سوق العمل السعودية تجني ثمار الإصلاحات الاقتصادية

أخيرا بدأ سوق العمل السعودي بجني ثمار الإصلاحات الاقتصادية بعد تراجع معدلات البطالة نتيجة اعتماد إجراءات واسعة لإحلال العمالة المحلية بدل الوافدة وإطلاق الكثير من المشاريع، التي تستهدف خلق فرص العمل للشباب، الذين يمثلون الشريحة الأكبر بين المواطنين.
الرياض – تؤكد أحدث المؤشرات اتساع تحركات السعودية باتجاه توطين الوظائف، في إطار خطط لخفض الأعباء المالية المترتبة على الاعتماد على الوافدين وتحفيز السعودة في كافة المجالات وفي القطاعين العام والخاص.
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية أن معدل البطالة بين المواطنين تراجع بنهاية الربع الأول من العام الحالي قياسا بالربع الأخير من 2018.
وأشارت الأرقام المنشورة على موقع الهيئة في الإنترنت إلى أن نسبة البطالة بلغت في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام 12.5 بالمئة انخفاضا من 12.7 بالمئة بنهاية العام الماضي.
وبلغ معدل البطالة بين السعوديين الذكور نحو 6.6 بالمئة، بينما بلغ معدل بطالة السعوديات نحو 31.7 بالمئة.
ويتم اعتماد تلك النتائج بناء على تقديرات مسح تُجريه الهيئة وأرقام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ووزارة الخدمة المدنية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وصندوق تنمية الموارد البشرية ومركز المعلومات الوطني.
ووفقا لبيانات السجلات الإدارية لبرامج جدارة وساعد وطاقات، تجاوز عدد المشتغلين السعوديين 3 ملايين شخص، بينما بلغ عدد الباحثين عن عمل أكثر من 945 ألف مواطن.
ويشير محللون إلى أن هذه المؤشرات تبدد القلق من تسارع وتيرة تسريح المواطنين السعوديين في شركات القطاع الخاص، رغم الجهود الحكومية الكبيرة لتوطين الوظائف وفرض ضرائب جديدة على تشغيل العمال الأجانب.
ومنذ أن تمّ الإعلان في أبريل 2016 عن انقلاب في سياسة إدارة الاقتصاد، بذلت الحكومة جهودا في إصلاح قوانين العمل، عبر إلزام القطاع الخاص بألا تقل العمالة الوطنية عن نسب محددة وفرض رسوم شهرية على العمالة الأجنبية.
450 ألف وظيفة جديدة تستهدف الحكومة توفيرها للمواطنين بحلول عام 2020
وتستهدف السعودية في رؤيتها المستقبلية وبرنامج التحول الاقتصادي خفض معدل البطالة بين مواطنيها إلى نحو 9 بالمئة بحلول العام المقبل على أن تصل النسبة إلى 7 بالمئة في عام 2030.
وتسعى الدولة الخليجية، أكبر مصدر للنفط في العالم، عبر برنامج التحول الوطني إلى توفير 450 ألف وظيفة للسعوديين وإحلال 1.2 مليون وظيفة بالمواطنين بحلول 2020.
وحتى تتحقق هذه الغاية، دشنت الحكومة مطلع فبراير الماضي بوابة المرصد الوطني للعمل، وهي منصة إلكترونية تقيس مؤشرات سوق العمل المحلي بالشراكة مع الجهات الحكومية، في خطوة لتوطين العمالة المحلية على أسس مستدامة.
ويأتي إطلاق البوابة ضمن مبادرات تحفيز القطاع الخاص للتوسع في التوطين، والتي أعلنت عنها الرياض قبل أشهر قليلة، باعتبارها أحد أبرز المبادرات الوطنية التي ستسهم في تحسين وتطوير سوق العمل ودعم صناع القرار.
وقال مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) محمد السديري حينها إن البوابة “سوف تسهم في دعم التحول الاستراتيجي من خلال توفير البيانات والمعلومات حول المواضيع الرئيسية والمستقبلية لسوق العمل في السعودية”.
ويعمل الصندوق وفق شراكة استراتيجية مع الجهات الحكومية والخاصة لدعم وتمكين السعوديين من الفرص الوظيفية في سوق العمل، من خلال برامج ومبادرات تأهيلية وتدريبية وتوظيفية، وسط بيئات عمل منتجة ومحفزة ومستقرة.
وإلى جانب صندوق هدف، شارك في بناء المنصة الإلكترونية كل من وزارة التعليم ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ووزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
سوق العمل السعودي دخل مع مطلع 2019 مرحلة جديدة بتشديد سياسات توطين الوظائف من خلال تطبيق منع تشغيل الأجانب في 5 قطاعات اقتصادية
وفي السابق كان السعوديون يسجلون بياناتهم الشخصية ومؤهلاتهم وخبراتهم العملية وسيرهم الذاتية عن طريق نظام إلكتروني لدى جهة التقديم والتي تشمل وزارة الخدمة المدنية وصندوق تنمية الموارد البشرية.
ولا يخضع الباحثون عن عمل في السجلات الإدارية السعودية استنادا لذلك النظام لمعايير وشروط البطالة المتعارف عليها دوليا والمعتمدة من قبل منظمة العمل الدولية.
ودخل سوق العمل السعودي مع مطلع 2019 مرحلة جديدة بتشديد سياسات توطين الوظائف من خلال تطبيق منع تشغيل الأجانب في 5 قطاعات اقتصادية من إجمالي 12 نشاطا في تجارة التجزئة.
وشملت الإجراءات توطين المهن في منافذ البيع في أنشطة محلات الأجهزة والمعدات الطبية ومحلات مواد الإعمار والبناء ومحلات قطع غيار السيارات ومحلات الحلويات، إضافة إلى متاجر السجاد بجميع أنواعه.
وكثفت الرياض إصلاحات سوق العمل خلال العامين الماضيين من خلال إحلال العمالة السعودية محل العمالة الأجنبية في العديد من القطاعات الاقتصادية.
واشترطت تشغيل العمالة المحلية فقط في العديد من القطاعات مثل التأمين والاتصالات والمواصلات. كما فرضت رسوما على تشغيل كل عامل أجنبي يزيد على عدد العاملين السعوديين في الشركات العاملة في السعودية.
وهناك قناعة داخل الأوساط الاقتصادية السعودية بأن القرارات المتتالية ستؤدي إلى توفير مئات الآلاف من الوظائف للمواطنين، في كافة مناطق البلاد بالتزامن مع تسريع إطلاق مشاريع استثمارية جاذبة للعمالة السعودية في تلك القطاعات.
وكان رئيس الأبحاث في شركة الاستثمار كابيتال مازن السديري قد رجح في وقت سابق أن يعود معدل البطالة للانخفاض مع ارتفاع أسعار النفط وارتفاع الإنفاق الحكومي، بعد أن بلغ مستويات عالية في العامين الماضيين.