صدى شعارات المحتجين في العراق ولبنان يحرك الرأي العام الفلسطيني

شعارات ترفع في العراق وسوريا بدأت تجد صدى لها لدى الفلسطينيين الذين يحملون فتح وحماس المسؤولية عن حالة التردي التي يعاني منها الأداء السياسي الفلسطيني.
الجمعة 2019/12/20
وضع فلسطيني يحمل كل مقومات الانفجار

رام الله- تتابع الأوساط السياسية الفلسطينية بحذر الانتفاضات التي تجري في العراق ولبنان خوفا من إمكانية انفجار الوضع الشعبي في الضفة الغربية تأثرا بها.

وتحمل الضفة الغربية كل مقومات الانفجار حيث تعاني من انسداد خطير على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية قد يقود إلى ثورة في الداخل الفلسطيني ولا يكون قطاع غزة بعيدا عنها.

وبدأت الشعارات التي ترفع في العراق وسوريا والمطالبة برحيل كل الطبقة السياسية عن الحكم في بغداد وبيروت، تجد صدى لها داخل الرأي العام الفلسطيني الذي يجمع على تحميل حركة فتح وحركة حماس المسؤولية عن حالة التردي التي يعاني منها الأداء السياسي الفلسطيني، سواء على مستوى السلطة الفلسطينية أو على مستوى الإدارة الملتبسة التي تنتهجها حماس في السطوة على قطاع غزة أو في مقاربة مداخل الوحدة الفلسطينية الداخلية.

جمال زقوت: الرأي العام الفلسطيني لم يعد يثق في الطبقة السياسية
جمال زقوت: الرأي العام الفلسطيني لم يعد يثق في الطبقة السياسية

ويقول القيادي في حركة فتح نبيل عمرو إن القيادة الفلسطينية صارت عاجزة عن اجتراح استراتيجية خلاقة تواجه بها الاستحقاقات الراهنة، معتبرا أن هذه القيادة باتت منتجة لردود موضعية ترفض صفقة القرن أو ترفض الاستيطان أو ترفض ضم الأغوار، إلخ. مكتفية بهذه الوظيفة دون أي بحث عن تطوير عام للعمل الفلسطيني.

ويقول جمال زقوت، مدير مركز الأرض للدراسات والأبحاث، إن حالة عدم ثقة تتنامى داخل الرأي العام الفلسطيني من الطبقة السياسية برمتها وأن هناك “حراكات” داخل المجتمع الفلسطيني، من داخل وخارج الفصائل الفلسطينية، بدأت تتطور وتتداعى لإيجاد البدائل. وأضاف أن من هم داخل الفصائل يتحركون وفق ديناميكية تختلف عن النخب التي تتحكم بمصير الفصائل.

ويدور جدل في قطاع غزة حول الأجندات الخارجية التي تتبعها حركة حماس في تحديد مواقيت الحرب والسلم والمواجهة وعقد الصفقات. كما تقول بعض المصادر إن نقاشا يدور داخل تيارات الحركة حول طبيعة موالاة كل من إيران وقطر وتركيا، بما يتداعى مباشرة على القرارات التي تتخذها الحركة دون الأخذ بالاعتبار المصلحة الفلسطينية. وكشفت المصادر أن مفاجأة عدم مشاركة حركة حماس في الحرب الأخيرة في قطاع غزة وترك حركة الجهاد الإسلامي لوحدها في المواجهة، كما القرار المفاجئ للحركة بالمشاركة في الانتخابات التشريعية التي اقترحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لا تخضع لتقييم حماس وما تحتاجه المصالح الفلسطينية، بل تخضع لأجندات خارجية خالصة تملي عليها استخدام القوة النارية من عدمها كما المشاركة في الانتخابات من عدمها.

بالمقابل تأخذ بعض الأوساط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس عدم الجدية في الدعوة إلى الانتخابات وفي أنه لم يضطر إلى اقتراح ذلك إلا بعد أن هدّدت الدول المانحة، ولاسيما الأوروبية منها، بوقف مشاركتها في برامج تمويل السلطة الفلسطينية إذا لم يتم تجديد شرعية المؤسسات الفلسطينية بدءا من المجلس التشريعي الفلسطيني. وتقول المعلومات إن الرئيس الفلسطيني كان يعول على رفض حماس المشاركة في هذه الانتخابات بما يخلصه من تهمة رفضه الذهاب إلى هذا الاستحقاق، وأن موقف حماس المفاجئ في القبول بالمشاركة وإسقاط كافة شروطها السابقة في هذا الصدد قد أربك قيادة السلطة في رام الله.

وتقول المصادر إن اشتراط عباس أن تكون القدس جزءا من هذه الانتخابات لتتم في كل الأراضي الفلسطينية، وهدفه إحراج حماس والرأي العام الداخلي الفلسطيني، لاسيما أن التيارات الفلسطينية ستكون رافضة لإقصاء القدس عن تلك الانتخابات.

وفيما يشتمّ بعض المراقبين رائحة مناورة من الرئيس الفلسطيني من وراء طرح الأمر، لفتت بعض المنابر السياسية في رام الله إلى أن طلب عباس من الاتحاد الأوروبي للضغط على إسرائيل للسماح بإجراء الانتخابات في القدس، يكشف عن أن الأوروبيين هم من ضغطوا على السلطة الفلسطينية لإجراء الانتخابات، وأن عباس قذف بالكرة إلى الملعب الأوروبي من جديد للتعبير عن جاهزية الطبقة السياسية الفلسطينية، ولاسيما فتح وحماس، وتحميل أمر تعطيل الانتخابات لإسرائيل.

ولا يمكن تجاوز أمر القدس بغض النظر عن تكتيكات حماس وفتح، وأن استخدام التقنيات يمكّن من مشاركة أهالي القدس في هذه الانتخابات عن بعد، إلا أن وجود صناديق الاقتراع داخل المدينة هو مطلب سياسي وطني، خصوصا بعد التطور السلبي للموقف الأميركي بشأنها.

نبيل عمرو: القيادة عاجزة عن ايجاد استراتيجية تواجه بها الاستحقاقات الراهنة
نبيل عمرو: القيادة عاجزة عن ايجاد استراتيجية تواجه بها الاستحقاقات الراهنة

وسبق أن سمحت إسرائيل بمشاركة القدس في انتخابات سابقة إلا أنهم يستبعدون هذه المرة قبول إسرائيل بالأمر بعد أن اعترفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل وقامت بنقل سفارتها إلى المدينة.

ويرى هؤلاء أن إسرائيل قد تعتبر أن مشاركة أهالي القدس في الانتخابات ستمثل انتقاصا من السيادة الإسرائيلية على المدينة وكذلك مسا مباشرا بالقرار الأميركي النادر الذي اتخذه الرئيس الأميركي الحالي بشأن المدينة فيما رفض رؤساء الولايات المتحدة السابقون تنفيذ قرار الكونغرس الذي اتخذ في التسعينات بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وكانت مؤسسات استطلاع للرأي داخل المناطق الفلسطينية قد توقعت تقدما لحركة حماس في الضفة الغربية في الانتخابات التشريعية العتيدة، مقابل تقدم لحركة فتح في قطاع غزة.

بيد أن استطلاعات رأي أخرى تحدثت عن تقدم قد يكون مفاجئا لقوى وتيارات مدنية لا تنتمي إلى فتح وحماس بما سيمثل انقلابا داخل المشهد السياسي برمته.

ويتساءل مراقبون حول وظيفة الانتخابات التشريعية داخل صفقة القرن التي قيل إن الإدارة الأميركية ستفرج عنها في العام المقبل. كما تساءلوا حول ما يقف وراء الضغوط التي مارستها قطر على حركة حماس للمشاركة في تلك الانتخابات، وحول إمكانية ممارسة واشنطن لضغوط ما على إسرائيل لتمرير مشاركة القدس في هذه الانتخاب وفق صيغ ما.

وكانت تقارير إسرائيلية قد حذرت من حالة فوضى قد تصيب الضفة الغربية وقطاع غزة جراء الضغوط السياسية والاقتصادية والأمنية الممارسة على كل المناطق الفلسطينية. وباتت حالة الامتعاض تتجاوز مسألة الانقسام بين حركتي حماس وفتح وبين قطاع غزة والضفة الغربية. ورأت هذه التقارير أن على إسرائيل ألّا تُفاجَأ باندلاع انتفاضة ضد الحالتين الفلسطينية والإسرائيلية مذكرة أن بذور هذا الانفجار هي أكثر حضورا من تلك التي بسببها انفجر الوضعان العراقي واللبناني. وأشارت إلى أن الرأي العام الفلسطيني يراقب يوميا بشغف واهتمام مجريات الانتفاضة في البلدين وأن عدوى الأمر لن يتأخر ليصيب الداخل الفلسطيني.

7