلية محدودة ضد إيران بالضرورة مصالح الكرملين؛ في الواقع، ارتفاع جدي في أسعار النفط يمكن أن يعطي روسيا عائدات إضافية لاستخدامها على جبهات أخرى مثل أوكرانيا (الزيادات في الأسعار كانت ضئيلة حتى الآن، لكن ذلك قد يتغير).
والأهم، إذا اشترى الغرب فكرة بوتين كوسيط، فإن ذلك سيعوض الضرر السمعة من عدم إنقاذ إيران ويخدم أهداف موسكو الجيوستراتيجية الأوسع. لكن إشارات إسرائيل أو فاعلون آخرون أنهم يعتزمون تغيير النظام، قد تتغير بموجبها حسابات بوتين.
وفي يناير، وقّعت إيران وروسيا معاهدة شراكة إستراتيجية شاملة، والتي تدعو إلى تعزيز العلاقات الدفاعية وكذلك التشاور والتعاون حول التهديدات الأمنية المشتركة.
ولا تتطلب الوثيقة من أيّ بلد الدفاع عن الآخر إذا تعرض للهجوم، بل مجرد الامتناع عن مساعدة المهاجم وتسوية أيّ نزاعات من هذا القبيل “على أساس ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأخرى المعمول بها للقانون الدولي.”
ونظراً إلى مخاوفه حول تغيير النظام، مع ذلك، قد يقرر بوتين تقديم المساعدة إذا طلبتها طهران رسمياً، كما رُئي عندما تدخل لإنقاذ نظام الأسد في 2015.
وحتى دون طلب رسمي، يمكن لروسيا تقديم مساعدة سرية، بما في ذلك توفير محتمل لأنظمة الدفاع الجوي إس – 300.
مخاوف أوروبية
رغم الارتفاع السابق في انتقاد إسرائيل بسبب حصارها الإنساني لغزة، عبّرت البلدان الأوروبية عن دعم قوي لإسرائيل منذ هجومها على إيران.
وعلى سبيل المثال، المستشار الألماني فريدريش ميرتس “شكك بقسوة في الأهداف العسكرية الإسرائيلية في غزة قبل أسابيع قليلة،” لكنه وصف حملتها في إيران بـ”العمل القذر الذي تقوم به إسرائيل لنا جميعاً.”
وتظهر هذه البيانات الإدراك الأوروبي والأميركي والإسرائيلي المشترك لإيران كمصدر رئيسي لزعزعة الاستقرار الإقليمي. لكن الدعم الأوروبي الأوّلي سيُختبر إذا استمر القتال، أو اتسع نطاق الأهداف داخل إيران، أو ارتفع عدد الضحايا بشكل كبير.
وترى الباحثة سهير مديني أنه في النهاية، ستكون لفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة دور في حل الأزمة. فجميع البلدان الثلاثة طرف في الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران، وواصلوا التعامل مع طهران حتى بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق في 2018.
وهذا يمنحهم القدرة على تفعيل “الإرجاع السريع” لعقوبات الأمم المتحدة، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول والقيود العميقة الأخرى المعلقة بموجب اتفاق 2015.
وسيبقى نفوذهم العام محدوداً مع ذلك، ويواصلون السعي للتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة واللاعبين الإقليميين.
وفي الوقت نفسه، ستبذل البلدان الأوروبية قصارى جهدها لمنع روسيا من لعب أيّ نوع من أدوار الوساطة، إذ أنهم ينظرون إلى موسكو كمخرب محتمل بسبب تدفق الإمدادات العسكرية التي أرسلتها إيران إلى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا.