صدام هندي - قطري: من كان بيته من زجاج...

انتقاد خطاب وممارسات الحزب الحاكم في نيودلهي تجاه المسلمين متأخر.
الجمعة 2022/06/10
تصريحات هندية أثارت غضبا متصاعدا بين المسلمين

تكشف الحملة التي قامت بها عدة دول عربية وإسلامية ضد الهند بسبب تصريحات لأحد مسؤولي الحزب الحاكم في نيودلهي اعتبرت مسيئة للنبي محمد عن ازدواجية في المعايير لتلك الدول وفي مقدمتها قطر وهي دول تحركت بشكل متأخر ضد الإسلاموفوبيا في نيودلهي.

لندن – لا يزال صدى السجالات التي نشبت بين الهند ودول عربية بسبب تصريحات اعتبرت مسيئة للنبي محمد أدلى بها مسؤول في الحزب الحاكم في نيودلهي يتردد حيث بدأت تتضح ملامح صدام قطري – هندي حول تلك التصريحات.

وبدا ذلك واضحا عندما رد أكبر الباكر الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية بسخريته المعهودة في تصريحات صحافية على دعوة القوميين الهندوس إلى مقاطعة الخطوط القطرية بعد أن قررت الدوحة أن تستدعي سفير الهند وتسلمه مذكرة احتجاج على تصريحات مسؤولين بحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم المهينة حول النبي محمد وعبادة المسلمين.

حرب كلامية

تصريحات الباكر التي جاءت ردا على الشاب الذي ينتمي إلى حزب بهاراتيا جاناتا تُعد الأحدث في حرب كلامية على وسائل التواصل الاجتماعي وإدانة واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

جيمس دورسي: الخلاف مع الهند يُبرز المعايير المزدوجة للعالم الإسلامي

وقال الباكر إن “الدعوة إلى المقاطعة التي وجهها قومي هندوسي شاب غير معروف يحمل اسم فاشوديف على تويتر قد أجبرتني الاثنين على مغادرة مؤتمر طيران مهم في كانكون بالمكسيك والعودة إلى قطر للتعامل مع الأزمة”.

وقال بسخرية واضحة “حبيبي، ألغيت جميع اجتماعاتي وسافرت على الفور إلى قطر لأن أكبر مساهم لدينا قرر مقاطعة شركة الطيران لدينا من مقره… من الشرفة. كان يعاني من انقطاع التيار الكهربائي في حيه في الوقت الذي قرر فيه تصوير هذا الفيديو المدمر”.

وتابع الباكر قائلا “لا أعرف كيف أعمل بعد الآن. لقد أوقفت جميع الرحلات الجوية.حبيبي، نحن على استعداد لمنحك طائرة واحدة كاملة لتصوير فيديو تيك توك، أو ربما يمكننا أن نمنحك لترين من البنزين مجانا لكي تسحب هذه الدعوة للمقاطعة. وإلا فكيف سنعيش يا حبيبي؟ كيف ستنجو شركة الطيران التي تبلغ تكلفتها عدة مليارات من الدولارات؟ لذا، فاشوديف، بمجرد عودتك إلى رشدك، يرجى أن تدرس عرضنا”.

وردا على ذلك، سعى الحزب القومي الهندوسي الحاكم برئاسة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى تهدئة التوترات من خلال تعليق أعمال المسؤولين عن التصريحات المهينة ثم طردهم.

كما أصدر حزب بهاراتيا جاناتا تعليمات لمسؤوليه بعدم انتقاد الأديان الأخرى أو رموزها وشخصياتها الدينية.

لكن انتقاد حزب بهاراتيا جاناتا يبدو أنه جاء متأخّرا حيث يُتّهم الحزب بالتهميش والتمييز ضد 200 مليون مسلم في الهند، وهم يمثّلون أكبر أقلية مسلمة في العالم ويشكلون ما يقرب من 14 في المئة من سكان البلاد.

وبدا أن مساعدة وزير الخارجية القطري لولوة الخاطر تدرك ذلك حيث غردت أن “الخطاب المعادي للإسلام قد وصل إلى مستويات خطيرة في بلد معروف منذ فترة طويلة بتنوعه وتعايشه. ما لم تتم مواجهته رسميا ومنهجيا، فإن خطاب الكراهية الممنهج الذي يستهدف الإسلام في الهند سيعتبر إهانة متعمدة ضد ملياري مسلم”.

وأججت إدانات بلدان كقطر والكويت وسلطنة عمان ومنظمة التعاون الإسلامي الإسلامية التي تضم 57 دولة من الحرب الكلامية.

وقالت وزارة الخارجية الإماراتية إن تصريحات مسؤولي حزب بهاراتيا جاناتا “تتعارض مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية”، وشددت على “ضرورة احترام الرموز الدينية… ومكافحة خطاب الكراهية”.

ودعا المفتي العماني أحمد بن حمد الخليلي إلى مقاطعة البضائع الهندية، وانتقد “الاجتراء الوقح البذيء من الناطق الرسمي باسم الحزب المتطرف الحاكم في الهند”.

وتبنى الكثير من المسلمين والعرب على وسائل التواصل الاجتماعي دعوة المقاطعة تحت شعار “إلا رسول الله يا مودي”.

ازدواجية المعايير

اعتبر المحلل السياسي والخبير في قضايا الشرق الأوسط جيمس دورسي أن “مشكلة الدول الإسلامية تكمن في أنها كان ينبغي لها أن تتخذ موقفا منذ وقت طويل ضد الإسلاموفوبيا التي تبثّها عقيدة الهندوتفا القومية الهندوسية التي روّج لها مودي ولكنها فضلت عدم القيام بذلك لأسباب اقتصادية واستراتيجية”.

وشدد دورسي على أن “الهند هدف استثماري خليجي، بينما تنظر نيودلهي إلى الممالك الغنية كشريك تجاري وطاقة أساسي”.

وتسدّ قطر ما يقرب من 40 في المئة من احتياجات الهند من الغاز. كما يعيش من 6.5 إلى 8 مليون مواطن هندي في الخليج ويشكلون ما يقرب من 25 في المئة من سكان قطر.

ويرى دورسي أن “الخلاف مع الهند يضع العالم الإسلامي في نفس القارب الذي علقت فيه الولايات المتحدة وأوروبا حيث أبرزت حرب أوكرانيا في الأشهر الأخيرة  المعايير المزدوجة الأوروبية والأميركية عندما يتعلّق الأمر بالالتزام بالمبادئ السامية لحقوق الإنسان واللاجئين والقانون الدولي”.

وشهدت دول الخليج ازدواجية المعايير في الاختلافات في الالتزام الأميركي والأوروبي بالدفاع الأوكراني مقارنة بأمن الخليج.

تصريحات أكبر الباكر التي جاءت ردا على شاب ينتمي إلى حزب بهاراتيا جاناتا، الأحدث في حرب كلامية ضد الهند بسبب الإسلام
تصريحات أكبر الباكر التي جاءت ردا على شاب ينتمي إلى حزب بهاراتيا جاناتا، الأحدث في حرب كلامية ضد الهند بسبب الإسلام

ولاحظت مع غيرها من البلدان الاختلافات في المواقف تجاه الأوكرانيين “البيض” والترحيب بهم، وهو نهج لم يقم عند التعامل مع اللاجئين غير البيض من الحروب في سوريا والعراق وأفغانستان وغيرها والقمع في دول مثل إريتريا وإثيوبيا.

وتمتحن حرب أوكرانيا مصداقية الولايات المتحدة وأوروبا وادعاءاتها بأنها تتمتع بمكانة أخلاقية تمكّنها من مواجهة اتهامات المعايير المزدوجة والنفاق من خلال تطبيق القيم والمبادئ عالميا وليس انتقائيا.

ومع ذلك، قال دورسي إن ”الأنهج تنقلب عندما يتعلق الأمر بقمع الصين الوحشي للمسلمين الإيغور في المنطقة الشمالية الشرقية من شينجيانغ”.

وأكد أنه “لأسباب جيوسياسية انتهازية، تحدثت الولايات المتحدة ودول أوروبا وبعض شركائهما وحلفائهما بصراحة عن السياسة الصينية في شينجيانغ وفرضت عقوبات ذات صلة. ولم ينضم أي شريك مسلم للولايات المتحدة وأوروبا، بل ذهب البعض إلى حد تبرير القمع”.

وأردف دورسي أنه “نتيجة لذلك، ترمي الدول الإسلامية الحجارة من منزل من زجاج عندما تحاسب الهند وهي نقطة ضعف تنفع أولئك الذين يهدفون إلى صرف الانتباه عن سياسات حزب بهاراتيا جاناتا بتسليط الضوء عليها”.

6