"سيدة القمم".. مغربية تتسلق أعلى جبال العالم

تعلقت همة المهندسة المغربية بقمم الجبال فحزمت أمتعتها وانطلقت إلى جبال بلادها ثم انتقلت إلى قمم أخرى، حيث تسلقت سبعا منها، وتستعد اليوم للانتقال إلى جبال الهمالايا دون أن تخونها العزيمة وهي في الخمسينات من العمر.
الرباط ـ كأول عربية وأفريقية، نجحت المغربية بشرى بيبانو في تسلق القمم العالمية السبع، متغلبة على مخاطر وتحديات واجهتها خلال مغامرتها، لتضع اسمها بين عدد ليس كبيرا استطاع تحقيق هذا الإنجاز.
بشرى (53 عاما)، هي مهندسة اتصالات وأم لطفلة، بدأت رحلة تسلق الجبال عندما كان عمرها 25 سنة، مستمدة قوتها من شغفها ودعم أسرتها، لتتحول إلى أيقونة يُحتذى بها في المغرب.
وقد ترعرعت في الرباط بعيدا عن المناطق الجبلية، حتى اكتشفت حبها للطبيعة خلال مشاركتها في فعاليات المخيمات الصيفية عندما كان عمرها 15 سنة.
اشتعلت شرارة الفضول لدى بشرى بعدما علمت بقمة توبقال الجبلية (4165 مترا، وهي أعلى قمة في البلاد) جنوب مدينة مراكش، إذ قررت حينها خوض تجربة التسلق.
وأُطلقت على بشرى بيبانو ألقاب متعددة، من بينها “سيدة القمم” اللقب الذي تفضله لقربه من شخصيتها، إذ أنها “لا تشعر بأنها تقهر القمم، فالجبال أكبر منها”.
والقمم السبع هي أعلى جبال القارات على وجه الأرض، وهي إيفرست وأكونكاجوا ودينالي وكليمنجارو وإلبروس وفينسون وهرم كارستينز.
وواجهت بشرى تحديات عديدة كان عليها اجتيازها، من بينها مخاوف أسرتها والإمكانيات المادية والاستعداد الجسدي ونظرة المجتمع.

وقالت “أسرتي كانت التحدي الأهم بالنسبة إلي، كانوا (أفراد الأسرة) متخوفين لعدم اطلاعهم على أمور متعلقة بالتسلق، وكان من الضروري بالنسبة إلي تفهمهم ومساندتهم”.
وأوضحت “أفراد أسرتي هم أكبر المساندين لي في مسيرتي، بعدما أقنعتهم، وأدركوا شغفي برياضة تسلق الجبال”.
وقالت إن زوجها رافقها في رحلات متعددة، إذ تسلقا معا قمة توبقال، ثم قمما جبلية مغربية أخرى، وبعدها قمة كليمنجارو، ثم إيفرست.
أما عن التحدي الثاني فتمثل، وفق بشرى، في “الإمكانيات المادية، إذ اعتمدت في البداية على إمكانياتي الخاصة، وكان من الضروري أن أبحث عن داعمين”.
واصطدمت بشرى بتحدي الاستعداد الجسدي بالنسبة إليها، من أجل ممارسة رياضة تسلق الجبال.
وتابعت “كان من الضروري أن تكون لدي قوة جسمية بحكم أننا نحمل حقائب ثقيلة وكبيرة تحتوي على كل ما نحتاجه في رحلة التسلق”.
لهذا الغرض “كان من الضروري أن أواظب على التدريب الرياضي لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميا”.
وعن تقبل المغاربة لتسلقها الجبال قالت بشرى “كوني امرأة سمعت الكثير من التعليقات، وكان المجتمع تحديا كبيرا لي، لكني اهتممت بهدفي وركزت عليه”.

واستدركت “عاد المجتمع ليدعمني ويشجعني بعدما شاهد إنجازاتي وحملي للراية المغربية، وأكثر من هذا، أصبحت مصدر إلهام للفتيات والنساء والشباب”.
وعن مسيرتها في تسلق القمم تقول بشرى إنها بدأت بقمة توبقال في المغرب، ثم توالت رحلات السفر لتسلق القمم داخل البلاد وخارجها.
أما الرحلة التي لا تستطيع نسيانها فكانت عندما تسلقت قمة إيفرست، لكونها “قمة عالية، وواجهت خلالها مخاطر كثيرة، كما أنها استغرقت شهرين”.
وأوضحت “خلال تلك الرحلة تجمدت أطراف أصابعي بسبب البرد الشديد، بالإضافة إلى مخزون الأوكسجين الذي كان على وشك النفاد”.
وفي رحلتها لقمة أنابورنا (وسط نيبال)، أشارت إلى أنها واجهت “كثرة الانهيارات الثلجية”.
أما أصعب تجربة وفق بشرى فكانت قمة ماناسو، وذلك “بسبب انهيار ثلجي، أدى إلى وفاة الكثير من المتسلقين، ولحسن حظي كنت في آخر الصف”.
غير أنها تؤكد أنها ما كانت لتتمكن من النجاح وتتسلق قمما كبيرة لولا “الإصرار والعزيمة والصبر والثقة بالنفس”.
وفيما يتعلق بالإقبال على تسلق الجبال، أشارت بشرى إلى أنه بدأ يلاقي اهتماما. وقالت “في السنوات الأخيرة، بدأ اهتمام كبير برياضة تسلق الجبال من قبل الفتيات في المغرب”.

وعبرت عن فرحتها وإحساسها بالفخر “عندما ألتقي بالفتيات خلال رحلتهن لتسلق قمة توبقال أو قمة أمكون (تبعد عن مراكش 250 كيلومترا)”.
وتوقعت أن “الإقبال الكبير على الرياضة من قبل الفتيات، يوحي بأنه في المستقبل سيتمكن أناس آخرون من تسلق قمم كبيرة”.
وبعد تجربة دامت تقريبا 8 سنوات أصدرت بيبانو كتابها الأول، بعنوان “رحلتي إلى قمم العالم السبع” باللغة الفرنسية، تحكي فيه قصتها مع رياضة تسلق الجبال.
وأوضحت أنها اختارت تدوين حكايتها “لمشاركة القراء والناس الدروس التي تعلمتها خلال رحلتي مع تسلق الجبال”.
وعن خططها المستقبلية أوضحت أنها “تخطط للعودة إلى تسلق سلسلة جبال الهمالايا”.
كما تريد أن تتسلق “قمة ماناسو، إذ لم أتمكن من تسلقها بسبب العوامل الجوية الخطيرة والانهيارات الثلجية”.
أما عن “وجهتها المستقبلية، فهي دولة نيبال، لتسلق قمة جبلية يفوق علوها 8 آلاف متر”.