شهر رمضان ينعش السياحة في مراكش

المدينة الحمراء تفتح أبوابها للضيوف في الليل والنهار.
الثلاثاء 2025/03/18
الساحات العامة فضاءات دافئة

تعد مراكش وجهة سياحية عالمية شهيرة، وتزداد جذبًا خلال شهر رمضان حيث تتزين بمعالمها التاريخية والثقافية المتنوعة، مثل ساحة جامع الفنا، وقصر الباهية، والمدينة العتيقة، التي يقبل عليها السياح المغاربة والأجانب للاستمتاع بأجواء الصيام في حركة الأسواق وأجواء الإفطار والسهرات التي تمتد حتى موعد السحور.

مراكش - تواصل مدينة مراكش، كوجهة سياحية رائدة في المملكة، استقطاب الزوار الوطنيين والأجانب خلال شهر رمضان. وبعيدًا عن تباطؤ النشاط السياحي، تتيح هذه الفترة فرصة فريدة لاستكشاف المدينة التاريخية في بعديها الروحي والثقافي.

سواء مع العائلة أو ضمن مجموعات أو بين الأصدقاء، تستقبل المدينة الحمراء زوارها بحفاوة في النهار كما في الليل، مانحة إياهم فرصة الاستمتاع بوجهة متفردة تجمع بين التراث الغني والضيافة والروحانية وسط أجواء أصيلة.

وخلافًا لمدن سياحية أخرى في المغرب، تحافظ مراكش على نشاط سياحي مستمر طوال الشهر الفضيل، إذ تظل المواقع البارزة مفتوحة في وجه الزوار، بينما تواصل المحلات التجارية أنشطتها خلال النهار والمساء.

وعلى امتداد اليوم، تسود أزقة المدينة العتيقة والأسواق المزينة في المدينة الحمراء أجواء روحانية ممزوجة بتقاليد عريقة.

جولات ليلية وسهرات تقليدية، وأنشطة فريدة مثل موائد الإفطار الجماعية في المواقع الرمزية ممزوجةً بالأجواء الثقافية المغربية

وتتحول فضاءات شهيرة مثل ساحة “جامع الفنا” إلى مطاعم مفتوحة تستقطب الزوار الراغبين في تذوق أطباق محلية تم إعدادها خصيصًا بمناسبة هذا الشهر الفضيل.

وتُنظم بالمناسبة جولات ليلية برفقة مرشدين سياحيين، وسهرات تقليدية، وأنشطة فريدة مثل موائد الإفطار الجماعية في المواقع الرمزية، من أجل انغماس كلي في الثقافة المغربية.

وتتيح هذه العربات، التي تشكل إرثًا ثقافيًّا وحضاريًّا يعود تاريخها إلى القرن 19، لمستعمليها من السياح الأجانب والمغاربة خلال هذا الشهر الفضيل، فرصة الاستمتاع بالأجواء الرمضانية التي تميز الوجهة السياحية الأولى بالمملكة، من خلال تسهيل عملية تجوالهم عبر أزقة المدينة وشوارعها الرئيسية وداخل أسوارها.

وفي قلب ساحة جامع الفنا المصنفة كتراث لامادي للإنسانية من طرف اليونسكو، تتواجد المحطة الرئيسية لانطلاق وتجمع هذه العربات المجرورة، التي تعد مكونًا من مكونات التراث الثقافي والسياحي للمدينة الحمراء، الوجهة المفضلة لدى العديد من السياح الأجانب والمغاربة.

على إيقاع الحركات المتناسقة للخيول والنغمات الصادرة من الصفائح الحديدية المثبتة بحوافرها وتمايل “الناقوس” النحاسي المعلق على أعناقها، تأخذ العربات المجرورة بالأحصنة السائح في رحلة ممتعة للاستمتاع بجمال المدينة واستكشاف ما تزخر به من فضاءات سياحية ومعالم تاريخية وتراثية.

ويختلف معدل استخدام هذه الوسيلة الحضارية للنقل خلال شهر رمضان، بحسب الفترة السياحية التي تتزامن مع حلول هذا الشهر الكريم، إذ يكون الإقبال عليها كبيرًا خلال ذروة النشاط السياحي في المدينة، حيث يمكن للعربة الواحدة أن تنقل السياح أكثر من مرة في عملية التناوب المتبعة لدى العاملين في هذا القطاع.

أجواء بسحر التاريخ
أجواء بسحر التاريخ

ويلاحظ هذه السنة إقبال نسبي للسياح الأجانب على استخدام “الكوتشي” لزيارة المآثر التاريخية واكتشاف العديد من الأحياء القديمة والفضاءات السياحية والمعالم الطبيعية في المدينة الحمراء، والاستمتاع بلحظات ممتعة وجميلة في جو رمضاني ذو نكهة خاصة تستهوي رواد مدينة “السبعة رجال.”

من أجل الحفاظ على هذا الموروث السياحي، قام أصحاب العربات المجرورة باتخاذ مجموعة من المبادرات لتحسين فضاءات توقفها، وجعلها تتماشى مع متطلبات الحفاظ على البيئة، وتقديم خدمات متميزة تستجيب لتطلعات الزبائن، واستثمارها كوسيلة لا محيد عنها في النقل السياحي إلى جانب وسائل النقل الأخرى.

وأبرز رئيس الجمعية المهنية لأرباب سائقي العربات المجرورة بالخيول بالمدينة، حسن لخضر، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن إقبال السياح على استخدام العربات المجرورة بالخيول خلال شهر رمضان يرتبط بمستوى النشاط السياحي الذي تشهده المدينة في هذه الفترة.

وأشار إلى أن “سائق الكوتشي هو سفير داخلي لبلاده،” معتبراً أن هذه المهنة المتوارثة عن الآباء والأجداد تساهم في التعريف بمؤهلات المدينة وتعزيز إشعاعها العالمي.

وأكد على مساهمة العربات المجرورة بالخيول في إنعاش السياحة الثقافية بالمدينة، من خلال تواجدها في كل الملتقيات والمؤتمرات الدولية التي تقام بمراكش، حيث تُستخدم لنقل المشاركين والضيوف الأجانب في جولات لاكتشاف سحر المدينة الحمراء.

من جهته، قال أحد السياح الأجانب الذي كان برفقة زوجته، في تصريح مماثل، “إنه شيء رائع أن تمتطي عربة مجرورة بالخيول تشتهر بها مدينة مراكش لتجوب شوارعها، وتكتشف مآثرها التاريخية ومتاحفها وفضاءات سياحية أخرى في مدة زمنية قصيرة”.

وعبر عن رغبته في العودة مجددًا برفقة أفراد أسرته لزيارة مدينة مراكش للاستمتاع بأجوائها الساحرة باستخدام وسيلة النقل “الكوتشي”، منوهاً بما حظي به من حسن الاستقبال وكرم الضيافة منذ وصوله للمدينة الحمراء.

Thumbnail

وأكد الكاتب العام للكونفدرالية الوطنية للسياحة، مصطفى أمليك، أن “مراكش ما فتئت تعزز مكانتها أكثر فأكثر، كعاصمة للسياحة بالمغرب، وذلك بفضل العمل الذي قام به مختلف المتدخلين ومهنيي القطاع،” مشيرًا إلى أن شهر رمضان لا يشكل استثناء مع وصول عدد كبير من الزوار الأجانب والوطنيين.

وقال السيد أمليك، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “جهة مراكش آسفي برمتها تشهد دينامية سياحية متواصلة على امتداد السنة،” موضحًا أن مهنيي القطاع والوحدات الفندقية تقدم، خلال شهر رمضان، عروضًا ملائمة تستقطب جميع فئات السياح.

وسجل أن عددًا كبيرًا من السياح يختارون كل سنة مراكش كوجهة لقضاء العطلة خلال شهر رمضان من أجل اكتشاف الطابع الروحي والثقافي للمدينة الحمراء، خاصة خلال الليل عندما تكون المدينة أكثر حيوية وترحيبًا، مضيفًا أن زوار مراكش خلال هذه الفترة يعيشون تجربة متفردة كل يوم ويتقاسمون مع ساكنة المدينة لحظات استثنائية من الروحانية والاستكشاف.

وحسب الكاتب العام للكونفدرالية الوطنية للسياحة، فإن شهر رمضان يشكل مناسبة سانحة للابتكار من خلال تقديم منتج سياحي غني ومتنوع يجمع بين الضيافة والتقاسم والتضامن والروحانية.

وأشار إلى أن العطل المدرسية المقبلة سيكون لها أيضًا أثر إيجابي كبير على الوافدين من السياح الوطنيين إلى المدينة، ما يؤكد المنحى التصاعدي للسياحة في المغرب.

وبهذه المناسبة، عبر عدد من السياح الأجانب، في تصريحات مماثلة، عن سعادتهم وإعجابهم بالأجواء الدافئة والودية للمدينة الحمراء خلال شهر رمضان، مضيفين أن هذا الشهر المبارك يشكل فرصة لاكتشاف المدينة من زاوية جديدة.

وبفضل عرض سياحي ملائم والتزام مهنيي القطاع، تؤكد مراكش جاذبيتها بصفتها وجهة سياحية من الدرجة الأولى، مستقطبة الزوار الأجانب والوطنيين على امتداد السنة، بما في ذلك خلال الشهر الفضيل.

16