شرطي عراقي بحلة بابا نويل ينشر البهجة في الموصل

الأعياد فرصة للأطفال في كل العالم للاستمتاع والفرح واللعب، فالكريسمس في الموصل القديمة مناسبة لينسى الأطفال معاناتهم، خاصة حين يهل عليهم بابا نويل على كرسيه المتحرك.
الموصل (العراق) ـ يشعر رجل الشرطة العراقي أحمد رجب، الذي أصيب بالشلل خلال القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بسعادة غامرة وهو يسلّي الأطفال ويحاول إدخال البهجة والسرور عليهم في موسم الأعياد مرتديا زيّ بابا نويل.
وتقول الأسطورة إن بابا نويل، أو سانتا كلوز، يحمل للأطفال هدايا تطابق خيالهم لتكون أحسن ختام للسنة الحالية وفأل خير وأمل للسنة القادمة، ما دفع رجب في الموصل القديمة ليدفع الأطفال هناك للإقبال على الاحتفال بانتهاء سنوات الحرب والرعب.
ويقول رجب "أتجول في الموصل القديمة لأوزع الهدايا على الأطفال وأدخل في قلوبهم الفرحة، وأسعدهم بهذه السنة الجديدة إن شاء الله سنة خير". ومن حقيبته البلاستيكية الحمراء كان رجب يخرج الحلوى والهدايا التي تنوعت ويوزعها على الأطفال الذين تجمعوا حوله في ساحة المدينة القديمة.
ويضيف "حين أُفرح هؤلاء الأطفال في هذه المنطقة التي عانت من الأضرار بسبب الحرب وبسبب عصابات داعش التي دمرت المدينة وخصوصا هذه المنطقة التي كان أهلها يعيشون حياة سعيدة وجميلة، أحس براحة نفسية".
◙ العائلات المسيحية التي عادت من الهجرة القسرية وحتى المسلمة تقبل على محل أحمد رجب لشراء الأشجار والزينة احتفاء بالعام الجديد
ولا تزال معظم مدينة الموصل القديمة في حالة خراب منذ القتال ضد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الذين كانوا يتخذون منها معقلا لهم، لكنّ الموصليين يقبلون على شراء الهدايا وتزيين بيوتهم. ويقول خليل صاحب محل لبيع الهدايا إن الكثير من العائلات المسيحية التي عادت من الهجرة القسرية وحتى المسلمة تقبل على محله لشراء الأشجار والزينة.
ومنذ أن دحرت القوات العراقية الدواعش توفر بلدية الموصل كافة متطلّبات الاحتفال برأس السنة الجديدة؛ منها تزيين شجرة الميلاد وسط المدينة، ومنصّات للاحتفالات التي تلتقي فيها كل الطوائف.
وكثفت الفرق التطوعية ومنظمات المجتمع المدني من نشاطاتها داخل المدينة وجهّزت العشرات من الساحات العامة والحدائق لتنظيم الاحتفالات. وكان أحد الأصدقاء يدفع رجب في كرسيه المتحرك في الشوارع المليئة بالحطام وبجوارهما يسير الأطفال في سعادة عبر البلدة مستمتعين بالموسيقى والألعاب.
وقال رجب "لا أعتبر نفسي من ذوي الإعاقة. عندما تعتبر نفسك معاقا فأنت حطمت آمالك وحياتك، ولا تستطيع أن تعمل بعدها.. أنا أستطيع أن أعمل وأن أساعد وأنا قادر على تقديم كل شيء.. عندنا أبطال من ذوي الإعاقة".
ويقول أيهم عبدالله من سكان الموصل "هذه المدينة القديمة تحتاج إلى رفع المعنويات من خلال الاحتفال بطقوس رأس السنة الجديدة وعيد ميلاد المسيح عليه السلام". ويضيف "هؤلاء الأطفال يريدون فرحة لأن المدينة القديمة ذاقت الأمرّين. المدينة القديمة أخذت ما فيه الكفاية من الدمار، نريد أن ترجع البسمة على وجوه أهلها ونرجع للأطفال الضحكة وننشر الفرح في منطقة الميدان هذه بالتحديد".
ويعود بعض المسيحيين في المدينة الذين فروا من العراق خلال حكم الدولة الإسلامية بوتيرة بطيئة إلى ديارهم، ويمارسون بعضا من شعائرهم في مواسم الأعياد. ويوجد أكبر وأقدم تجمع مسيحي في العراق في منطقة سهل نينوى في الموصل حيث يحتفل هناك الآشوريون والكلدانيون بأعياد الميلاد.
◙ الشرطي العراقي يعوّل على أسلوبه المرح من أجل أن ترجع البسمة إلى وجوه أهل المدينة القديمة وتعود إلى الأطفال ضحكتهم
وقالت الطفلة تيما غانم "نحن في الموصل القديمة زارنا هذه السنة بابا نويل، لعبنا معه ومازحناه ثم أعطانا هديا وكانت عروس جميلة من نصيبي.. أتمنى أن تكون السنة القادمة سنة فرح علينا وعلى كل الأطفال في العراق".
وقال علاء غانم، ولد يتيما، "حقيقة نحن في المنطقة القديمة نحتاج لمثل هذه الفعاليات وخاصة الأطفال الذين عايشوا الحرب وخلفت في نفسياتهم ذكريات مرعبة وجاء بابا نويل اليوم ليعيد لهم الفرحة ويعيد لهم طعم الحياة”.
ويتحدث رجب عن شعوره بالسعادة وسط الأطفال قائلا "أحلى شعور عندما أجتمع مع هؤلاء الأطفال الأبرياء.. أكون في وسطهم وأفرحهم بأشياء بسيطة حتى بالكلام، فإذا أسمعت طفلا كلاما جميلا فالطفل سيفرح".
ولم يقتصر توزيع الهدايا على الأطفال على بابا نويل، ففي السنوات الماضية ظهرت "ماما نويل" وهي تركب دراجتها وتمر وسط الأزقة والشوارع لترفه عن الأطفال وتغني لهم ومعهم في الموصل القديمة. وقالت شيماء العباسي، وهي ناشطة مسلمة كردية عراقية ويلقبها الأطفال بماما نويل، إنها نفسها شربت، في طفولتها، من ذات كأس المعاناة التي يشعر بها الأطفال حاليا.