"شخلعة" مصريات يكسرن الوصمة الاجتماعية بالرقص

الرقص كغيره من الفنون يؤدي دوره في صقل النفسية والجسد ورغم أن المغرمات بالرقص الشرقي يعانين من الوصمة التي يلحقها بهن المجتمع فإن بعضهن اختار المشاركة في مبادرة “شخلعة” للرقص بحرية.
القاهرة - أطلقت مي عامر، وهي عالمة أنثروبولوجيا، مبادرة “شخلعة”، وهي مجموعة مصرية تُعنى بتشجيع النساء على ممارسة الرقص الشرقي.
وتهدف المبادرة إلى تمكين النساء وتحدي الوصمات الاجتماعية المرتبطة بأجسادهن لخلق مساحة آمنة خلف الأبواب المغلقة، حيث يمكن للنساء ممارسة الرقص بحرية ودون أحكام.
وتكرر مي كلمات تتردد على لسان المشاركات في المجموعة، “كل امرأة تأتي إلى ‘شخلعة’ تقول إن هذا وقتها الخاص. هي هنا لتستمتع بالرقص وتقوم بالهواية التي تحبها، لتتحرك بالطريقة التي تفضلها وسط مجموعة من السيدات”. وتتابع أن “شخلعة” تتيح تواصلاً مفتوحاً عبر صفحتها على فيسبوك، حيث تلتقي المشاركات في ورشة عمل تمتد لثلاثة أشهر، يتبعها عرض نهائي خاص أمام الأصدقاء والعائلة لضمان شعور النساء بالراحة أثناء الرقص بحرية أمام جمهورهن.
وتضيف “نقتصر على النساء فقط للحفاظ على خصوصية المساحة وضمان حرية التعبير. فـ’شخلعة’ توفر مساحة في المنتصف بين الممارسة والحرفية. نحن نقوم بدورنا في مواجهة التهديدات التي قد تتعرض لها الراقصات، ونفتح المجال لنساء أخريات للانضمام”.
وتشير إلى أن اجتماعات المجموعة كانت في غرف ضيقة، ولذلك نسعى لتوفير فضاء أوسع لجمع عدد أكبر من النساء للاستمتاع بالرقص.
وتؤكد أنه لا توجد أيّ شروط للانضمام إلى المجموعة، قائلة “ليس لدينا أيّ شروط تتعلق بالجسم أو اللون أو الحجم، بدأنا بأربع نساء، والآن لدينا 36 راقصة تتراوح أعمارهن بين 18 و48 سنة، وبأوزان تتراوح من 55 إلى 130 كيلوغراما، وكل امرأة يمكنها أداء الحركات التي تناسبها، لأن الرقص مجال واسع يمكن أن يناسب الجميع”.
وعن تجربتها تقول مي، إنها تربت في بيئة كان فيها خطاب متناقض تجاه الرقص، حيث اعتبر والداها الرقص مهنة غير لائقة، لكنهما امتدحا الراقصة سهير زكي. ورغم تشجيع مي على الرقص في حفلات العائلة، لم يدعماها عندما فكرت في ممارسته كمهنة. وتابعت بالقول “تدربت على الرقص كجزء من برنامج علاجي للنساء للتخفيف من الصدمات النفسية، واكتشفت من خلاله نفسي وجسدي”.
وتشير إلى أنها عانت من نوبات هلع بعد انفصالها عن زوجها، وبدأت العلاج النفسي مع نصيحة بتضمين الرقص اليومي في روتينها، مما ساعدها على التعافي وتجنب الأعراض الجانبية للأدوية. وتضيف “أقنعتني تجربتي الشخصية بأنه لا يوجد جسم مثالي للرقص، فنحن نرقص لنكون سعداء”.
وتعتبر المشاركات في “شخلعة” أكثر من مجرد راقصات؛ فهن يشكلن مجتمعاً متماسكاً يجمعن مواردهن لاستئجار مساحات تدريب ومشاركة أزياء الرقص والأكسسوارات.
وتقول الباحثة شذى يحيى بأن الرقص الشرقي ظاهرة فنية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، ومع ذلك ما زالت محتقرة ومرفوضة من الشرق والغرب على السواء، الجميع يحب الراقصة الشرقية والرقص، لكن لا أحد يعترف بذلك.
وتضيف، أن “الراقصة” عند الغرب مرادفها “المرأة اللعوب”، ليصبح الرقص مرادفًا للشر والفجور، وهو ما ترسّخ عن الراقصات الشرقيات، ووصفهن في الأدبيات الغربية بالنساء الشرقيات الساحرات المسكونات بالغواية والإغراء.
وتقول آسيا سليمان، إحدى عضوات المجموعة، “الفكرة جذبتني لأنها تركز على كسر الأنماط المجتمعية التي تحدد كيفية شكل جسم المرأة وكيفية رقصها. في النهاية، الرقص هو وسيلة للتعبير عن الذات، وكل امرأة تستطيع أن تجد حريتها وسعادتها فيه”.
وتؤكد سليمان أن “شخلعة” تمثل بيئة داعمة وآمنة للنساء، حيث يستطعن التحرر من الانتقادات المجتمعية المرتبطة بأجسادهن. وتضيف أن المبادرة تدفع النساء إلى الأمام وتحثهن على عدم الاستسلام للضغوط المجتمعية التي تفرض قيودًا على حرية الحركة والتعبير.
وانضمت مها سليم إلى فريق “شخلعة” بعد التأكد من أنها توفر مساحة آمنة ومخصصة للفتيات فقط، حيث تقام العروض الخاصة بالفريق للنساء فقط مع التأكيد على عدم التصوير. وتقول مها لـ”فكر تاني”: “تعلمت رقص الصالصا والتانغو، وقررت الانضمام إلى ‘شخلعة’ بسبب شعوري بالراحة النفسية، إذ توفّر بيئة خاصة بعيدة عن المجتمع”.
وترى مها التي ظلت ترقص في الأوقات التي تغيب فيها والدتها عن البيت ثم انضمت إلى الفريق النسائي دون أن تخبر والدتها، أن الرقص البلدي قد غيّر نظرتها إلى جسمها وزاد من ثقتها بنفسها. وتضيف “الرقص يعزز قبولنا لأجسادنا مهما كانت، سواء كانت بدينة أو نحيفة، أو حتى إذا لم تكن متوافقة مع المعايير المعتادة. كل فتاة يمكنها ارتداء البدلة والرقص بثقة”.