سن اليأس.. لا بد من نهج فردي في العلاج الهرموني

مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية تختلف باختلاف أوقات سن اليأس وبدء العلاج بالهرمونات والشكل الذي تُعطى به.
الأربعاء 2023/03/15
العلاج الهرموني ممنوع على النساء المصابات بالسرطان

برلين - من المنتظر أن تساعد إرشادات جديدة في تقييم مدى سلامة تلقي النساء للعلاج الهرموني لمعالجة أعراض انقطاع الطمث، أو سن اليأس، المزعجة. وتوضّح التوصيات الجديدة أخطار الإصابة بسرطان الثدي وأمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء عند اللجوء إلى هذا العلاج.

ونشرت لجنة "أمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء"، التابعة للكلية الأميركية لأمراض القلب والتي ترأسها الدكتورة ليزلي تشو من كليفلاند كلينك، إرشادات في منتصف فبراير الماضي في مجلة "سيركيوليشن" الصادرة عن جمعية القلب الأميركية، وذلك بالتشاور مع منظمات مختصة وخبراء في صحة المرأة.

وتذكر الإرشادات أخطار العلاج بالهرمونات ومنافعه، وتحدّد النساء اللواتي يمكنهنّ الاستفادة منه، وتقترح طريقة للتقليل من مخاطر الإصابات القلبية الوعائية لدى النساء عند تلقيهنّ هذا العلاج.

وقالت الدكتورة تشو إن بعض الأمراض القلبية الوعائية والأمراض الأخرى تُعتبر موانع نسبية أو مطلقة تحول دون اللجوء إلى العلاج الهرموني لأعراض سن اليأس، بالرغم من أن بوسع الكثير من النساء اللواتي يعانين من هذه الأعراض استخدام الهرمونات بأمان.

◙ بعض الأمراض القلبية الوعائية والأمراض الأخرى تُعتبر موانع نسبية أو مطلقة تحول دون اللجوء إلى العلاج الهرموني لأعراض سن اليأس

وأكّدت تشو على ضرورة أن يناقش الطبيب مع مريضته المنافع والمخاطر المرتبطة بحالتها الفريدة قبل أن تختار المريضة الشروع في العلاج بالهرمونات، مع الحرص على إعادة تقييم الحالة السريرية والجرعة العلاجية بانتظام، موضحة أن “الهدف يكمن في معالجة الأعراض المزعجة، والتي قد تؤثر أحيانا في أسلوب حياة المريضة، باستخدام أقلّ جرعة ممكنة لأقصر مدة زمنية”.

ولفتت الدكتورة تشو إلى وجود التباس حالي، مشيرة إلى التذبذُب الكبير في التوصيات بشأن العلاج بالهرمونات كلما أُعلن عن نتائج بحثية جديدة على مرّ السنين.

وأضافت "شهد القرن العشرون توصيات واسعة النطاق باستخدام الهرمونات في علاج أعراض سن اليأس، وقد وصل اعتماد هذا العلاج إلى ذروته في أواخر التسعينات من القرن الماضي، ثمّ حدث انخفاض كبير في استخدامه في جميع أنحاء العالم بعدما أشارت الدراسات إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية".

وقد أُوقفت في وقت مبكر دراسةٌ كانت تجريها "مبادرة صحة المرأة" في العام 2002 بسبب المخاطر التي انطوت عليها هذه الدراسة. ومع ذلك أدرك الباحثون، عندما أعادوا مراجعة نتائج هذه الدراسة لاحقا، أن النساء الأصغر سنا لم يواجهن مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية كالنساء المتقدمات في السن.

وتابعت الدكتورة تشو "نتيجة للأبحاث اللاحقة بتنا نعلم أن مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية تختلف باختلاف أوقات سن اليأس وبدء العلاج بالهرمونات والشكل الذي تُعطى به".

هل تلاحظين الفرق بين أخطار العلاج بالهرمونات ومنافعه
◙ هل تلاحظين الفرق بين أخطار العلاج بالهرمونات ومنافعه

ويأتي نشر توصيات لجنة "أمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء" بالتزامن مع أحدث التقديرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، والتي تفيد بتزايد أعداد النساء اللواتي يبلغن سن اليأس في مختلف أنحاء العالم. وتصل النساء إلى سنّ اليأس، أو انقطاع الطمث، في الفترة الممتدة بين 45 و55 عاما، وفي سنة 2021 شكّلت النساء في سن الخمسين عاما أو أكبر 26 في المئة من جميع النساء والفتيات على مستوى العالم، بعد أن كانت النسبة 22 في المئة قبل 10 سنوات.

تركز الإرشادات الجديدة على معالجة الأعراض الحركية الوعائية لانقطاع الطمث، والتي تمثل أبرز الأعراض التي تؤثر في أسلوب الحياة وأكثر الأسباب الدافعة إلى حصول النساء على الرعاية الصحية في وقت الانتقال إلى سن اليأس. وتشمل الأعراض الحركية الوعائية الهبّات الساخنة والتعرق الليلي، وتحدث لدى نحو 75 في المئة من النساء أثناء فترة انقطاع الطمث، وغالبا ما ترتبط بالقلق واضطراب النوم وانخفاض جودة الحياة.

ويمكن علاج الأعراض الحركية الوعائية الشديدة بتوليفة من الأستروجين والبروجستين. وفي المقابل يمكن علاج أعراض الجهاز البولي التناسلي باستخدام كريمات الأستروجين منخفضة الجرعة، والتي لا تُمتصّ إلى مجرى الدم، مما يقلّل من مخاطرها.

◙ الأعراض الحركية الوعائية تشمل الهبّات الساخنة والتعرق الليلي وتحدث لدى نحو 75 في المئة من النساء أثناء فترة انقطاع الطمث

وقالت الدكتورة تشو “إن النساء اللواتي يتمتعن بالأمان عموما عند تلقي العلاج الهرموني هنّ اللواتي دخلن للتو في مرحلة ما قبل سن اليأس، ويتمتعن بوزن مناسب وضغط دم طبيعي، ويتّسمن بالنشاط البدني وانخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي، وانخفاض شديد في خطر الإصابة بأمراض القلب في السنوات العشر القادمة، بحسب تقييم درجات الخطر المختلفة المتاحة في مختلف البلدان”.

وتشمل شريحة النساء ذوات الأخطار المتوسطة أولئك اللواتي يعانين من السكري أو السمنة أو ارتفاع ضغط الدم أو أمراض المناعة الذاتية أو ارتفاع الكولسترول أو متلازمة التمثيل الغذائي، إضافة إلى من لديهنّ مخاطر مرتبطة بأسلوب الحياة، مثل التدخين أو قلّة النشاط البدني أو انعدامه، واللواتي يعانين من ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب أو سرطان الثدي خلال عشر سنوات.

أما النساء ذوات المخاطر المرتفعة فهنّ المصابات بأمراض قلبية وعائية، كأمراض القلب الخَلقية وجلطات الدم والسكتات الدماغية وما يُعرف بـ”السكتات الدماغية الصغيرة”، علاوة على النساء المعرّضات لخطر الإصابة بسرطان الثدي.

وخلُصت الدكتورة تشو إلى أن التوصيات الجديدة تسلّط الضوء أيضا على منافع التعاون بين أطباء القلب والخبراء في المجالات الطبية الأخرى عند معالجة أعراض سن اليأس لدى النساء، وذلك من أجل توحيد طريقة تقييم المخاطر والبدء في العلاج المناسب مع التقليل من مخاطر الأمراض القلبية الوعائية على المدى الطويل.

16