صدمات الدينار الجزائري تقوّض القدرة الشرائية

نضوب احتياطات النقد الأجنبي جراء الأزمة النفطية.
الثلاثاء 2021/03/09
قوت الجزائريين مهدد

دفعت الأزمات المزدوجة الدينار الجزائري إلى الانخفاض، حيث تسبب نضوب احتياطات النقد الأجنبي بفعل تراجع صادرات المحروقات وتداعيات كورونا في انهيار قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية مما قوّض القدرة الشرائية في وقت تطالب فيه أوساط اقتصادية ونقابية بإلغاء بعض الرسوم عن المنتجات واسعة الاستهلاك لدفع تسعيرها نحو مستوياتها السابقة.

الجزائر - تواجه العملة الجزائرية المحلية “الدينار” صدمات غير مسبوقة في ظل التراجع الحاد، رافقها ارتفاع كبير في أسعار عديد المواد الاستهلاكية هدد بشكل جدي القدرة الشرائية للمواطنين.

ويتوقع قانون الموازنة العام الجزائري لسنة 2021 متوسط سعر صرف بـ142 دينارا لكل دولار واحد، و149 دينارا في عام 2022.

ووفقا لفرضيات الموازنة تتوقع السلطات انخفاضا بواقع خمسة في المئة من قيمة العملة المحلية الدينار كل سنة، خلال الأعوام الثلاثة المقبلة مقارنة بالعملات الأجنبية.

وحسب بيانات بنك الجزائر المركزي، بلغ سعر صرف الدينار خلال فبراير2021 مستوى 132 مقابل الدولار و161 مقابل اليورو.

وبلغ متوسط صرف الدينار الجزائري وفق قانوني الموازنة العامة للسنتين 2020 و2019، مستوى 123 و118 تواليا.

مصطفى زبدي: ندعو إلى إلغاء بعض الرسوم على المنتجات واسعة الاستهلاك
مصطفى زبدي: ندعو إلى إلغاء بعض الرسوم على المنتجات واسعة الاستهلاك

وإضافة إلى تراجع قيمة الدينار في قانون الموازنة، توقعت الوثيقة عجزا غير مسبوق في تاريخ الجزائر فاق 22 مليار دولار.

ويقول مراقبون إن تراجع قيمة الدينار الجزائري مقابل العملات الأجنبية، سببه نضوب إيرادات البلاد من النقد الأجنبي جراء الأزمة النفطية المستمرة منذ 2014.

ويعاني اقتصاد الجزائر تبعية مفرطة لعائدات المحروقات من النفط والغاز التي تمثل نحو 93 في المئة من مداخيل البلاد من النقد الأجنبي وفق بيانات رسمية.

في بداية الأزمة النفطية منتصف 2014، كان سعر صرف العملة المحلية الجزائرية يساوى 83 دينارا لكل دولار واحد.

وحاليا تبلغ قيمة صرف العملة المحلية في السوق الموازية 178 دينارا لكل دولار، و210 دينارا مقابل اليورو.

وشهدت أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفاعا كبيرا حيث زادت أسعار المخبوزات على اختلاف أنواعها والبقوليات (العدس الفاصوليا والحمص)، بعدة أحياء في الضاحية الشرقية للجزائر العاصمة.

كما ارتفعت أسعار الأجبان ومشتقات الألبان ما بين 5 إلى 20 دينارا، والزيوت الغذائية بأكثر من 50 دينارا لقارورة بسعة 5 لترات؛ كما طالت الأسعار المرتفعة المياه المعدنية.

وقبل أسابيع، حذرت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، من حدوث الأسوأ بسبب ارتفاع أسعار عديد المنتجات الاستهلاكية، رافقه تراجع في قيمة صرف الدينار الرسمية في البنوك.

وذكر رئيس المنظمة مصطفى زبدي في تصريحات لوسائل إعلام جزائرية، أن ارتفاع الأسعار ليس مرده قاعدة العرض والطلب فقط.

ونسب زبدي جزءا من ارتفاع الأسعار إلى تدني قيمة الدينار، ودعا لإلغاء بعض الرسوم المفروضة على المنتجات واسعة الاستهلاك لدفع تسعيرها نحو مستوياتها السابقة.

في السياق، يرى المحلل الاقتصادي الجزائري سليمان ناصر، أن “سعر صرف الدينار يحدده بنك الجزائر المركزي سنويا، على ضوء مؤشرات اقتصادية، منها الميزان التجاري وميزان المدفوعات ومداخيل المحروقات واحتياطات النقد الأجنبي وغيرها”.

وأوضح سليمان ناصر في تصريحات صحافية، أن “بنك الجزائر يأخذ بعين الاعتبار من حين لآخر، تغيرات أسعار سلة من العملات أهمها اليورو والدولار، باعتبارهما أهم العملات في تجارة الجزائر الخارجية”.

وأشار الخبير إلى أنه في ظل عدم تحرير سوق الصرف في الجزائر، يبقى تأثير العرض والطلب على العملات الأجنبية وعلى العملة الوطنية ضعيف التأثير في سعر الصرف للعملة المحلية”.

وعن استمرار السلطات الجزائرية في تخفيض مستوى العملة المحلية، يرى المحلل الاقتصادي أن السلطات تعودت منذ سنوات على التخفيض كلما تقلصت أسعار النفط، لتعويض ذلك التراجع ولربح الفرق في سعر الصرف.

Thumbnail

وعن سؤال بخصوص الحل الذي يمكن الاعتماد عليه، لإيقاف تدهور الدينار ومعه القدرة الشرائية، رد الخبير الاقتصادي أنه لا بد من تعويم نهائي للدينار خلال فترة محددة لها بداية ونهاية، مع إجراءات مصاحبة.

وأهم هذه الإجراءات يضيف ناصر، هي حماية الطبقات الهشة والضعيفة التي ستكون أكبر متضرر من هذا التعويم، من خلال إصلاح نظام الدعم وتوجيهه لمستحقيه عوض أن يستفيد منه الجميع كما هو مطبق حاليا.

وتطبق الجزائر سياسة دعم اجتماعي منذ عقود، بلغت قيمتها في موازنة 2021 نحو 17 مليار دولار.

وتخصص الجزائر أموال الدعم لعدة قطاعات وفئات، ويتوزع ما بين دعم مباشر بمبالغ مالية للمعنيين به، وغير مباشر بتحمل الدولة لفارق سعر تسويق المنتجات الواسعة الاستهلاك وتكلفتها الحقيقية.

من جانبه، يرى المدير العام الأسبق للرقابة وقمع الغش بوزارة التجارة الجزائرية، عبدالحميد بوكحنون، أن الارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية مس خصوصا تلك المستوردة، أو التي تعتمد عل مواد أولية مصدرها الخارج.

وأضاف بوكحنون أنه “إضافة إلى تراجع قيمة الدينار، شهدت تكاليف الشحن من النقل البحري، ارتفاعا غير مسبوق وصل أحيانا 7 أضعاف ما كان عليه قبل انتشار فايروس كورونا، ما أدى لارتفاع أسعار عديد المواد الاستهلاكية”.

ويعتقد أن انخفاض الدينار، ليس له علاقة فقط بارتفاع وانخفاض مداخيل الجزائر من المحروقات، بل هو مرتبط أيضا بنشاطات الإنتاج والوضع الاقتصادي العام، إضافة إلى قرارات مصدرها الدولة، في إشارة إلى قرارات إدارية لخفض قيمة العملة.

11