شباب أفغانستان بلا "ببجي" ولا تيك توك

يزداد الخناق في أفغانستان على فئة الشباب والنساء خاصة إذ تمنع حركة طالبان العديد من وسائل التسلية ومنها لعبة “ببجي” القتالية وتيك توك لكن الشباب يصرون على خرق هذا الحظر.
كابول – تحظى لعبة الفيديو “ببجي” القتالية بشعبية واسعة في أوساط الشباب في أفغانستان، إلا أن حركة طالبان تعتزم حظر اللعبة ذات الشهرة العالمية معتبرةً أنها قد تقود هواتها إلى الانحراف.
وتشكل هذه اللعبة إلى جانب منصة تيك توك التي تلقى رفضاً من طالبان كذلك، إحدى مساحات الحرية النادرة للشباب الأفغانيين ونافذة أخيرة لهم على العالم الخارجي.
ويقول عبدالمصور الروفي وهو يلعب على هاتفه “نعيش في هذا البلد، لكننا لسنا أحياء. لا نعرف ما سيحدث لنا بعد لحظات. وهذه وسيلتنا الوحيدة لتمضية الوقت”.
الحكومة قررت في أبريل الماضي حظر هذين التطبيقين، معتبرةً أنهما يقودان جيل الشباب إلى "الانحراف"
وبعد استيلاء طالبان على السلطة، لا تزال بعض قاعات الألعاب وتلك الخاصة بلعبة البولينغ مفتوحة في العاصمة الأفغانية، ويُسمح بممارسة بعض الرياضات.
إلا أن طالبان منعت مع ذلك الموسيقى والمسلسلات الأجنبية أو تلك التي تظهر فيها نساء، ويفضل عدد كبير من سكان كابول عدم المخاطرة بالخروج لمجرد التسلية.
ويقول عبدالمصور، وهو طالب يبلغ 23 عاماً فرّ معظم أصدقائه من أفغانستان وكان اعتاد أن يلعب معهم كرة القدم، إنّ “التسلية التي كنا نشعر بها سابقاً والترفيه مع الأصدقاء (..) كلها أمور انتهت”.
و”ببجي” هي لعبة تتقاتل فيها شخصيات افتراضية مجهزة بأسلحة نارية وتبقى إحداها في النهاية. وأصبحت هذه اللعبة التي طورتها شركة “تينسنت” التكنولوجية الصينية العملاقة بمثابة ظاهرة عالمية وحُمّلت نسختها الهاتفية أكثر من مليار مرة.
ويرى عبدالمصور الذي بدأ يلعب “ببجي” قبل أربع سنوات وتعرف عليها من خلال صديقه، أنّ اللعبة تشكل طريقة لإبقاء التواصل مع أصدقائه والتعرف افتراضياً إلى لاعبين ينتمون إلى جنسيات مختلفة.
ويضيف أنّ “إحدى الإيجابيات التي توفرها اللعبة تتمثل في أنها تتيح لنا معرفة ثقافات البلدان الأخرى ولغاتها، كما أنّ العلاقات التي تنشأ بين اللاعبين تصبح قوية”.
وفيما يبدي عدد من هؤلاء حماسة للتعرف أكثر على أفغانستان، يملك آخرون صورة سيئة جداً عنها. ويقول الشاب “من يحبّنا يتحدث إلينا بلطف كبير، لكن اللاعبين الذين لا يحبون الأفغان يوقفون تشغيل ميزة التحدث الخاصة باللعبة”.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي صاحبت عودة طالبان إلى السلطة، انغمس عبدالمجيب، وهو طالب يبلغ عشرين سنة، باللعب أكثر.
ويقول “ألعب أكثر حالياً، فقبل وصول حركة طالبان إلى الحكم كنت منشغلاً بالدراسة والعمل، أما حالياً فالدروس متوقفة ولا فرص عمل موجودة. نشغل أنفسنا بالأنشطة الترفيهية”.
ويضيف “بما أنّ المدينة تفتقر إلى الأمن، لا تسمح لنا عائلاتنا بالخروج لارتياد الأماكن الترفيهية. وتمثل منصة تيك توك وببجي التسلية الوحيدة المتاحة لنا في المنزل والتي تلهينا”.
وقررت الحكومة في أبريل الماضي حظر هذين التطبيقين، معتبرةً أنهما يقودان جيل الشباب إلى “الانحراف”. ومع ذلك، لا يزالان متاحين أمام محبيهم من دون الاضطرار للجوء إلى شبكة افتراضية خاصة.
ويشير المتحدث باسم الحكومة إنعام الله سمنكاني إلى أنّ “هذين التطبيقين سيحظران بشكل تام”.
ويؤكد الشباب أنهم سيجدون طريقة لاختراق هذا الحظر. أما شهيرة غفوري، وهي طالبة تبلغ 19 سنة تلعب “ببجي” على غرار أخيها وأختها، فترى أنّ طالبان “لا تملك وسائل” لتحظر اللعبة.
وتعرب عن عدم استيعابها المنطق الذي تعتمده الحركة. وتقول “إنّ الحظر يمثل حكماً غير عقلاني (من جانب حركة طالبان)”، مضيفةً أنّ “إيجاد مكان يبقي الشباب منشغلين أفضل من تركهم يتجولون في الشوارع”.
وحظرت بعض البلدان لعبة “ببجي” التي شبهها الكثيرون بسلسلة أفلام “هانغر غايمز” بسبب طابعها العنفي. لكن شهيرة تعتبر أنّ اللعبة “تشكل طريقة تتيح للشخص أن يبدّل أفكاره بدل أن يُصاب بالاكتئاب داخل منزله”، خصوصاً وأنّ طالبان تسعى لتقييد حرية النساء وتعمل على تقليص حقوقهنّ تدريجياً.
وتأسف الشابة لفقدان النساء في أفغانستان حريتهنّ، آملةً في أن تصبح طالبان جراء التواصل مع العالم الحديث أكثر انفتاحاً. لكنّ شهيرة تدرك أنّ ما تفكر به هو “أكثر من مجرد تمنٍّ”.