شباب العراق يقبل على رياضة السكيت بورد

تشهد رياضة السكيت بورد تزايدًا ملحوظًا في شعبيتها بين الشباب العراقيين، وهو ما يعكس تغيرًا تدريجيًا في ذوقهم واهتماماتهم، وأصبحت هذه الرياضة تجذب الآن العديد ممن يرغبون في التعبير عن أنفسهم بطريقة مبتكرة ومختلفة.
بغداد - منذ سنوات عديدة، كانت الرياضات التقليدية مثل كرة القدم هي المهيمنة في العراق بشكل عام، لكن مع مرور الوقت، بدأت تظهر أنماط جديدة من الرياضات منها السكيت بورد التي كان يتم تجاهلها سابقًا في ظل الظروف الأمنية والاجتماعية الصعبة التي مرت بها البلاد.
قبل أن توجد الساحة الرسمية للسكيت بورد، كان الشباب العراقي، وخاصة في بغداد، يواجهون العديد من الصعوبات لممارسة رياضتهم المفضلة، فمحمد القاضي، الذي يبلغ من العمر 19 عامًا، يروي تجربته مع السكيت بورد في العاصمة قائلا: “كنت أضطر لممارسة هذه الرياضة في الأماكن العامة مثل حديقة الزوراء أو شارع أبو نواس. كانت الطرق غير مستوية، وكانت هناك مخاطر عدة، من بينها الاصطدام بالسيارات أو ملاحقة قوات الأمن لنا”. ورغم هذه الظروف الصعبة، لم يتوقف الشباب عن ممارسة الرياضة، بل كانوا يستمرون في تحدي المخاطر في سبيل ممارسة شغفهم.
ومع افتتاح الساحة الجديدة الأمور تغيرت فبفضل الدعم الذي قدمته السفارتان الألمانية والفرنسية، تمت تهيئة ساحة خاصة لرياضة السكيت بورد داخل مجمع وزارة الشباب والرياضة قرب ملعب الشعب الدولي، مما جعلها متاحة للشباب بشكل أكبر.
ومن خلال هذا المشروع، أصبحت بغداد تشهد تحولًا في رؤية الدولة والمجتمع تجاه الرياضة والترفيه، إذ لم يعد التركيز مقتصرًا على الرياضات التقليدية مثل كرة القدم، بل بدأ الاهتمام يشمل الرياضات الحديثة التي لاقت رواجًا في أنحاء مختلفة من العالم.
يؤكد محمد القاضي وغيره من المتحمسين لهذه الرياضة على أهمية إنشاء اتحاد وطني للتزلج، وهو أمر يراه الكثيرون خطوة نحو تمثيل العراق في المسابقات الدولية، مثل الألعاب الأولمبية. ويقول القاضي: “نحن الآن 25 متزلجًا ومتزلجة، لكن العدد سيزداد بالتأكيد بفضل هذه الساحة الجديدة.”
ومن أهم ما يميز افتتاح ساحة السكيت بورد في بغداد هو أنها لم تقتصر على الرجال فقط، بل كانت فرصة للنساء أيضًا للانخراط في هذه الرياضة التي قد تكون تعتبر في بعض المجتمعات قاسية أو خطيرة. واحدة من الفتيات اللواتي حضرن الافتتاح كانت رسل عظيم، البالغة من العمر 23 عامًا، التي قالت: “آمل أن أمارس هذه الرياضة على المستوى الدولي بعد أن أصبح لدينا أخيرًا مكان نتدرب فيه.”
وأثبتت المتزلجة رسل عظيم أن الرياضة لا تقتصر على جنس معين. وقد شهدت الساحة حضور العديد من الفتيات اللواتي أعربن عن أملهن في ممارسة السكيت بورد بشكل مستمر، وذلك بعيدًا عن القيود الاجتماعية.
زينب نبيل، إحدى المتزلجات البالغات من العمر 27 عامًا، حضرت هي الأخرى الافتتاح رغم معارضة عائلتها لممارسة هذه الرياضة. قالت: “أنا هنا لأظهر أن النساء يمكنهن أيضًا ممارسة هذه الرياضة. آمل أن تُخصص أيام لفصل التدريب بين النساء والرجال، حتى تطمئن المزيد من الفتيات الراغبات في الانضمام.”
وتعتبر ساحة السكيت بورد في بغداد خطوة صغيرة ولكن مهمة نحو تزويد الشباب العراقي بمساحات مصممة خصيصًا لهم، تتيح لهم التعبير عن أنفسهم بشكل مبدع.
وبالنسبة للعديد من الشباب، فإن هذه الساحة تمثل أكثر من مجرد مكان لممارسة الرياضة؛ إنها تمثل حلمًا أكبر لمساحة آمنة يمكنهم من خلالها تحقيق طموحاتهم الرياضية والإبداعية. يقول القاضي: “نحتاج إلى المزيد من الأماكن مثل هذه الساحة، أي مساحات آمنة يمكن للشباب أن ينشطوا فيها ويعبروا عن أنفسهم ويحلموا بشيء أكبر.”
ولا يقتصر انتشار هذه الرياضة على العاصمة بغداد، ففي البصرة يلجأ بعض الشباب إلى رياضة السكيت بورد التي لا تقتصر على التزلج على اللوح فقط، بل أصبحت منصة لإظهار المهارات الشخصية والإبداع في مجال الحركة والفن، بما في ذلك العروض والمهارات المختلفة على الأرض.
يقول علي سعد: “كنا نضطر في السابق إلى ممارسة رياضتنا في الشوارع أو الأماكن العامة غير المجهزة، مما كان يعرضنا للمخاطر. الآن مع وجود أماكن مخصصة، أصبحنا أكثر أمانًا، ويمكننا ممارسة الرياضة بحرية ودون خوف من الملاحقة أو الحوادث.”
ويقول حسين جاسم، 22 عامًا: “هذه الرياضة أعطتنا فرصة جديدة للتعبير عن أنفسنا والتميز. نحن نرى أن السكيت بورد يمكن أن يكون وسيلة لتمثيل البصرة على المستوى الوطني والدولي، ونحن متحمسون جدًا للمستقبل.”
على الرغم من العادات والتقاليد التي قد تكون تقليدية في بعض الأوساط، إلا أن بعض الفتيات تحدين هذه القيود وشاركن في هذا النشاط، مدفوعات برغبة في إيجاد مساحة لهن في عالم الرياضة.
فاطمة عبد الله، 19 عامًا، إحدى الفتيات اللواتي بدأن ممارسة السكيت بورد في البصرة، تقول: “في البداية كانت هناك بعض التحفظات من المجتمع، لكن مع مرور الوقت، بدأنا نرى قبولًا أكبر. نحن لا نمارس الرياضة فقط، بل نرسل رسالة للجميع أن الفتيات يمكنهن أيضًا التميز في أي مجال.”