"صحفة الثوم" ملاذ التونسيين من خطر كورونا

مطاعم وجبات سريعة في تونس تتحول إلى محلات وقاية بأكلة من التراث عبارة على طبق من الثوم.
الجمعة 2020/03/13
غذاء ودواء

واجه التونسيون فايروس كورونا في بداية انتشاره بالسخرية والمزاح إلى حين وصل إلى بلادهم فتملكهم الهلع وهرعوا إلى إدخار المؤن والمطهرات التي نفدت من المحلات التجارية، ثم توافدوا على المطاعم التي تقدم “صحفة الثوم” الوجبة التراثية التي يعتبرها التونسيون أفضل مضاد حيوي للفايروسات.

تونس - في ركن بنهج مرسيليا وسط العاصمة تونس، تتوافد أعداد كبيرة من التونسيين من مختلف الفئات والأعمار، بحثا عن “صحفة ثوم” (طبق ثوم) يعتقد أغلبهم بقدرته على الوقاية من فايروس كورونا المستجد.

ففي هذا النهج، يوجد أحد أشهر المحلات المتخصصة في هذا الطبق التونسي، الذي يعرف هذه الأيام إقبالا غير مسبوق مقارنة ببقية فصول السنة.

تتكون صحفة الثوم من ثوم مهروس وزيت زيتون وبيض مسلوق وتونة وهريسة (فلفل تونسي حار) وسلطة مشوية (فلفل مشوي) وزيتون وأجبان.

فوزي ونّاس، صاحب المحل، قال “مع انتشار مرض كورونا في العالم، يشهد الإقبال على صحفة الثوم هذه الفترة تزايدا كبيرا”.

وأصاب الفايروس حتى الأربعاء، قرابة 121 ألف شخص في 121 دولة وإقليم، توفي منهم نحو 4382، أغلبهم في الصين، وإيطاليا، وإيران.

وأضاف ونّاس أن “التونسي يميل بطبعه إلى المأكولات التراثية والأعشاب الطبية، كلما كان هناك تفش لأحد الأمراض أو الأوبئة، ويتزايد الإقبال عليها أكثر مع حالة الفزع التي يعيش على وقعها المجتمع بأكمله هذه الأيام”.

وبعد أن انتشرت موجات السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي من الفايروس، من قبيل “انتقاله عبر النقود والأوراق المالية لن يمنعنا من استلام أجورنا ولو أدى ذلك إلى موتنا”، و”دواء كورونا هو بيرة كورونا الشهيرة وغير الموجودة في البلاد التونسية”، أصاب التونسيين هلع كورونا الذي أصاب الناس في بقية دول العالم، فتراهم يتسابقون لشراء المؤونة والمطهرات والكمامات التي ارتفع سعرها ونفدت من المحلات والصيدليات.

أسعار الثوم تتضاعف اليوم بشكل كبير نتيجة الإقبال الكبير على اقتنائه،
أسعار الثوم تتضاعف اليوم بشكل كبير نتيجة الإقبال الكبير على اقتنائه

وقال ونّاس إن “أسعار الثوم تتضاعف اليوم بشكل كبير نتيجة الإقبال الكبير على اقتنائه، اعتقادا من الكثيرين بأنه سيحارب فايروس كورونا”.

واستدرك “رغم الزيادة التي تشهدها أسعار المنتجات الأولية لطبق الثوم، فإننا لم نزد في سعر الطبق مراعاة للتونسيين”.

ويبلغ متوسط سعر الصحن 3.5 دينار (نحو 1.2 دولار).

وشهد سعر الثوم ارتفاعا كبيرا ليصل إلى 22 دينارا (نحو 8 دولارات أميركية) للكيلوغرام، بحسب منظمة الدفاع عن المستهلك في تونس (غير حكومية)، بعد أن كان سعره يتراوح بين 9 و10 دنانير (بين 3.2 و3.5 دولار).

سليم مراد الدالي، مدير تجاري في مختبر طبي، يقبل هو أيضا بشغف على تناول صحفة الثوم، قال إن أكل الثوم عادة من عاداتنا التونسية القديمة توارثناها منذ عهد الأجداد، لما يحتويه من مضادات حيوية طبيعية تساعدنا على الوقاية من العديد من الأمراض والفايروسات التي تنتشر في فصل الشتاء خاصة، حتى أنه كان ولا يزال يستخدم لحفظ المواد الغذائية من التلف”.

وأردف “للثوم منافع عديدة لجسم الإنسان، لكنني أؤكد أنّ الالتزام بالنظافة هو من أكثر الأمور نجاعة لمقاومة فايروس كورونا”. وهذا ما يؤكده خبراء الصحة في العالم.

حافظ مويهبي، وهو متخصص في الإلكترونيات، وصديقه هشام شعيبي، موظف بشركة، يرتادان بشكل شبه يومي هذا المحل، إيمانا منهما بأن الثوم مفيد للوقاية من أمراض عديدة، وخاصة فايروس كورونا المستجد، الذي أثار حالة رعب تسود العالم.

وأدى انتشار الفايروس إلى تعليق العمرة، ورحلات جوية، وتأجيل أو إلغاء فعاليات رياضية وسياسية واقتصادية حول العالم، وسط جهود متسارعة لاحتوائه. قال حافظ “آتي إلى محل صحفة الثوم يوما بعد يوم، وخاصة في فصل الشتاء، ولاسيما هذه الأيام مع انتشار فايروس كورونا، لما تحتويه نبتة الثوم من مضادات حيوية طبيعية، وهي في اعتقادي أنجع دواء طبيعي”. وأضاف “التونسي يعي جيدا منافع الثوم، ويقبل عليه كثيرا، وهو ما جعله اليوم يقدم على تناول هذه الوجبة بشكل كبير”.

صحفة الثوم تتكون من ثوم مهروس وزيت زيتون وبيض مسلوق وتونة وهريسة حارة وسلطة مشوية وزيتون وأجبان حسب الطلب
صحفة الثوم تتكون من ثوم مهروس وزيت زيتون وبيض مسلوق وتونة وهريسة حارة وسلطة مشوية وزيتون وأجبان حسب الطلب

وقال صديقه هشام “أختار في مثل هذه الفترة تناول صحفة الثوم، والابتعاد عن الأطعمة التي من شأنها الإضرار بصحتنا، والتي لا نجد فيها منافع رغم طيب مذاقها”.

وتابع “التونسي يقبل على كل ما هو طبيعي، كالثوم وزيت الزيتونة، وبما أنه ليس هناك دواء أو لقاح لهذا الفايروس، فنحن هنا لمحاولة تقوية مناعتنا ضد أي وباء”.

وعادة ما يقبل التونسيون على تناول صحفة الثوم مع انخفاض درجات الحرارة واقتراب موجة البرد. ويعتبر التونسيون أن الثوم من أكثر النباتات المعروفة بخصائصها العلاجية وفوائدها الصحية، فبتناوله يمكن الوقاية أو معالجة مشاكل صحية عديدة.

وتعود هذه الاستعمالات إلى الآلاف من السنين، فقد عملت حضارات مختلفة على تطويع الثوم وصنع أدوية بدائية منه.

وتفيد دراسات طبية حديثة بوجود علاقة مباشرة بين الثوم والوقاية من أمراض عديدة، وتؤكد أن من منافعه تقليل مخاطر الإصابة بنزلات البرد.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن “فايروسات كورونا هي زمرة واسعة من الفيروسات، تشمل فيروسات يمكن أن تتسبب في مجموعة من العلل في البشر، تتراوح بين نزلة البرد العادية وبين المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة”.

ورغم إقرار المنظمة بأن الثوم “طعام صحي، وقد يساعد على مواجهة الميكروبات”، إلا أنه لا يوجد دليل على أنّ تناوله ربما يقي من الإصابة بفايروس كورونا المستجد.

وفي حالات كثيرة، طالما أن العلاجات البديلة لا تتعارض ولا تمنع من اتباع نصيحة طبية مبنية على أدلة مثبتة، فهذه العلاجات قد لا تضر في حدّ ذاتها.

20