سوق المشروبات غير الكحولية آخذة في الاتساع مع تزايد اهتمام الناس بالمعايير الصحية

"فانيلا سكس" و"تايم تو كاتشاب" و"دونت لووك داون" مشروبات بمذاق رائع وشكل جذاب خصصت لفئات من مرتادي الحانات والمطاعم.
الاثنين 2024/02/19
المشروبات غير الكحولية تقام لها المسابقات

يتراجع الإقبال على المشروبات الكحولية في مختلف أنحاء العالم لأسباب صحية في المقام الأول، لتعضوها مشروبات مبتكرة ذات مذاق رائع وشكل جذاب خصصت لفئات من مرتادي الحانات والمطاعم. ويتوقع الخبراء أن يؤدي الطلب على المشروبات الصحية وتفضيل المستهلكين للنكهات الفريدة إلى نمو سوق المشروبات غير الكحولية عبر مناطق العالم، مع تحقيق نسبة سنوية تتجاوز أربعة في المئة.

شيكاغو (الولايات المتحدة) - هذه مسابقة فريدة من نوعها، فالمتسابقون يقدمون خلالها مشروبات مبتكرة تثير الإعجاب، بمذاقها الرائع وشكلها الجذاب، وقدرتها على تلبية رغبات المستهلكين في سوق آخذة في النمو بشكل متسارع. وأهم شروط المسابقة أن تكون المشروبات المشاركة خالية من الكحول، والهدف هو طرح هذه المنتجات لفئات من مرتادي الحانات والمطاعم، الذين تخلوا عن تناول الكحوليات، ربما لأسباب تتعلق بالعافية، خاصة وأن دراسات حديثة أشارت إلى الأضرار الصحية لتناول المشروبات الكحولية بشكل دائم.

وخلال ليلة حافلة بتناول المشروبات الخالية من الكحول، وبإجراءات التصويت والتحكيم في إطار المسابقة، حصل مشروب “فانيلا سكس”، على الجائزة الأولى لأفضل مشروب خال من الكحوليات، يليه مشروب “تايم تو كاتشاب”، ثم مشروب “دونت لووك داون”، أي لا تنظر باستعلاء إلى الآخرين، وهي مشروبات ابتكرها أصحاب مطاعم وحانات محليون، للاشتراك بها في مسابقة خاصة بعنوان “بدون بطاقة هوية”، في فعالية لتذوق المشروبات أقيمت في حي ليك فيو بمدينة شيكاغو.

وذكرت صحيفة شيكاغو تريبيون أن نحو 350 شخصا اشتروا تذاكر لحضور الفعالية، واصطف الناس أمام السقاة وهم يقفون للحصول على عينات من المشروبات، وحددت أصوات الضيوف المشروبات الثلاثة الفائزة، التي صدق عليها ثلاثة محكمين، وحصل كل من الفائزين الثلاثة على جائزة مالية. وأسفرت النتيجة عن فوز كريس إيريزاري وهو نادل يعمل بمطعم وحانة “ريفر نورث أنتايتلد سابر كلوب”، بالمركز الأول بمشروب فانيلا سكس، الذي ابتكره باستخدام مشروب الروم الخالي من الكحول والمصنوع في المنزل، والمخلوط بالتوابل والفانيلا وجعة الزنجبيل، ونبيذ فوار خال من الكحول.

ويقول إيريزاري “إنه لشرف كبير أن يتم الاعتراف بي وتقديري في هذه الفئة، التي تمثل نوعا من المكانة الرفيعة، ومجرد أن يتم تضميني فيها يعد أمرا يملأني بالحماس، بحيث لا أكاد أستطيع الانتظار لإعداد أنواع جديدة مبتكرة من المشروبات”. ويتوقع إيريزاري أن يشهد مجال المشروبات غير الكحولية توسعا في عام 2024، بظهور اختيارات جديدة أجمل مذاقا وأكثر تماشيا مع العصر، ربما لم تكن موجودة أو شائعة منذ بضع سنوات.

شهر يناير الجاف أي الذي يتم خلاله الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية، ظاهرة ثقافية آخذة في الانتشار
◙ شهر يناير الجاف أي الذي يتم خلاله الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية، ظاهرة ثقافية آخذة في الانتشار

وأعرب عن اعتقاده “بظهور المزيد من النكهات اللاذعة، مع الكثير من التوابل، بالإضافة إلى الكثير من نكهات الموالح”. واحتل إلياس سوتو المركز الثاني، بمشروبه “دونت لووك داون”، المصنوع من عصير العنب الأحمر غير كامل النضج، وبالتالي تكون نسبة السكريات فيه منخفضة وغير قابل للتخمير، مع مزجه بعصير الجريب فروت وعصير الخمسة بهارات الصيني والصودا، وجاء في المركز الثالث ديف سيلفا، من مطعم أفيل بمشروبه الذي أسماه “تايم تو كاتشاب” الذي يتميز بوجود قدر قليل من الطماطم الشيري، مع الفلفل الحلو المدخن، وعصير الليمون الطازج والنعناع وجعة الزنجبيل.

وأقيمت هذه الفعالية جزئيا بمناسبة تسمى “شهر يناير الجاف” أي الذي يتم خلاله الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية، وهي ظاهرة ثقافية آخذة في الانتشار، يختار فيها السكان الامتناع عن تناول الكحوليات لمدة شهر. وطرحت العديد من المطاعم في نطاق مدينة شيكاغو، قوائم تحتوي على مشروبات غير كحولية طازجة في هذه المناسبة، مثل برنامج سلسلة مطاعم “بيزيريا أونو”، لكوكتيل المشروبات غير الكحولية الجديد، والكوكوتيلات الخالية من المشروبات الكحولية، في مطعمي إسيميه وجاليت الحاصلين على نجمة ميتشلان، وهي تمثل علامة جودة تقدم للمطاعم الممتازة.

وذهبت عائدات الفاعلية إلى جمعية “أصدقاء بن”، الأهلية غير الهادفة إلى الربح التي تكرس جهودها لدعم عدم تعاطي الناس للمشروبات الكحولية، في مجال الأطعمة والمشروبات والضيافة. ويقول نيجال فان، وهو عضو في مجلس إدارة نقابة السقاة، في الولايات المتحدة وأحد المحكمين الثلاثة، إنه شعر بالحماس عندما تم اختياره للمشاركة في تحكيم أول مسابقة لأحسن المشروبات غير الكحولية. ويضيف أن الاختيارات بين هذه المشروبات تعد أكثر من مجرد اتجاه مجتمعي، وإنما هي جزء متنام من ثقافة تناول المشروبات.

ويوضح فان أنه “يوجد سوق بشكل واضح لهذه النوعية من المشروبات، إلى درجة أنك لو ذهبت إلى حانة، لا يوجد في قائمتها جزء للمشروبات غير الكحولية، فستشعر في الحال بأنك تفتقد شيئا الآن، ويعمل السقاة على البقاء على صلة بهذه الفئة من المشروبات، ويعطونها نفس الاهتمام والابتكار والحب الذي تستحقه”. ويوضح فان أن عند البحث عن كوكتيل يستحق الفوز، فإنه يبحث عن أن يتضمن مزيجا من المكونات، و”يحمل نفس الطاقة التي تدخل في الكوكتيل التقليدي”.

ويتابع “أريد أن يكون هذا المشروب ممتعا من الناحية الجمالية، وأن يظل لذيذا وليس مجرد شيء بسيط، مثل العصير أو الصودا، وأن يكون مثل شيء اعتدنا رؤيته عندما نطلب كوكتيلا غير كحولي”. وتقول ميرندا بريدلوف محكمة أخرى في المسابقة، وتعمل مديرة للحانات على مستوى الولايات الأميركية، بقسم الاتجاهات المجتمعية بفنادق حياة، وتشرف على مجموعة من الحانات الفاخرة في الفنادق في الأميركيتين، إنها ساعدت على إطلاق برنامج، لفنادق حياة، يضع مشروبات غير كحولية في قوائم الطعام بالحانات، بشكل يتناسب مع المستويات الراقية للكوكتيلات التقليدية.

وتضيف “إننا ابتعدنا عن الشعور بوجود وصمة عار، عند عدم الشرب بطريقة الكحوليات، التي لم تعد رائعة أو ممتعة بعد الآن، بل إن الأمر أصبح عكس ذلك تقريبا، فقد جعل العالم العافية رائعة ومثيرة، حيث يكن الناس الكثير من الاحترام للأشخاص الذين يعتنون بأنفسهم، وهذه طريقة رائعة حقا للاستمتاع بتجربة مدهشة مع القدرة أيضا على الاعتناء بنفسك”.

◙ من المتوقع أن يؤدي الطلب على المشروبات الصحية وتفضيل المستهلكين للنكهات الفريدة والمختلفة إلى نمو سوق المشروبات غير الكحولية

بينما يقول داستين درانكفيتش صاحب مطعم بيبر بلان بيزا، وهو المحكم الثالث في الفعالية المسائية، إنه يعمل في مجال المشروبات غير الكحولية منذ ثلاث سنوات، وإنه اعتاد شرب الكحوليات ولكنه اختار عدم القيام بذلك مطلقا. ويضيف “إنني معجب بهذا التحول، لأنه يساعدني على البقاء على تواصل مع أصدقائي، ورؤيتهم دون أن تكون لدي آثار للكحوليات تحتاج إلى علاج في اليوم التالي”. ومن المتوقع أن يسجل سوق المشروبات غير الكحولية معدل نمو سنوي مركبا قدره 4.7 في المئة خلال فترة التوقعات.

من المتوقع أن يؤدي الطلب على المشروبات الصحية وتفضيل المستهلكين للنكهات الفريدة والمختلفة إلى نمو سوق المشروبات غير الكحولية عبر المناطق. وأصبح الشباب أكثر وعيا بالصحة، مما أدى إلى زيادة الطلب على المشروبات الخالية من السعرات الحرارية أو تلك التي تحتوي على سعرات حرارية أقل. وداخل قبو فسيح لمتجر في أحد مباني الدائرة التاسعة عشرة بالعاصمة الفرنسية، باريس، يستمتع الزبائن بتذوق مشروبات روحية مثل “جين” و”المياه الغازية” و”ديكري”، لكنّ جميعها في هذا المتجر خالية من الكحول.

وهذه البضاعة الخالية من الكحول نما سوقها كبديل عن المشروبات الكحولية بنسبة تتعدّى 25 في المئة، وفقا لما أكدته صاحبة علامة “جي.أن.بي.آر” التجارية، فاليري دي سوتر التي تزرع توت العرعر في أرضها بمنطقة النورماندي لإنتاج “جين” الخالي من الكحول، كمشروب صحي يحتفظ بطعم المنتج الكحولي ذاته. وتشير فاليري دي سوتر إلى أن الجميع حريصون على الحصول على طعام وشراب يتوافقان مع أذواقهم ومع معاييرهم الصحية.

وتتابع دي سوتر قائلة “لذا فقد أخذ السوق (المشروبات الروحية الخالية من الكحول) ينمو بنسبة 25 في المئة سنويا، وقد ساعدت جائحة  كورونا في ذلك كثيرا لأنه، وكما يقال، خلال انتشار الجائحة استهلك الناس كميات كبيرة من الكحول”، مضيفة أن الكثير من الناس باتوا بعد انتهاء الجائحة يقبلون على تناول مشروبات روحية خالية من الكحول، حتى في أمسيات السهر.

◙ المشروبات الصحية دخلت في عادات الناس
◙ المشروبات الصحية دخلت في عادات الناس

16