صاحب "خطة الجنرالات" يعدل عن موقفه من الحرب في غزة.. فهل يصغي إليه نتنياهو

غيورا آيلاند: الواقع بالقطاع لن يتغير والأفضل التوصل إلى صفقة.
الأربعاء 2024/10/23
التكلفة باهظة (صورة مأخوذة عن ذو تايم أوف إسرائيل)

أعاد غيورا آيلاند مراجعة موقفه من الحرب في قطاع غزة، معتبرا أن استمرارها لن يغير من واقع القطاع شيئا، وأن الأفضل التوصل إلى صفقة وفق شروط تخدم صالح إسرائيل كربط ملف إعادة إعمار القطاع بنزع سلاح حماس.

غزة - أسال التحول في موقف غيورا آيلاند، “منظر الحرب على غزة” كما تصفه هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، الكثير من الحبر في الصحافة الإسرائيلية، وسط تساؤلات حول ما إذا كان صديقه المقرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيصغي إليه، كما أصغى إليه في الخطة التي صاغها بشأن كيفية القضاء على حركة حماس.

وغير آيلاند في مقال نشره، الثلاثاء، بصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية من موقفه الداعم لاستمرار الحرب محددا أربعة أسباب تستوجب إنهائها، قائلا إن “استمرارها لمدة ستة أشهر أخرى أو سنة لن يغير الواقع هناك”.

وآيلاند هو صانع “خطة الجنرالات” التي تقضي بإخلاء شمال قطاع غزة قسرا من الفلسطينيين، قبل حصاره ووضع المسلحين فيه تحت خيار الموت أو الاستسلام.

ورغم أن الحكومة الإسرائيلية لم تقرر رسميا اعتماد الخطة، لكن مصادر مطلعة أكدت أن نتنياهو أبدى اهتماما بها أو على الأقل جزءا منها.

وفي ترجمة عملية لـ”خطة الجنرالات”، أعلن الجيش الإسرائيلي في الخامس أكتوبر الجاري بدء اجتياح شمال القطاع؛ بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”.

ويقول الكثير من الفلسطينيين بغزة إن “خطة الجنرالات” التي تعمل إسرائيل على تنفيذها تستهدف احتلال المنطقة وتهجير سكانها في إطار التطهير العرقي لهم.

ويعرف التطهير العرقي بأنه محاولة خلق حيز جغرافي متجانس عرقيا بإخلائه من مجموعة عرقية معينة باستخدام القوة المسلحة، أو التخويف، أو الترحيل القسري، أو الاضطهاد، أو طمس الخصوصية الثقافية واللغوية والإثنية.

وتجاهل آيلاند في مقاله الحديث عن الخطة، مركزا على دوافع إنهاء الحرب قائلا “قد تكون ممكنة محاولة تحسين شروط الصفقة، خاصة فيما يتعلق بعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل مختطف (إسرائيلي) حي، ولكن ليست هناك حاجة للإصرار على الهراء وخاصة ليس على (ممر) فيلادلفيا” بين قطاع غزة ومصر.

وأضاف آيلاند “إلى جانب الحاجة الماسة لإنقاذ المختطفين في الفرصة الأخيرة، هناك أربعة أسباب أخرى على الأقل تجعل هذه هي الخطوة الصحيحة”.

خسائر الجيش

إسرائيل لن تسمح بإعادة إعمار قطاع غزة إلا إذا تم تنفيذها بالتوازي مع شروعها في نزع سلاح حركة حماس

وقال آيلاند “أولا، خسائرنا قبل ثلاثة عشر شهرا، كان الجمهور الإسرائيلي بأسره يبكي لعدة أيام على كل جندي يقتل. يبدو أننا فقدنا هذا”. وأضاف “أصبحت قلوبنا قاسية بسبب موت الجنود، أفضل أبنائنا بسبب الإصابات الخطيرة يفقدون أطرافهم، أو أبصارهم، ويدمر عالمهم”.

وأردف صاحب خطة الجنرالات “ثانيا، العبء المجنون على الجنود، أولئك الذين هم في الخدمة النظامية ولكن بشكل رئيسي جنود الاحتياط، الذين غالبا ما يكون وضعهم العائلي والاقتصادي معقدا”.

وتابع آيلاند، الذي سبق وأن شغل منصب رئيس شعبة العمليات في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي “سيبقى الحمل على المقاتلين مرتفعا على أي حال، لكن ينصح بتخفيفه قدر الإمكان”.

والسبب الثالث وفق آيلاند، العبء الاقتصادي، مشيرا إلى أن “كل يوم من القتال يكلف حوالي نصف مليار شيكل (132 مليون دولار)”. وتابع “صحيح أن الجهد الرئيسي الآن في لبنان، لكن كل شيكل نهدره اليوم سنفتقده بشدة غدا”.

وقال آيلاند “إن العالم كله يصرخ من أجل إنهاء الحرب في غزة”. وأضاف “هناك فهم أكبر في العالم لماذا تقاتل إسرائيل في لبنان، وحتى مباشرة ضد إيران، ولكن لا أحد يفهم ما نريد تحقيقه في غزة”.

واعتبر إنه “إذا واصلنا القتال في غزة لمدة ستة أشهر أخرى، أو سنة، فلن يغير ذلك الواقع هناك، سيحدث شيئان فقط: سيموت جميع الرهائن وسيقتل المزيد من الجنود”.

واقع لن يتغير

آيلاند يرى أن مواصلة القتال في غزة لمدة ستة أشهر أخرى، أو سنة، لن يغير الواقع، وسيحدث شيئان فقط: سيموت جميع الرهائن وسيقتل المزيد من الجنود

شدد آيلاند “الواقع بقطاع غزة لن يتغير، لأنه طالما دخلت كميات كبيرة من الإمدادات إلى هناك، وطالما أن حماس توزعها على السكان (..) سيكون لديها دائما مئات المسلحين الذين سيواصلون القتال حتى لو لم يكن لديهم تسلسل قيادي فعال”.

وأضاف “في الاتفاق مع حماس، يجب المطالبة فقط بعودة المختطفين، ولكن في مواجهة اللاعبين الآخرين، مع التركيز على الولايات المتحدة ومصر وقطر، يجب على المرء أن يصر على شيء آخر: لن تسمح إسرائيل بإعادة إعمار غزة إلا إذا تم تنفيذها بالتوازي مع شروعها بنزع السلاح”.

وتابع “غزة مدمرة بالكامل، لن تتمكن حماس من إعادة بناء قوتها ما لم يكن هناك مشروع ضخم لإعادة الإعمار هناك، ولن نسمح بذلك دون آلية تدمر بشكل منهجي ما تبقى من البنية التحتية العسكرية”.

وأعرب عن اعتقاده “بأنه قد تكون هناك خيبة أمل بين سكان غزة إلى حد التمرد ضد حماس، لكن هذا لن يحدث طالما استمرت الحرب وطالما أن قوات الجيش الإسرائيلي موجودة في قطاع غزة”.

واستدرك آيلاند مدعيا أنه “قد تحدث الثورة عندما يدرك السكان أنه بسبب حماس، تم منع إعادة إعمار قطاع غزة”.

وزعم أن “الحرب التي تهدف إلى إزالة التهديد أمر ضروري ويبرر التكاليف الباهظة التي تنطوي عليها، لقد أزيل التهديد الحقيقي”.

الكثير من الفلسطينيين بغزة يقولون إن "خطة الجنرالات" تستهدف احتلال المنطقة وتهجير سكانها في إطار التطهير العرقي لهم

وتابع “لا يمكن تأجيل عودة الرهائن، وإذا تصرفنا بشكل صحيح، فلن تتمكن حماس بعد الآن من بناء قوتها. لذلك، يجب أن نسعى جاهدين لإنهاء الحرب في غزة”.

لكن آيلاند قال “للأسف، لا تتبع الحكومة الإسرائيلية هذا المنطق، ولا تجتمع حتى لمناقشة تهدف إلى الاختيار بين بديلين: استمرار الحرب في غزة حتى النصر النهائي، أو الاستعداد لإنهاء الحرب في غزة مقابل عودة جميع الرهائن”.

ووصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء، إسرائيل في زيارة هي الـ 11 منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر 2023.

وقال بلينكن في منشور على منصة “إكس” لدى مغادرته الولايات المتحدة الاثنين “في طريقي إلى إسرائيل وتوقفي في مناطق أخرى بالشرق الأوسط لإجراء مناقشات مكثفة حول أهمية إنهاء الحرب في غزة وإعادة الرهائن (الإسرائيليين) إلى عائلاتهم وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني”.

وبوساطة مصر وقطر، ودعم الولايات المتحدة، تجري إسرائيل وحركة حماس منذ أشهر مفاوضات غير مباشرة لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل أسرى، لكنها تعثرت بسبب موقف نتنياهو.

وأعلنت حماس مرارا استعدادها لتنفيذ الاتفاق المستند إلى مقترح أعلنه بايدن نهاية مايو الماضي، وتتهم نتنياهو بالتراجع عنه ومحاولة فرض شروط ومقترحات جديدة لإطالة الحرب والبقاء في منصبه.

وتحتجز إسرائيل في سجونها نحو 14 ألف أسير فلسطيني، وتقدر وجود 101 أسير إسرائيلي في غزة، بينما أعلنت حماس مقتل عشرات منهم بغارات إسرائيلية عشوائية.

وخلفت الحرب في قطاع غزة أكثر من 142 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

 

اقرأ أيضا:

      • الشرق الأوسط الجديد حسب المقياس الإسرائيلي

6