شركات أوروبية ناشئة تقتحم سوق تنظيف الفضاء

وكالة الفضاء الأوروبية تتوجه إلى الشركات الناشئة لإجراء أول عملية تنظيف في بحر كوني من البقايا المعدنية.
السبت 2023/02/18
الفضاء مليء بالنفايات

فرانكفورت (ألمانيا) - تحتل الأقمار الاصطناعية مكانة لا غنى عنها في حياتنا اليومية، اعتبارا من تشغيل الهواتف المحمولة، وتسهيل التعاملات المصرفية والملاحة، وكثير من الأنشطة التجارية والعلمية، غير أن كثيرا منها انتهت صلاحيته، وأصبح يدور حول الأرض كمجرد حطام فضائي، جاهز للإزالة من جانب شركات يمكنها تحويل هذا الإجراء إلى أرباح كبيرة.

وبعد مرور ما يقرب من 66 عاما على إطلاق السوفييت أول قمر اصطناعي، تتوجه وكالة الفضاء الأوروبية إلى الشركات الناشئة لإجراء أول عملية تنظيف في بحر كوني من البقايا المعدنية، وهذا الاتجاه يعني ظهور أنشطة تجارية كبرى، إلى جانب إتاحة بيئة أكثر نظافة وسلامة، لعمليات استكشاف الفضاء المستقبلية.

ويعلق هولغر كراج رئيس برنامج الأمن الفضائي بوكالة الفضاء الأووربية على هذا النشاط الجديد قائلا “هذه السوق مازالت في بدايتها المبكرة، ولكننا بحاجة لترويجها”.

وبالتعاون مع شركة “كلير سبيس” السويسرية الناشئة، تخطط وكالة الفضاء الأوروبية لإطلاق روبوت لديه أربعة أذرع قابضة، بإمكانه إزالة قطع كبيرة من حطام الأقمار الاصطناعية، ويبدو هذا الابتكار كما لو أنه مشهد من فيلم سينمائي عن الخيال العلمي، ولكن على أرض الواقع، من المقرر إطلاق أول مهمة للشركة لتنفذ أعمالها خلال عامي 2025 و2026.

130

مليون قطعة كل منها أصغر من سنتيمتر نتجت عن انفجارات وتصادمات بين المعدات الفضائية

وكأنه مشهد من فيلم “مخلوق فضائي”، سيقوم الروبوت بالإمساك وحرق مرحلة من مراحل إطلاق صاروخ مستهلك، يبلغ وزنها 112 كيلوغراما، وتم إطلاقها عام 2013، وهي تقوم بالدوران في الفضاء على ارتفاع نحو 700 كيلومتر.

وتستثمر الوكالة الأوروبية في المشروع أكثر من 100 مليون يورو (108 ملايين دولار)، كما يشارك فيه مستثمرون من القطاع الخاص، وفي هذه الحالة، لا يبدو للسماء سقف بالتأكيد، حيث يتم التخطيط لجمع المزيد من قطع الحطام على مسافة آلاف الكيلومترات من كوكب الأرض.

وأحصت وكالة الفضاء الأوروبية أكثر من 35 ألف قطعة من المخلفات الفضائية، حجم كل واحدة منها أكبر من 10 سنتيمترات، بالإضافة إلى 130 مليون قطعة كل منها أصغر من سنتيمتر واحد، ونتج كثير من هذا الحطام عن انفجارات وتصادمات بين المعدات الفضائية، وتم وضع خرائط لها لتسهيل التعامل معها مستقبلا.

وهذه الفترة المستقبلية حانت، وسيبدأ العمل بإزالة القطع الأكبر حجما من الحطام، قبل أن تتحول إلى قطع أصغر، غير أن عملية التنظيف ليست كافية.

مهام إزالة الحطام من الفضاء تعد نموذجا لأعمال تجارية مستقبلية

ويقول كراج “مع وضع جميع المشكلات البيئية في الاعتبار، يتعين علينا منع تكون المخلفات الفضائية، قبل أن نضطر إلى إزالتها، فهل نحن نقوم بعمل جيد في منع حدوث المخلفات؟ لا أعتقد ذلك”.

وتقضي الخطة الحالية بإحراق الحطام بعد توجيهه إلى الغلاف الجوي المحيط بالأرض، ولكن في المستقبل يجب أن يتم تجنب تكوين هذا الحطام من البداية، وفي هذا الصدد يضيف كراج “إننا نطالب بأن يتم اعتبارا من عام 2030 وفي ما بعد، في نهاية كل مهمة فضائية، التخلص من القمر الاصطناعي أولا بأول”.

كما يرى مانيول ميتز الخبير في المخلفات الفضائية، بمركز الفضاء الألماني، أن مهام إزالة الحطام من الفضاء تعد نموذجا لأعمال تجارية مستقبلية، ويقول “إن الفكرة واضحة تماما، وهي يجب أن يكون هناك تصور لتنفيذ الخدمات التجارية والتطبيقات المرتبطة بها”.

ويضيف ميتز أن الروبوتات الشبيهة بالأخطبوط، التي تصطاد بأذرعها المخلفات الفضائية، ليست كافية في حد ذاتها لتنظيف الفضاء، والأفضل من ذلك استخدام مجموعة من التقنيات المختلفة، ويتابع “لديّ انطباع بأن هذا النشاط أمامه سوق واعدة، ويتم في عدة دول اختبار مناهج مختلفة، للتعامل مع هذه المخلفات”.

وفي ما يتعلق بالتفاصيل الأساسية، يتم حاليا تزويد الأقمار الاصطناعية بمرفقات مقابض لتسهيل عملية إزالتها، وفي الصورة الأوسع نطاقا، يجب أن يكون هناك أيضا أسلوب أفضل للرصد والمراقبة لقطع الحطام حتى تتسنى إزالتها في النهاية بطريقة أسرع.

Thumbnail

وتتبع شركة فويما الألمانية الناشئة أسلوب الرصد والمراقبة هذا، وتسعى لاستخدام الأقمار الاصطناعية التابعة لها في جمع بيانات أولا بأول حول الحطام السابح في مدار حول الأرض.

وهذه البيانات التي يتم تحديثها أولا بأول، تساعد على تجنب عمليات الاصطدام المحتملة بين قطع الحطام الفضائي، وتمكن من إزالتها بشكل فعال، وعلى سبيل المثال عن طريق إتاحة المعلومات عن مدى سرعة قطعة الحطام وما إذا كانت تدور في مدار حول الأرض.

ولا تريد شركة فيوما أن تحدد نشاطها في إزالة قطعة واحدة، ولكنها تراقب عدة قطع في نفس التوقيت، مما يسمح بتحديد سعر يدور حول بضع المئات من اليورو فقط شهريا لكل قطعة حطام.

ومن المقرر إطلاق أول قمرين اصطناعيين للشركة عام 2024، وهي لديها بالفعل بعض العملاء التجاريين ومن المؤسسات المالية في الانتظار، ويقول ستيفان فراي المؤسس المشارك للشركة “سيكون ذلك كافيا لإعداد كتالوج عن قطع الحطام الأكبر حجما من 20 سنتيمترا”، وبعد ذلك من المقرر إطلاق عشرة أقمار اصطناعية أخرى للمراقبة.

وبعد انتهاء مهامها الفضائية، يتم توجيهها أيضا إلى الغلاف الجوي لكي تحترق، وبذلك يتحقق هدف النشاط الفضائي الأكثر نظافة، ويقول فراي “نحن في المقام الأول لا نريد أن نزحم الفضاء بالمزيد من الحطام بأنفسنا”.

16