شتاء تبوك يعيد الأطباق الشعبية إلى موائد أهالي المنطقة في السعودية

"المجللة" و"المرقوق" و"المليحية" تأتي في مقدمة الأطباق.
الثلاثاء 2024/02/13
أكلات تمد الجسم بالطاقة

تعد منطقة تبوك نقطة التقاء العديد من الثقافات حيث يتجلى ذلك في أكلاتها المتأثرة بالدول المجاورة مثل بلاد الشام، وخصوصا الأردن، كما تفردت في ذات الوقت بمكونات محلية ميزتها عن باقي المناطق. وتتغير الأطباق في تبوك وفق الطقس، حيث يحرص السكان على الموازنة بين حبهم للأكلات البحرية وأطباق اللحوم التي تعطي الدفء في الشتاء. إلا أن هناك أطباقا تقليدية تتواجد على مدار العام.

تبوك (السعودية) - تختلف وتتنوع المأكولات في المملكة من منطقة إلى أخرى بسبب العادات والتقاليد الخاصة بكل منطقة وإرثها الثقافي الذي يميزها عن غيرها، وتتنوع أيضا بحسب الموقع الجغرافي وطبيعة الحياة والتضاريس والمناخ ونوعية النباتات المزروعة في كل منطقة، مما يجعل المطبخ السعودي غنيا بأشهى المأكولات.

ومع حلول فصل الشتاء تبرز العديد من الأطباق الشعبية على موائد أهالي منطقة تبوك، التي تمد الجسم بالطاقة وتزيد من حيويته ونشاطه أثناء برودة الطقس حاملة الفوائد الغذائية الكبيرة ومحافظة على صحة البدن.

ولعل من أبرز الأطباق التي تتسيد مائدة أهالي تبوك خلال فصل الشتاء ما ذكره لوكالة الأنباء السعودية رئيس نادي الطهاة لهواية الطهي بالمنطقة فيصل العمري، بأن طبق “المجللة” أو “الخميعا” تأتي في مقدمة الأطباق وهي عبارة عن عجينة من “البر” تعد على الصاج، وعند نضوج الخبز يقطع ويضاف عليه السمن البري أو زيت الزيتون، ويوضع عليه الحليب والعسل حسب الرغبة، مشيرا إلى وجود العديد من المأكولات الشعبية التي تتميز بمذاق خاص خصوصا في فصل الشتاء ومنها طبق المرقوق، الذي يتكون من طهي اللحم والخضار وعند اقتراب استوائها تضاف قطع من العجينه إلى أن تتمازج مع بعضها، إضافة إلى طبق المليحية الذي يتكون من اللحم والأرز ومريس الأقط “البقل” بعد مزجه باللبن الرائب مع السمن البري ويقدم بعد تشريبه بالمرق وتزيينه بالمكسرات مثل اللوز والكاجو المحمص وبأوراق البقدونس.

وائل اليزيدي: نفخر في “مطبخ تابوا” بمكانة مطبخنا السعودي وما يحويه من إرث عميق يزين موائدنا بالأطباق التراثية المختلفة
وائل اليزيدي: نفخر في “مطبخ تابوا” بمكانة مطبخنا السعودي وما يحويه من إرث عميق يزين موائدنا بالأطباق التراثية المختلفة

ولفت العمري النظر إلى وجود طبق السليق وهو عبارة عن سلق اللحم إلى حد الاستواء ثم يصفى المرق ويضاف إليه الرز حتى النضج ثم يضاف إليه الحليب والسمن حتى يتجانس ثم يقدم، والسليق من أشهر المأكولات السعودية التي يتم تحضيرها في المناسبات أو الاجتماعات، وطبق الجريش المكون من حمس اللحم مع البصل والثوم ثم يضاف الجريش لمدة ساعتين على نار هادئة مع مراعاة التقليب كل ربع ساعة، مؤكدا على أهمية المحافظة على التراث والموروث الشعبي السعودي وحمايته، والحرص على غرس قيمه لدى شباب وفتيات الوطن، داعيا جميع هواة الطبخ من الجنسين إلى الانضمام إلى النادي كونه مسجلا بمنصة “هاوي” لإبراز مواهبهم في فنون الطبخ.

ويعد طبق المندي من الأطباق السعودية القديمة والأصيلة، ويمكن صناعته وتحضيره من خلال استخدام الدجاج أو استخدام اللحم، ولكن أصل هذا الطبق هو استخدام لحم الخروف أو التيس، تبلغ سعرته الحرارية حوالي 471 عند استخدام الدجاج، يتم تحضيره باستخدام اللحم والأرز والبهارات.

كما تشتهر مدينة تبوك بطبق المطازيز وهي من الأكلات المشهورة في عدد من المناطق في المجتمع السعودي وخصوصا منطقة تبوك، وهي شديدة الشبه بالمرقوق، إذ يتم استخدام الدقيق بها لتحضير عجينة مميزة تستخدم بهذا الطبق.

أما الملة فهو خبز سعودي شهير بمنطقة تبوك في المملكة العربية السعودية، تصنع الملة من دقيق البر، وتقدم هذه الأكلة الرائعة مع العسل والسمن والتمر والجبن البلدي، يتم عمل عجينة على شكل أسطواني، ثم يتم دفنه مع الجمر.

ويعكس المطبخ السعودي باختلاف أصناف الأطعمة فيه عمق التراث والأصالة وتميّز المجتمع، ومن منطلق هذا التنوع الفريد، عمدت مجموعة من هواة ومحترفي الطهي بمنطقة تبوك إلى تأسيس حراك شبابي بالمنطقة تحت شعار “مطبخ تابوا”، ليكون أول فريق تطوعي من نوعه يُعنى بتأهيل الطهاة وتدريبهم واستعراض تجاربهم وتسويقها، إضافة إلى إبراز مواهبهم أمام الجمهور من خلال منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بدعم من مؤسسة “سبر” الخيرية لرعاية المجتمعات الحيوية بالمنطقة.

طبق المندي يعد من الأطباق السعودية القديمة والأصيلة، ويمكن صناعته وتحضيره من خلال استخدام الدجاج أو استخدام اللحم
طبق المندي يعد من الأطباق السعودية القديمة والأصيلة، ويمكن صناعته وتحضيره من خلال استخدام الدجاج أو استخدام اللحم

وقال رئيس فريق “تابوا” وائل اليزيدي، في حديث لوكالة الأنباء السعودية، التي زارت مطبخ الطهاة، “لقد جاءت فكرة هذ التجمّع بناء على ما تشهده المنطقة من حراك في مختلف المجالات، خاصة السياحية منها، ولما لمسناه من إقبال على مهنة الطهي من الشباب والفتيات الذين كانوا يبحثون عن منبر لممارسة هواياتهم، وبعد أن تمّ الإعلان عن إنشاء مطبخ تابوا، تقدّم إلينا ما يقارب 20 مشتركا جميعهم من محترفي الطبخ، الأمر الذي تطلب منا أن نقيم كل يوم سبت حلقة نستعرض من خلالها تجارب المشتركين أمام زوّار المطبخ من المختصين ليطلعوا على نتائجهم الإبداعية، وما مدى إتقانهم للطبخ سواء في الأطباق الشعبية أو المحلية ومن مختلف المطابخ العالمية”.

وأضاف “نفخر في ‘مطبخ تابوا’ بمكانة مطبخنا السعودي وما يحويه من إرث عميق يزيّن موائدنا بالأطباق التراثية المختلفة. ونسعى بخطى ثابتة لنشره عبر المنافذ التقنية، كمثال لأصالة فن الطهي بالمملكة وموطن لتجارب الطهي المذهلة، وبوابة تنطلق منها طاقات العمل والإبداع”، مشيرا إلى أن المطبخ يعمل على صقل مواهب الموهوبين والموهوبات، وتدريب الهواة الراغبين في احتراف هذه المهنة التي نراهن على مستقبلها الاقتصادي، وسط أدق إجراءات السلامة الغذائية وجودة المنتجات التي يتم عرضها ليس للبيع، بل لإبراز مواهب الموهوبين من الطهاة وتقييمها، ومن ثم دعم الموهوب لاستمرار تجربته من خلال إحاطته بالأنظمة واللوائح التي تنظم مهنته ودعمه إعلانيا بعد ذلك أمام جمهور المطبخ من المتابعين والرعاة والداعمين.

وأكّد اليزيدي أن معظم المطاعم يشغلها ممارسون للمهنة من غير السعوديين، ولدينا كم كبير من المواهب بحاجة إلى مثل هذا الحراك، الذي نرجو من الله أن نوفق في تدريب الشباب والفتيات وصقل مواهبهم لإبرازها ومن ثم انتقالها للاحتراف في مختلف المطابخ ولاسيما المستقبلية منها في مشاريع المملكة الكبرى.

توجد العديد من المأكولات الشعبية التي تتميز بمذاق خاص خصوصاً في فصل الشتاء ومنها طبقا المرقوق والسليق
توجد العديد من المأكولات الشعبية التي تتميز بمذاق خاص خصوصاً في فصل الشتاء ومنها طبقا المرقوق والسليق

وتعتبر منطقة تبوك نقطة التقاء العديد من الثقافات حيث يتجلى ذلك في أكلاتها المتأثرة بالدول المجاورة، والتي تفردت في ذات الوقت بمكونات محلية ميزتها عن باقي المناطق.

وتعد مائدة أهل تبوك مجموعة عامرة بالأكلات البحرية والشامية والمحلية التقليدية، وتتغير الأطباق وفق الطقس، حيث يحرص السكان على الموازنة بين حبهم للأكلات البحرية وأطباق اللحوم التي تعطي الدفء في الشتاء. إلا أن هناك أطباقا تقليدية تتواجد على مدار العام.

بحكم وقوع تبوك في شمال المملكة، يبدو تأثير بلاد الشام، وخصوصا الأردن، واضحا على مطبخها المحلي كما يظهر في خبز الشراك وطبق الرشوف والمنسف والتي تعتبر أطباقا أساسية في منطقة تبوك. يتكون طبق المنسف الشهير من خبز الشراك واللحم والأرز والجميد كمكون رئيسي، وهو عبارة عن قطع من اللبن المجفف.

تتميز وجبة الطعام في المملكة عموما بكونها تجربة اجتماعية حيث يتم إعداد معظم الأطباق للمشاركة، كطبق المقلوبة المتواجد على أغلب موائد تبوك والمكون من الأرز المطبوخ باللحم أو الدجاج مع الخضراوات كالباذنجان والقرنبيط.

وبحكم برودة مناخ تبوك، تكون موائدها عامرة بأكلات مانحة للدفء والطاقة كالمفروكة أو الجمرية، والتي يتم تحضيرها بعجن الدقيق بالماء وتشكيل المزيج على هيئة قرص دائري يدفن تحت الجمر حتى ينضج، ومن ثم يتم تقطيعه إلى قطع صغيرة ويضاف إليه التمر أو العسل والسمن.

كما تشتهر منطقة تبوك بالمأكولات البحرية نظرا لوقوعها على الساحل ومن أشهر أطباقها الصيادية.

16