شابات سعوديات ينافسن الرجال على جوائز الصقارة

الصقارات في السعودية هن نساء اخترن ممارسة هواية الصقارة، التي تُعد جزءاً مهماً من التراث الثقافي العريق للمملكة. ورغم أن هذه الهواية كانت في الماضي مقتصرة على الرجال، فإن النساء بدأن في السنوات الأخيرة بالانخراط فيها بشكل ملحوظ، محققات إنجازات متميزة في هذا المجال.
الرياض - شهد اليوم الحادي عشر من مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور 2024، الذي ينظمه نادي الصقور السعودي حتى 19 ديسمبر الجاري، تنظيم شوطين خصصا لصقار المستقبل والسيدات.
وتعد الصقور جزءاً مهماً من الموروث الثقافي للمملكة العربية السعودية، وتحظى بمكانة بارزة في تاريخها ورحلة تأسيسها التي تمتد لأكثر من ثلاثة قرون. كما ترتبط الصقور ارتباطاً وثيقاً بحياة أبناء الجزيرة العربية، حيث تعود علاقة العرب بهذه الطيور إلى ما قبل التاريخ، إذ وثقت النقوش الأثرية على أرض المملكة وجود الصقور منذ أكثر من 9 آلاف سنة، في آثار حضارة “المقر”، التي أظهرت استئناس العرب بالصقور والخيل كرموز للرفعة والفخر.
في خطوة لافتة، تحركت مجموعة من النساء السعوديات بثقة في معرض الصقور، ليؤكدن أن تقدير طائر الصيد المميز ليس مقتصرًا على الرجال فقط. فقد شاركت ست شابات سعوديات من عشاق الصقارة في هذا الحدث الكبير. وأعربت المشاركات عن شكرهن لنادي الصقور السعودي على تخصيص شوط خاص للسيدات، مؤكدات أن هذه المبادرة تعني لهن الكثير، خصوصًا أنها تتيح لهن ممارسة هوايتهن باحترافية في إطار من الضوابط التنظيمية.
في شوط السيدات، استطاعت غادة بنت سلطان الحرقان أن تحقق المركز الأول بصقرها "اللورد"، متفوقةً على 17 صقارة شاركن في المنافسة.
وأوضحت الصقارة هديل المطيري، التي حققت مراكز متقدمة في مسابقات سابقة، أنها أول صقارة سعودية من ذوي الإعاقة. وأشارت إلى استعدادها التام للمنافسة على المركز الأول، معبرة عن أملها في أن تكون أول فارسة من ذوي الإعاقة تشارك في فعاليات الفروسية، وأول هجانة تشارك في منافسات الهجن، مؤكدة أن هذه الفعاليات تمثل جزءًا من الموروث الثقافي للمملكة.
من جانبها، أكدت الصقارة ريم استعدادها الكامل للمشاركة في شوط السيدات، مشيرة إلى أن هذه هي مشاركتها الثانية في المهرجان بعد مشاركتها في حفر الباطن. كما قدمت شكرها لنادي الصقور السعودي على إتاحة الفرصة للسيدات للمشاركة في هذا الحدث التراثي الكبير.
أما الصقارة خلود العثمان فقد أكدت أن تربية الصقور والصيد بها ليست مجرد هواية، بل هي جزء من التراث الثقافي الذي يحمل معاني وقيمًا عميقة. وأضافت أنها تغيرت للأفضل بفضل هذه الهواية، مشيرة إلى أن الصقر رمز للقوة، وهو ما يتماشى مع طبيعة المرأة التي تتمتع بالقوة أيضًا.
وزارت مجموعة من السعوديات النسخة الأولى من المعرض العام الماضي، وكن معجبات بتجربة المعرض، وقررن تشكيل فريق للصقارات تحت اسم “الشواهيق”. وقالت العثمان “الصقر يمثل الأصالة ويذكرنا بتراثنا وثقافتنا. وأوجّه رسالة لكل امرأة سعودية بأنها قادرة على ممارسة أي هواية تحبها، فالصقارة ليست مقتصرة على الرجال فقط، بل هي مفتوحة أيضًا للنساء.”
وفي لحظة هادئة وسط الحشود، مدّت الصقارة أبرار العبيس ذراعها بهدوء ليحط صقرها عليها، مشيرة إلى أن المشاركات في المعرض في حاجة إلى المزيد من التطور، إلا أن مشاركتهن تمثل رسالة قوية مفادها أن هذه الهواية ليست مقتصرة على الرجال فقط، بل هي مفتوحة للجميع. وأعربت العبيس عن أملها وزميلاتها في تحسين مهاراتهن ليتمكنّ من المشاركة في الفعاليات الدولية.
من جهته، أوضح المتحدث الرسمي لنادي الصقور السعودي، وليد الطويل، أن تخصيص شوط للسيدات يأتي في إطار توسيع المشاركة في هذا الموروث الثقافي العريق وتعريف الجمهور بهوية المملكة الوطنية. وأضاف أن إقامة هذه الأشواط تساهم في تعزيز هواية الصقارة ونقلها للأجيال القادمة.
وأشاد الطويل بالحماس الكبير الذي أبدته المشاركات في شوطي السيدات وصقار المستقبل، مشيرًا إلى أن تطوير جيل جديد من صقاري المستقبل يعد أحد الأهداف الإستراتيجية لمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور.
وتحظى هواية الصقارة بشعبية واسعة في المملكة، حيث يشارك الآلاف من الصقارين في الفعاليات السنوية التي ينظمها نادي الصقور السعودي، مثل مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور، أكبر مسابقة صقور في العالم، الذي دخل موسوعة غينيس ثلاث مرات بسبب عدد الصقور المشاركة. كما يُنظم كأس العلا للصقور، الذي يُعد أغلى مسابقة صقور في العالم، بالإضافة إلى فعاليات أخرى مثل سباق الملواح، ومعرض الصقور والصيد السعودي الدولي، والمزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور، وغيرها من الأنشطة التي تهدف إلى الحفاظ على تربية الصقور والصيد بها.
وتهدف هذه الفعاليات إلى تعزيز موروث الصقارة والحفاظ عليه، ويسعى نادي الصقور السعودي إلى فتح آفاق جديدة، حيث تعتبر المملكة واحدة من 11 دولة مدرجة ضمن لائحة اليونسكو للدول المربية للصقور، كما تعد موطنًا لأنواع متعددة من الصقور، وتعد محطة رئيسية لهجرات الصقور.