شلل قطاع النفط يكبد ليبيا خسائر بقيمة 50 مليار دولار

طرابلس – أظهرت أحدث الأرقام أن الاقتصاد الليبي لا يزال يتلقى ضربات بسبب نزيف عوائد الطاقة بمليارات الدولارات، والتي تعتبر المصدر الأول لموارد الدولة النفطية الغارقة في أزمات خانقة منذ سبع سنوات.
وبلغت الخسائر، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، جراء الانخفاض في إنتاج النفط خلال السنوات الأربع الأخيرة نحو خمسين مليار دولار.
وقال الصندوق في تقرير حول أوضاع الاقتصاد الليبي إن “التراجع في إنتاج النفط أدى إلى حرمان الحكومة من تدفق عائدات بنحو 50 مليار دولار بين 2012 و2016”.
وفاقمت الانقسامات المستمرة طيلة السنوات السبع الماضية والاقتتال بين الميليشيات ولا سيما في العاصمة أزمات الليبيين، الذين تراجعت قدرتهم الشرائية وسط تدهور سريع لقيمة الدينار وارتفاع معدلات التضخم والبطالة واختفاء مجموعة واسعة من السلع من الأسواق.
ولم يأت مؤتمر باليرمو بأي جديد يوحي بالدخول في طريق إنعاش اقتصاد البلاد المنهك، إذ يقول اقتصاديون إنه استنساخ لمؤتمر باريس، وإن المواقف حول توقيت إجراء انتخابات ستعطل مساعي الإصلاح.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد دعا في يونيو الماضي إلى إعادة موارد وإنتاج وإيرادات النفط إلى “سيطرة المؤسسات الليبية المعترف بها دوليا”.
وقال حينها إن “قرارات مجلس الأمن تؤكد الحاجة إلى وحدة المؤسسات الليبية والحق الحصري للمؤسسة الوطنية للنفط في تصدير نفط البلاد”.
وجاء ذلك بعد إعلان مسؤولين في شرق ليبيا أنهم سيرسلون عوائد النفط من المناطق الخاضعة لسيطرتهم إلى بنك مركزي يتبعهم، في تحد لضغوط دولية لعودة الموانئ التي أعيدت السيطرة عليها مؤخرا إلى المؤسسة الوطنية للنفط المعترف بها دوليا.
وتزامن إعلان المسؤولين في ذلك الوقت مع بيان للكيان الموازي للمؤسسة الوطنية للنفط في مدينة بنغازي مفاده أنها تسلمت رسميا موانئ نفط في شرق البلاد خلال احتفال أقيم في ميناء السدرة.
وشكك محللون في إمكانية تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، التي أعلنت عنها حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا في سبتمبر الماضي، في ظل الانقسامات العميقة وتقاذف الاتهامات بشأن أسباب تسارع وتيرة تدهور الأوضاع رغم ارتفاع عوائد صادرات النفط.
وتراجع الإنتاج إلى أقل من 300 ألف برميل في عام 2013، مع اشتداد التوترات الأمنية في البلاد، قبل أن تبدأ رحلة صعود ثم استقرار خلال العام الجاري.
واستعادت ليبيا نسق الصعود في إنتاج النفط الخام فوق حاجز مليون برميل يوميا منذ الربع الثالث من العام الجاري. وبحسب تقرير لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) نشر مؤخرا، بلغ إنتاج ليبيا النفطي نحو 1.3 مليون برميل يوميا في سبتمبر الماضي.
ونهاية الشهر الماضي، قال مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، إن إنتاج بلاده من النفط صعد إلى 1.27 مليون برميل يوميا.
وتلقى الاقتصاد الليبي ضربات شديدة منذ بداية الأزمة وعانى من تراجع صادرات النفط بحوالي 80 بالمئة عن مستويات ما قبل الثورة حين كانت تصل إلى 1.6 مليون برميل يوميا في عام 2010.
وتشير التقديرات إلى أن 72 مليار دولار من احتياطات البلاد من العملة الصعبة تبخرت منذ بداية الأزمة في شهر فبراير 2011، بعدما كانت عند مستوى 130 مليار دولار قبل الأزمة.
ويتوقع الصندوق تراجع معدل التضخم إلى 17.9 بالمئة مقابل 28.1 بالمئة متوقعة بنهاية العام الجاري. وفي ما يتعلق بالعجز في الميزانية، يتوقع الصندوق أن يسجل 26.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، مقابل 25.1 بالمئة هذا العام.