يمكن اعتبار المسار الروائي، إنضاجا لقدرات التمثيل العاكسة للخلل في التوازن بين مكونات الجسد والوعي والوجدان ومحاولة لفهم ماهية الألم.

كانت الدهشة المواربة في البداية عبر انتخابات تقلص فيها التفويض وأملا طويل النفس بعد ذلك حين شاءت إرادة الدولة أن تصطنع تداولا توافقيا للسلطة ثم تعبا مفعما بالضغائن في النهاية.

نخبة لا تشتري المثلجات في عز الصيف، وتكرر عند أي فجوة صمت أن الرجال انتهوا مذ تحولت البناية المقابلة، لـ"شاطوبرياند"، إلى فضاء تدريب على خوض الانتخابات.

القيثارة لا تحتمل التركيب أو التنويع، تعزف اللحن الرئيس دون تطلع إلى هارمونيا متعددة الطبقات والأبعاد، صداها هو الجسد بارتداداته.

مقتل "خالد الأسعد" المفعم بالضغينة والانحطاط والخروج الحضاري، يبدو أكثر التحاما بمذبحة بني سراج في قصر الحمراء التي التبست بفناء بديع احتضن مجدها ونكبتها في القصر المنيف.

تغوّل الدول التسلطية المستثمرة في العقيدة، جعلت أحلام التغيير تصطدم بجدار المحيط الاجتماعي الغارق في أنويته القبلية والمذهبية.

لا مكان لمشاعر أخرى في انتصارات الحروب الدينية، والطائفية، حتى الفرح والغبطة يجب أن يكونا ممهورين بالرعب من القادم.

الوفاء والإخلاص والتضحية والنجدة والحب غير المغرض، مفردات مشتقة من مدونة الأحاسيس والرمزيات المسقطة على هذه الحيوانات اللطيفة التي تستعمل أسماؤها في الشتائم اللاسعة.

البلدان العربية غير مأمونة بتاتا كي تودع مجلات محترمة أجور كتابها في بنوكها المهددة.

ملامح تلك المدن الثلاث الأثيرة التي احتضنت زيارات الكاتب المغربي سرعان ما تتوه في صور حديثة، تتلاشى داخلها العديد من الذكريات والأحاسيس عن فضاءات وأناس ووقائع عديدة.

التدين الشعبي هذا، المناهض لكل أشكال الثقافة والتعابير الجمالية، هو ما يصطلح عليه اليوم بالحاضنة الاجتماعية للإرهاب، لأنه تحول إلى ثقافة مكتفية بذاتها، غارقة في الشكليات الدينية.

الانتكاسة التي شهدتها الجامعة المغربية، مطلع التسعينات من القرن الماضي، سرعان ما فسحت المجال لعودة مظاهر الولاء والنفاق المتصلة بنموذج "الشيخ والمريد".

الرأي العام الثقافي المغربي لا يزال يذكر ذلك العمود القاسي للقاص إدريس الخوري عن الديوان الذي اكتشفه مرميا في وعاء القمامة بحانة شهيرة في الرباط.

الصورة تسجيل وتثبيت لبصمة ضوء، في زمن ما، لذا فإن قراءتها لن تمضي بعيدا عن حدود الكشف عمّا هو مسجل ومحتكر في إطار، بينما التصوير السردي يتجاوز الامتلاء البصري إلى السراب اللغوي والمجازي.

قراءة الرواية موهبة ولعنة في آن، بقدر ما هي شهوة متقدة، لهذا لا يحتاج قارئ الرواية إلى "قواعد"، بل إلى تفاصيل.

النشوة الشيطانية، واللذة المحرمة، والمروق عن المعتقدات نوازع أزلية في الرواية والشعر والسينما والمسرح، لأنها تعبّر عن حالة قلق وجودي ملازم للكائن الإنساني.