سوريات يعُدن إلى صنع حلوى العيد في أجواء عائلية

رائحة البرازق اللذيذة تنبعث من كل بيت من بيوت الأحياء الشعبية في مدينة السويداء قبل عيد الفطر بأيام قليلة.
السبت 2023/04/15
حلوى البيت ألذّ من حلوى المحلات

السويداء (سوريا) - ليس مستغربا أن تفضل غالبية الأسر السورية في الوقت الحالي صنع حلوى العيد في منازلها على شرائها جاهزة من المحلات المخصصة لبيع تلك الحلوى لغلاء أسعارها أولا، وعدم قدرتها على شراء تلك الأصناف المصنوعة من الفستق الحلبي والتي كانت وما زالت تحظى بسمعة طيبة في غالبية البلدان العربية والغربية.

وتشهد محلات بيع المواد الغذائية في محافظة السويداء (جنوب سوريا) هذه الأيام ازدحاما شديدا، فغالبية الناس يشترون الطحين والزبدة والتمر المطحون والسكر لصنع معمول وكعك العيد، في خطوة منهم لرسم بسمة على شفاه أطفالهم الذين ينتظرون العيد من عام إلى عام، وسط مشهد من التشاؤم يخيم على الأسر ذات الدخل المحدود بعد ارتفاع الأسعار.

واجتمعت أم غزل وأم رامز في منزل الأخيرة لصنع حلوى العيد منزليا بعد أن قامتا بشراء المواد الأساسية لصنع الحلوى لأن ذلك أوفر ماديا وبنفس الوقت تكون مواصفات الحلوى جيدة وذات نكهة مميزة.

وقالت أم رامز (42 عاما) وهي ربة منزل، إن “أسعار الحلوى الجاهزة باتت غالية ولا نستطيع شراءها”، موضحة أن الوضع الاقتصادي لعائلتها دفعها إلى صنع الحلوى في البيت.

وتابعت تقول وهي تقف أمام فرن منزلها الصغير لطهي الحلوى بعد أن انتظرت مجيء التيار الكهربائي لأربع ساعات متتالية “عندما نصنع حلوى العيد بالمنزل نشعر بطقوس العيد التي كانت موجودة سابقا، وبنفس الوقت، بتنا نبحث عن الأشياء الأوفر لنا”.

خخ

ومن جانبها قالت أم غزل التي جاءت إلى منزل جارتها أم رامز لمساعدتها في صنع حلوى العيد “قبل يومين قمت بشراء كمية من الطحين والتمر والزبدة، وسأقوم بصنع الحلوى في المنزل، لأنها أوفر وطعمها أفضل من تلك التي نقوم بشرائها من السوق”، مؤكدة أن المعمول المصنوع من الفستق الحلبي والجوز بات من الأحلام لغالبية السوريين، ويتم الاستعاضة عنه بمعمول المحشي بالتمر.

وتابعت وهي تعد أقراص حلوى البرازق “كنا نشتري الحلوى من السوق، لأن سعرها معقول، وتتناسب مع دخلنا المادي، ولكن حاليا ومع ارتفاع الأسعار وقلة الدخل، كان لزاما علينا التفكير بالبدائل، فكان علينا صنع الحلوى في المنزل”.

وبالرغم من الوضع الاقتصادي الصعب لغالبية تلك الأسر، إلا أن أجواء الفرح والسرور تسود في داخل تلك البيوت، فأينما سرت في أحياء مدينة السويداء في هذه الأيام يمكن أن تشم رائحة تلك الحلوى اللذيذة التي تنبعث من كل مكان.

وفي منزل أم فادي اجتمع عدد من السيدات، وهن زميلات لها في العمل، للاشتراك في صنع الحلوى في طقس يسوده الفرح والمرح والغناء أثناء صنع الحلوى.

وقالت أم فادي “نحن موظفات وقررن أن نصنع حلوى العيد، فكانت الفكرة أن نجتمع عند إحدانا والاشتراك في شراء المواد واقتسام الحلوى في ما بعد”، مبينة أن الهدف من ذلك هو البحث عن التوفير، وبنفس الوقت “نسرق من الزمن الصعب فرحة لم تعد موجودة بسبب الحرب وغلاء الأسعار وتدهور الوضع الاقتصادي لغالبية الموظفين”.

ولم تكن أم فادي فرحة لأنها تصنع الحلوى فقط، بل لأن زميلاتها حضرن إلى منزلها، مؤكدة “للأسف لم نعد نجتمع إلا في الأمور الحزينة”، مشيرة إلى أن “الفرح بات نادرا في زماننا، لهذا أشعر بالفرح وأتمنى أن يعود العيد دائما علينا بالخير واليمن والبركة”.

خخ

ومن جانبه اشتكى سلمان أبوزيد صاحب محل حلوى كبير في سوق مدينة السويداء من قلة البيع بسبب غلاء أسعار الحلوى نظرا لغلاء المواد الغذائية الداخلة في صنعها، مؤكدا أن غالبية الناس يفضلون صنع الحلوى في منازلهم.

وقال أبوزيد الذي جلس خلف طاولته ينتظر قدوم الزبائن لشراء القليل من الحلوى “يبدو أن حركة الشراء قليلة هذا العام، لأن الأسعار ارتفعت أضعافا مضاعفة، ولم يعد بمقدور الناس شراء كل ما يلزم، والبعض الآخر استغنى كليا عن الكثير من الأشياء”، مؤكدا أن “هذا الأمر مؤسف، ولكن ماذا عسانا أن نفعل، في ظل هذا التدهور الاقتصادي الكبير”.

ومشهد الحلوى هو جزء من جملة أمور تلازم قدوم العيد، والتي ترهق كاهل الأسر السورية حاليا، فالعيد يرافقه أيضا شراء الملابس للأطفال، إضافة إلى شراء الأضاحي التي خرجت من قاموس السوريين في هذه الأيام لغلاء أسعارها أيضا.

ويبقى للعيد طقوسه الخاصة، وغالبية الأسر السورية تحاول أن تعيشه بأي شكل من الأشكال متحدية الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة لعلها تتغير وتتبدل إلى الأحسن، انطلاقا من المثل القائل “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل”.

16