شابة فلسطينية تمتهن النجارة وتواجه تقاليد المجتمع

فلسطينية تتحدى العادات وتخوض غمار مهنة كانت حكرا على الرجال.
الخميس 2023/03/09
الإصرار سيد المستقبل

غزة (فلسطين) - داخل ورشتها الواقعة في منزلها بمدينة غزة تقطع الشابة رزان البورنو باستخدام منشار كهربائي قطعة من الخشب لاستخدامها في صناعة صندوق جديد طلبه أحد زبائنها.

وبآلة حادة ومطرقة تنحت الشابة الفلسطينية (23 عاما) القطعة الخشبية لتشكيل رسومات وزخارف هندسية ونباتية تضفي على الصندوق مظهرا جماليا.

وتحاول رزان، بتركيز شديد وقدرة على العمل تحت الضغط، إنجاز أكبر عدد من المنتجات الخشبية خاصة المرتبطة بشهر رمضان المرتقب لإرضاء زبائنها.

واتخذت بعض هذه المنتجات طابعا إسلاميا فحملت أشكال الأهلّة والنجوم وعبارات التهنئة بشهر رمضان.

وبهذا العمل تتحدى الشابة عادات وتقاليد المجتمع الفلسطيني، حيث جرت العادة أن يحتكر الرجل مهنة النجارة لما تتطلبه من ظروف عمل صعبة وخطيرة أحيانا.

رزان الحاصلة على شهادة جامعية في التكنولوجيا لجأت إلى حرفة النجارة بعد أن يئست من الحصول على الوظيفة

وقد لجأت رزان، الحاصلة على شهادة جامعية في التكنولوجيا الحيوية، إلى خوض غمار هذه المهنة بعد أن يئست من الحصول على وظيفة تناسب اختصاصها الجامعي.

وتعبّر عن فخرها بانتمائها إلى هذه المهنة الشاقة والخطيرة حيث تعدّ من السيدات القلائل اللواتي خضن هذا المعترك في قطاع غزة.

وتجد الشابة في يوم المرأة العالمي مناسبة مهمة لتذكير الفلسطينيات بضرورة السعي لتشكيل كيانهن الخاص وخلق فرص عملهن وعدم الاستسلام للواقع مهما كان.

وتقول “من الجميل أن نبحث عن شغفنا ونصل إليه ونطوّر مواهبنا ونخلق دوافعنا الخاصة من أجل تحقيق ما نريده”.

وتعيش معظم الفلسطينيات واقعا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا صعبا جرّاء الحصار الإسرائيلي المستمر لأكثر من 16 عاما والانقسام السياسي الداخلي.

وتقول رزان إنها قررت افتتاح مشروعها الخاص داخل منزلها، بعد أن عجزت عن الحصول على فرصة عمل في مجال تخصصها (التكنولوجيا الحيوية).

وتضيف أن “فرص العمل في هذا المجال نادرة جدا في غزة حيث اصطدمت معظم صديقاتي بهذه الندرة بعد التخرج”.

لذا وجدت في ريادة الأعمال ضالتها وطوّرت مهاراتها واكتسبت خبرات جديدة خاصة في إطار فن النحت والنقش على الخشب الذي يعتمد بشكل كبير على النجارة.

وبدأت هذه الشابة طريق ريادة الأعمال منذ عام 2019 حينما افتتحت مشروعا خاصا بها مرتبطا بصناعة الأشكال الجمالية والتحف الفنية باستخدام الخيطان والمسامير.

تقول “أهتم كثيرا بالفنون ولديّ القدرة على الإبداع في هذا الجانب الذي أطوره بشكل شخصي”.

لمسة فنية مفعمة بالأنوثة
لمسة فنية مفعمة بالأنوثة

وعكفت على تطوير هذه الهواية، حيث التحقت في سبتمبر 2020 بدورة تدريبية لتعلم فن الحفر والنقش على الخشب لمدة 6 أشهر.

هذه الدورة وضعت رزان على أولى عتبات مشروع النجارة وشكلت لديها حافزا على تحويل هوايتها إلى مشروع ومصدر دخل.

وحصلت في يونيو 2022 على دعم من جمعية تنموية لافتتاح مشروعها المختص بإنتاج المشغولات الخشبية الفنية.

وتقول إن مشروعها “من المشاريع الصديقة للبيئة حيث يعتمد في أغلب عمله على إعادة تدوير الأخشاب الزائدة من المناجر المنتشرة في القطاع، بدلا من حرقها وتلويث الهواء بانبعاثاتها الضارة”.

وخلال رحلة عملها في إنتاج المشغولات الخشبية المختلفة، “سواء المرتبطة بديكورات المنازل الداخلية أو بالهدايا الشخصية”، واجهت رزان جملةً من التحديات.

أول تحدّ من هذه التحديات مرتبط بالعمل تحت الضغط حيث تعتمد الشابة على نفسها تماما في كافة متطلبات العمل، بدءا من الحصول على القطع الخشبية وصولا إلى التسويق.

وتضيف “في المناسبات أيضا أصل الليل بالنهار من أجل إنتاج عدد من المشغولات يتناسب مع حجم الطلب المتوقع”.

وتواكب رزان الحداثة في صناعة قطعها الخشبية حيث تدمج بعض المواد التي يتم استخدامها في الديكورات المنزلية لإضفاء لمسات جمالية على مشغولاتها.

ويرتبط التحدي الثاني بانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ما يؤثر على إنتاجها أحيانا، فتضطر إلى انتظار عودة التيار الكهربائي لإنتاج المطلوب منها والعمل تحت ضغط الوقت.

أما التحدي الثالث فتمثل في مواجهتها للانتقادات التي كانت تصلها بسبب التحاقها بمهنة النجارة؛ حيث حولت هذه الانتقادات إلى دافع إيجابي لاستكمال مشروعها وتطويره.

وتابعت “أنا كفتاة أعمل في مهنة النجارة ولدي موهبة في الفن، وكان ذلك حافزا لي لأتميز خاصة في النحت والنقش على الخشب، ودفعني إلى إنتاج مشغولات نجحت في إظهار موهبتي وشخصيتي فيها وحولتها إلى مصدر دخل ومشروع”.

موهبة فريدة تتحدى الصعاب
موهبة فريدة تتحدى الصعاب

وتصف هذه المهنة بالخطيرة لكونها تضطر إلى التعامل مع الأدوات الحادة بشكل مباشر، إلا أنها خلال العمل تأخذ حذرها وترتدي الملابس الواقية لضمان عدم تعرضها لأي ضرر.

وقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (رسمي) في بيان نشره الثلاثاء إن “المرأة تمثّل نصف المجتمع الفلسطيني حيث بلغت نسبة الإناث فيه نحو 49 في المئة”.

وأضافت رئيسة الإحصاء الفلسطيني علا عوض أن مشاركة النساء في القوى العاملة ارتفعت من 17 في المئة عام 2021 إلى 19 في المئة عام 2022. فيما بلغت نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة حوالي 71 في المئة عام 2021 و69 في المئة عام 2022، وفق البيان.

في المقابل وصلت نسبة البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة إلى 40 في المئة مقابل 20 في المئة بين الرجال عام 2022، بحسب عوض.

وذكرت أن نسبة البطالة بين الشباب (19 - 29 سنة) من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى وصلت إلى 48 في المئة، بواقع 61 في المئة للإناث مقابل 34 في المئة للذكور.

وبيّنت أن 40 في المئة من العاملين المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجور والبالغ (1880 شيكلا)؛ حيث بلغت النسبة نحو 38 في المئة للرجال، مقابل 50 في المئة للنساء.

وأشارت إلى أن حوالي 40 في المئة من المستخدمات بأجر في القطاع الخاص من النساء يعملن دون عقد عمل، و44 في المئة يحصلن على مساهمة في تمويل التقاعد (مكافأة نهاية الخدمة).

في مقابل ذلك تحصلت 46 في المئة من المستخدمات بأجر في القطاع الخاص على إجازة أمومة مدفوعة الأجر وذلك لعام 2022.

وتقول عوض، نقلا عن بيانات ديوان الموظفين العام حتى فبراير الماضي، إن نسبة مساهمة النساء في القطاع المدني بلغت حوالي 48 في المئة من مجموع الموظفين، حيث تبرز الفجوة في نسبة الحاصلات على درجة مدير عام فأعلى التي بلغت 14 في المئة للنساء مقابل 86 في المئة للرجال.

Thumbnail
16