"شراء القروض" اختبار لقدرة الحكومة الكويتية على مواجهة البرلمان

مشروع القانون يزيد من حجم الضغوط على الحكومة خاصة أن البلاد في وضع صعب وإمكانياتها المالية لا تسمح بأعباء جديدة.
الأربعاء 2023/01/11
المقترح يختبر شخصية الشيخ أحمد نواف الصباح

الكويت- أعاد مقترح قانون  في مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) يتعلق بإسقاط الحكومة للقروض التي حصل عليها المواطنون وتبلغ قرابة خمسين مليار دولار التوتر بين الحكومة والبرلمان إلى الواجهة، في وقت تقول فيه أوساط  سياسية كويتية إن هذا الصدام سيكشف عن طبيعة الحكومة، وهل ستكون ضعيفة أمام ضغوط النواب أم أنها ستكون قوية لرفض مطالب شعبوية من النواب لتعجيزها أمام الرأي العام الكويتي.

وترى الأوساط السياسية الكويتية أن مشروع القانون الخاص بشراء القروض غير واقعي خاصة أن البلاد في وضع صعب وإمكانياتها المالية لا تسمح بأعباء جديدة، كما أنه يساوي بين من يستحق من المواطنين دعم الدولة من متوسطي الدخل وبين من لا يستحق من الأثرياء الحاصلين على القروض، وهو ما يؤكد أن المقترح غير مدروس وأن الهدف منه إحراج الحكومة واختبار شخصية رئيسها الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح.

وألقت هذه الأوساط باللوم على انسحاب ممثلي الحكومة، متسائلة عن السبب الذي يجعل الوزراء يغادرون جلسة برلمانية بدلا من البقاء لتسجيل المواقف والرد على المقترح وتسجيل اعتراض الحكومة على بنوده، وإقناع الرأي العام بموقفها بدلا من أن تبدو في صورة الحكومة الخائفة من سطوة مجلس الأمة ومزايدات النواب.

44

نائبا أصدروا بيانا اتهموا فيه الحكومة بالعودة إلى ممارسات الحكومات المتعاقبة في تعطيل أعمال السلطة التشريعية

وأنهى هذا التوتر فترة نادرة من التوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كان الكثيرون يعلقون عليها الآمال لتحريك عجلة التنمية وتحقيق الإصلاح الاقتصادي والمالي المؤجل منذ سنوات.

ويقضي الاقتراح الذي أقرته لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية وشرع المجلس في مناقشته الثلاثاء بشراء الحكومة للقروض التي اقترضها المواطنون من البنوك وشركات التمويل والاستثمار ثم إعادة تقسيطها على فترات زمنية طويلة جدا بعد إسقاط الفوائد.

وانسحبت الحكومة، التي مثلها وزيران فقط، من الجلسة ليعلن بعدها رئيس البرلمان أحمد السعدون تأجيلها إلى صباح الغد (اليوم الأربعاء)، واصفا تصرف الحكومة “بالخطأ”.

ويقول النواب المؤيدون لمشروع القانون إن القروض البنكية وفوائدها تثقل كاهل الغالبية العظمى من الأسر الكويتية في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة نسب التضخم.

وكشف بنك الكويت المركزي يوم الخميس الماضي أن عدد الكويتيين الحاصلين على قروض أو تمويل شخصي لأغراض استهلاكية أو إسكانية 550 ألف شخص، وأن قيمة هذه القروض تبلغ 14.7 مليار دينار (48.07 مليار دولار)، في حين بلغت نسبة المتعثرين عن السداد 2.3 في المئة.

وترى الحكومة أن هذا القانون لا يحقق العدالة، وطلبت من البرلمان إعادة تقارير اللجان حول هذا الاقتراح واقتراحات أخرى تتضمن أعباء مالية على الدولة إلى اللجان لمناقشتها من جديد مع الحكومة والتوافق بشأنها.

وخلال الجلسة أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة عمار العجمي أن هذا الاقتراح “يخلّ بمبدأ العدالة والمساواة”.

وأعرب الوزير العجمي عن استغرابه من “استعجال” رفع تقارير اللجان البرلمانية إلى المجلس “دون تمكين الحكومة” من دراسة هذه الاقتراحات وما تضمنته من أعباء مالية.

حسن جوهر: إما التعامل مع البرلمان بجدية وإما مصير حكومات سابقة
حسن جوهر: إما التعامل مع البرلمان بجدية وإما مصير حكومات سابقة

وأثار الانسحاب من المجلس موجة غضب بين عدد كبير من النواب الذين اتهموا الحكومة بالعودة إلى ذات الممارسات التي فجرت العلاقة بين المجالس والحكومات السابقة.

وأصدر 44 نائبا من النواب الخمسين المنتخبين بيانا اتهموا فيه الحكومة بالعودة إلى “ممارسات سابقاتها من الحكومات المتعاقبة في تعطيل أعمال السلطة التشريعية عبر الانسحاب غير المبرر” من الجلسة.

وقال البيان الذي نشره النواب على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي “نظرا إلى هذا السلوك غير المقبول فإننا نؤكد رفضنا القاطع لما قامت به الحكومة وسنتعامل مع هذا السلوك غير الدستوري وفقا لصلاحياتنا الدستورية”.

وأعلن النائب مبارك الحجرف على حسابه في تويتر تقديم استجواب لوزير المالية عبدالوهاب الرشيد.

وقال النائب حسن جوهر في كلمة ألقاها عقب الجلسة موجها حديثه إلى رئيس الوزراء “عندك فرصة أخيرة ليوم غد، إما أن تتعامل مع مجلس الأمة بجدية وتعاون حقيقي.. وإما سيكون نفس المصير الذي كان للحكومات السابقة. نعم، كنا متفائلين، لكن هذا التفاؤل بدأ يتبخر”.

وتعيش الكويت منذ سنوات توترا مستمرا بين الحكومات والبرلمانات المتعاقبة، وهو ما عطل مشاريع التنمية وجهود الإصلاح المالي والاقتصادي الذي تحتاجه البلاد بشدة في ظل تقلب أسعار النفط الذي تعتمد عليه البلاد في تمويل ميزانيتها بنحو 90 في المئة.

وبعد صراع طويل بين البرلمان والحكومة السابقين، أعلن ولي العهد، الذي يتولى معظم صلاحيات الأمير، في يونيو الماضي حل البرلمان، وأعقب ذلك قبول استقالة الحكومة برئاسة الشيخ صباح الخالد الصباح وتعيين الشيخ أحمد نواف الصباح رئيسا جديدا للوزراء وإجراء انتخابات جديدة أسفرت عن فوز ساحق للنواب المعارضين.

وطالب ولي العهد في كلمة، ألقاها نيابة عن أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح في افتتاح البرلمان في أكتوبر، مجلس الأمة الذي انتُخب في الـ29 من سبتمبر والحكومة بإنهاء حالة التوتر التي كانت سائدة طوال السنوات الماضية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتحقيق التوافق والانسجام بينهما.

1