شاب تونسي يعيد للأحذية القديمة ألقها ويجعلها أجمل

فكرة الورشة بدأت من مشروع التخرج حول  تصميم حذاء رياضي أدهش المشرفين في  الجامعة بتصميمه البربري.
الجمعة 2023/07/07
لمسات فنية

الفنان هو من يرى الشيء الجميل فيما يعتقد العامة أنه قبيح، هذا ما ينطبق على الشاب شريف زوري الذي بعث مشروعا متخصصا في تنظيف وإعادة تصميم الأحذية الرياضية والحقائب الجلدية المستعملة.

تونس - لو كان لديك حذاء قديم له مكانة خاصة عندك لسبب ما، أو حتى ليس له مكانة، فلا تتخلص منه وترمي به في سلة المهملات، فهناك شركة تونسية ناشئة تبث حياة جديدة في الأحذية القديمة وتعيد تصميمها وإضفاء لمسة جمالية عليها تجعلها “أجمل مما كانت عليه من قبل” ومن الممكن استمرار استخدامها لسنوات أخرى قادمة.

في ورشته بضاحية حلق الوادي شمال شرق العاصمة التونسية يمسك شريف زوري (30 عاما) زوجا قديما من الأحذية الرياضية ويستخدم فرشاة في تجديد الأحذية بإضافة مجموعة من الألوان وإجراء بعض التقويمات، وهو ما يجريه أيضا على حقائب اليد.

الشاب التونسي الذي درس الرياضيات في مرحلة التعليم الثانوي بدل أن يتوجه إلى دراسة البيولوجيا في الجامعة اختار أن يتخصص في مجال التصميم الفني الذي استهواه منذ صغره.

وكان مشروع تخرجه تصميم حذاء رياضي أدهش المشرفين عليه في الجامعة بتصميمه البربري، ثم تطورت الفكرة لينشئ ورشة متخصصة في تنظيف وإعادة تصميم الأحذية الرياضية المستعملة بسبب عدم قدرته على افتتاح مصنع للأحذية الجديدة نظرا لكلفته الباهظة.

وبدأت رحلة الإبداع بأحذية أصدقائه التي يجعلها تحفا فنية من خلال رسومات مميزة ليشتهر ويذيع صيته وينتدب فريقا من خريجي الفنون الجميلة للعمل معه، يقول “قررت أن تتحول تلك الورشة إلى شركة تونسية بعلامة تجارية مميزة هي كاننتي”.

uu

وأسس زوري شركته كاننتي عام 2020 بعد صقل مهاراته أثناء العمل من المنزل والترويج لخبرته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وهو يقود الآن فريقا من 10 فنانين يعملون معه.

وزوري هو اليوم رجل أعمال تونسي متخصص في إصلاح وإعادة الحياة للأحذية القديمة والحقائب الجلدية بطريقة فنية وصديقة للبيئة في الوقت ذاته.

وتستهدف كاننتي أيضا تقليل النفايات ومساعدة زبائنها على إعادة تقييم علاقتهم بالمنتجات التي يستهلكونها على أمل إلهام المهتمين بالبيئة بخيارات مستدامة وعصرية لا تقلل من التأثير البيئي فحسب وإنما تبث كذلك حياة جديدة في الأشياء المستعملة.

وقال شريف زوري “كاننتي هي شركة ناشئة بدأت في تقديم خدمات للسوق التونسية التي شهدت ضعفا كبيرا في القدرة الشرائية بعد الثورة. العالم أيضا يشهد تلوثا كبيرا جدا جراء الصناعة المكثفة والسريعة للأحذية والمواد الجلدية. نحن اشتغلنا على ما تخلفه هذه الصناعة من مخاطر على البيئة، وقدمنا حلولا للسوق تتمثل في تقديم خدمات في تجديد وإصلاح المواد الجلدية؛ أي حذاؤك أو حقيبتك لا ترميهما، أحضرهما إلى كاننتي لنعطيهما روحا جديدة بمقاربة فنية وبيئية أجمل من التي كانا عليها من قبل”.

وأضاف “من أهم الأهداف الكبرى في شركتنا الناشئة تغيير السلوك الاستهلاكي للزبائن، بمعنى أن الزبون يصبح مسؤولا عن منتوجه، يقوم بشراء منتوجات مصنوعة بمقاربة بيئية مُعاد تدويرها ولا يشتري أحذية مصنوعة بطريقة الموضة السريعة التي سرعان ما يتخلص منها”.

ويتخصص زوري وفريقه في ترميم الأحذية القديمة عن طريق دمج عناصر فنية فيها واستخدام ألوان ورسومات وإضافة لمسة عصرية إليها حسب احتياجات الزبون.

yy

وقالت يسرا فتحي، عاملة بشركة كاننتي، “عندما يأتيني حذاء وأراه أقول هذا الحذاء كان سيكون مكانه القمامة، وعندما أجدده أفرح كثيرا بما أنجزته يدي وأشكر نفسي ثم أشكر كاننتي لأنها وفرت فرصة لي ولغيري لنقدم أشياء جميلة ونخرج مواهبنا، نقدم منتوجا جيدا وفريدا”.

وبذلك يقوم فريق العمل بإعادة تدوير الأحذية وإدخالها في السوق الاستهلاكية مجددا، مما يحول دون أن ينتهي بها الأمر في مكبات النفايات، وهو ما يمثل تهديدا كبيرا للبيئة.

وأضاف شريف زوري “العمل في شركة كاننتي هو مسؤولية كبيرة لأننا نتعامل مع نوعية خاصة من الزبائن، هؤلاء لهم علاقة وطيدة بأحذيتهم، كأن يقول أحدهم بأن لديه علاقة خاصة بهذا الحذاء، أهدته له والدته أو أحد الأصدقاء، أو هذا الحذاء الرياضي اشتراه عندما كان صغيرا وتربطه به ذكريات الطفولة. يعني هناك علاقة متينة بين المنتوج والزبون وهذا يمثل مسؤولية كبيرة لشركتنا الناشئة”.

ويضيف “يتم اتصال الزبائن بنا عبر صفحتنا الخاصة على فيسبوك ويتم مدنا بصورة للحذاء الرياضي القديم أو الحقيبة، وبالصورة التي يريدها الزبون أو الشعار، فنمده بالسعر والمدة المطلوبة، وبعد ذلك يتم الاتصال بنا في ورشتنا في حلق الوادي، علما وأنه يمكن إرسال الحذاء وتسلمه دون التنقل”.

ويأمل زوري في إنشاء علامته التجارية الخاصة بالأحذية في المستقبل القريب، باستخدام الجلد المعاد تدويره فقط وتوسيع شركته الناشئة إلى بلدان أخرى.

Thumbnail
18