شحن الحبوب عبر البحر الأسود ليس الخيار الوحيد لكنه الأقل كلفة

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتهم روسيا بالتلاعب بالغذاء من أجل تحقيق أهدافها في أوكرانيا.
الاثنين 2023/09/04
طريق أقصر.. غذاء أرخص

موسكو - لا يزال تمديد اتفاق ممر الحبوب عبر البحر الأسود المبرم في يوليو 2022 بين روسيا وأوكرانيا بوساطة تركية أممية، الخيار الأقل تكلفة بين عدد من البدائل المقترحة عقب انتهاء الاتفاق في يوليو الماضي.

وفي 17 يوليو 2023 أعلنت موسكو رفضها تمديد اتفاق ممر الحبوب الأوكرانية، لكنها قالت لاحقا إنها ستمدده “فور تنفيذ الجزء الروسي منه”، وإيصال الحبوب إلى الدول المحتاجة بما فيها البلدان الأفريقية، إلى جانب شروط أخرى.

وفي 22 يوليو 2022، وقّعت روسيا وتركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة مبادرة البحر الأسود المعروفة إعلاميا بـ”صفقة الحبوب”، التي تقضي بإخراج الحبوب والمنتجات الغذائية الأوكرانية عبر البحر الأسود من 3 موانئ، بما فيها ميناء أوديسا.

وفي إطار جهود إحياء الاتفاق، كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحفي مشترك الجمعة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف عن إعداد الأمم المتحدة حزمة جديدة من المقترحات بشأن اتفاق ممر الحبوب، مبيناً أن هذه الخطوة تعد إسهاماً هاماً لتشكيل الأرضية اللازمة لإحياء مبادرة الحبوب.

نقل الحبوب من ميناء أوديسا عبر رومانيا والاتحاد الأوروبي، سيزيد من تكاليف النقل وبالتالي من أسعار الغذاء عالميا

ومن أبرز وأهم بنود حزمة المقترحات الأممية الجديدة ضم إحدى الشركات التابعة للبنك الزراعي الروسي (Rosselhozbank) في أوروبا، إلى نظام الاتصالات المالية العالمية بين البنوك المعروفة اختصارا بـ “سويفت”، ورفع القيود المفروضة على أصول شركات الأسمدة الروسية المجمدة في أوروبا.

وفي الوقت الذي تواصل فيه الأمم المتحدة، جهودها لإحياء اتفاق ممر الحبوب، تبرز مقترحات أخرى بديلة للاتفاق، إلا أنها تعاني من مشاكل متعلقة بالأمن والتكلفة العالية.

وروسيا التي أعربت عن انزعاجها من عدم وصول الحبوب المشحونة في إطار الاتفاق إلى البلدان النامية، تقترح شحن مليون طن من الحبوب إلى تركيا ومعالجتها هناك بتمويل قطري قبل شحنها إلى الدول الأقل نمواً.

لكن وبعد عام واحد من توقيع الاتفاق في إسطنبول، تم شحن 33 مليون طن من الحبوب عبر البحر الأسود. أي أنه عند مقارنة هذه الكمية بالكمية التي في المقترح الروسي، يتضح أن الطلب أعلى بكثير مما اقترحته موسكو.

وأدى عدم وصول كميات كافية من الحبوب إلى البلدان المحتاجة، إلى نشوب أزمة أسعار في المواد الغذائية، وسط مخاوف من أن يتسبّب ذلك في أزمة عالمية.

وانطلاقاً من ذلك، فإن اتفاق ممر الحبوب يبرز عملية هامة جداً من حيث محافظته على الأمن والاستقرار الغذائي العالميين.

وعقب انسحاب روسيا من اتفاق ممر الحبوب اقترحت أوكرانيا نقل الحبوب إلى العالم عبر رومانيا. وينص المقترح الأوكراني الذي يقصي روسيا، على نقل الحبوب بحراً من ميناء أوديسا إلى رومانيا، ومن هناك عبر نهر الدانوب إلى أوروبا ومن ثم إلى دول العالم.

إلا أن المنطقة الممتدة بين ميناء أوديسا ورومانيا هي تلك التي تطالها الحرب الروسية - الأوكرانية، كما أن نهر الدانوب يشهد بين الحين والآخر اشتباكات ونزاعات.

وإضافة إلى ذلك، أعلنت روسيا عقب انسحابها من اتفاق ممر الحبوب، بأنها ستعتبر جميع السفن المتجهة إلى موانئ أوكرانيا على أنها تنقل معدات عسكرية إلى كييف، وأن الدول التي ترفع علمها السفن المتجهة إلى موانئ أوكرانيا “متورطة” في النزاع إلى جانب كييف.

وهذا المشهد يثير المخاوف من اتساع رقعة الاشتباكات في البحر الأسود عبر استهداف روسيا سفن دول أخرى تتجه إلى موانئ أوكرانيا.

روسيا تقترح شحن مليون طن من الحبوب إلى تركيا ومعالجتها هناك بتمويل قطري قبل شحنها إلى الدول الأقل نمواً

وإلى جانب المخاوف الأمنية، فإن نقل الحبوب إلى دول العالم من ميناء أوديسا عبر رومانيا والاتحاد الأوروبي سيزيد من تكاليف النقل أيضاً، وبالتالي من أسعار المواد الغذائية عالمياً.

وقال متحدث الكرملين ديمتري بيسكوف في 17 يوليو الماضي “لقد انتهى بالفعل اتفاق ممر الحبوب، وتم إيقافه. ستعود روسيا فورا إلى الاتفاق بمجرد تنفيذ شروطه، فلم يتم الوفاء بالقسم المتعلق بروسيا فيه”.

واتهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن روسيا بالتلاعب بالغذاء من أجل تحقيق أهدافها في أوكرانيا.

وأشار بلينكن في جلسة حوارية بمنتدى “أسبن” للأمن بولاية كولورادو إلى أن بلاده تنظر مع حلفائها في خيارات لتصدير الحبوب من أوكرانيا.

لكنه حذر من أن الوسائل البديلة لتصدير الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية “من المحتمل ألا تكون كافية”، دون المزيد من التفاصيل.

ونددت الولايات المتحدة بالهجمات الروسية المُستمرة على البنية التحتية لتصدير الحبوب في أوكرانيا، وقالت إنها تعمل مع شركاء لإيجاد خيارات بديلة لصادرات الحبوب الأوكرانية.

وقال فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية في إفادة صحفية إن الولايات المتحدة تدعو روسيا للعودة على الفور إلى مبادرة حبوب البحر الأسود”.

وقال باتيل، دون الخوض في التفاصيل، إن الولايات المتحدة تسعى إلى إيجاد طرق وممرات يُمكننا من خلالها الاستمرار في نقل الحبوب إلى الأماكن التي تحتاج إليها”.

وأضاف أن واشنطن لم تر أيّ بادرة من الروس تعبر عن رغبتهم في العودة إلى الاتفاق.

6