سمك وبطاطا في لندن: الرئيس الصيني يكسر العرف الدبلوماسي

لندن - بدعوة من الملكة إليزابيت الثانية، استهل الرئيس الصيني شي جين بينغ الثلاثاء زيارته التاريخية إلى المملكة التي تغيب عنها الشمس.
وتكتسي هذه الزيارة دلالات عميقة، حيث لا تمثل فرصة جيدة لتعميق التعاون بين البلدين فحسب، بل مناسبة هامة لتعزيز التبادل بين أقدم حضارتين.
ذكرت تقارير حكومية صينية الأربعاء أن الرئيس الصيني شي جين بينغ تحدث في كرة القدم وحماية الحياة البرية وتغير المناخ عندما التقى بأعضاء بارزين من العائلة الملكية البريطانية خلال زيارة الدولة التي يقوم بها حاليا إلى لندن.
وكشفت أن الرئيس الصيني قال للأمير تشارلز عندما التقيا في لندن إنه يثمن جهود العائلة الملكية في تعزيز العلاقات الصينية-البريطانية وإنه يرحب بمزيد من زيارات أفرادها للصين.
كما تحدث إلى الأمير وليام بشأن حماية الحياة البرية وشرح الانجازات المهمة للصين خاصة في مجال مكافحة التجارة غير المشروعة بالحياة البرية.
وبدت عاصمة الضباب في كامل حلتها خلال الأيام الماضية قبل حلول بينغ فوق بأراضيها حيث تم تعليق الأعلام البريطانية والصينية في الطرق العامة وعلى البعض من المجمعات التجارية.
الزيارة تحمل الكثير من المفارقات، فعلى الرغم من أنها جولة رسمية لأول رئيس صيني يزور بريطانيا منذ عشر سنوات، إلا أن بينغ لم تفارقه الدعابة وأسرّ عن أمور خفية في حياته الخاصة ويحبذها في الإنكليز.
الرئيس الصيني فضل تناول السمك و”الشيبسي” على حضور مأدبة فخمة على شرفه في العاصمة لندن التي يزورها وسط توتر سياسي بشأن حقوق الإنسان ودور بلاده في تشغيل محطات الطاقة النووية في بريطانيا.
وكانت العلاقات الصينية البريطانية شهدت فتورا في 2012 عندما استقبل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الدالاي لاما في لندن.
عاصمة الضباب كانت في أبهى حلة ورحبت بشي جين بينغ عبر نزهة في عربة تجرها الجياد حتى قصر باكينغهام
وقبل أن تطأ قدماه أرض المملكة المتحدة كشف بينغ، وفقا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، عن أنه سيستغل زيارته للذهاب إلى حانة إنكليزية مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد للاسترخاء.
كما أشار وهو في طريقه إلى الطائرة بخيار “الرؤية والاستراتيجية” البريطانية في أن تصبح أفضل صديق لبكين في الغرب، حاملا في جعبته مليارات الدولارات من الاستثمارات التي سيتناقش فيها مع الحكومة البريطانية.
فيما وصف المسؤولون البريطانيون الزيارة بأنها بداية للعلاقات بين البلدين، حيث تأمل وزارة الخزانة البريطانية بأن تكون الصين ثاني أكبر شريك اقتصادي لبريطانيا خلال السنوات العشر القادمة.
واستقبل شي وزوجته بنغ ليوان بالورود لدى نزولهما من الطائرة في مطار هيثرو مساء الاثنين قبل ساعات من لقائهما الملكة إليزابيث الثانية في قصر باكنغهام.
لكن ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز الذي تربطه علاقات متوترة مع القادة الصينيين لم يشارك في المأدبة الرسمية التي أقامتها الملكة.
وخلال الزيارة التي تستمر أربعة أيام، احتفي نجوم الفن والرياضة والعلماء الحاصلون على جوائز نوبل بجانب سياسيين وأعضاء من العائلة المالكة، بالرئيس الصيني.
ولم يفوت شي الفرصة لزيارة ناديه المفضل حيث رافقه خلال تجواله في ملعب نادي مانشستر سيتي الذي “يعشقه” رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ووزير المالية جورج أوزبورن، وسط هالة إعلامية ضخمة.
الزعيم العمالي اليساري جيريمي كوربين استغل الفرصة لكيل الانتقادات لبينغ للمعاملة التي يتعرض لها المعارضون والرقابة على وسائل الإعلام في الصين، إلا أن هذه المسائل كانت ثانوية أمام الحفاوة التي استقبل بها بينغ الذي خص بنزهة في عربة تجرها الجياد حتى قصر باكنغهام.
نجوم الفن والرياضة والحاصلون على جوائز نوبل والسياسيون والعائلة المالكة، احتفوا بالرئيس الصيني وعقيلته
وتتويجا لحقبة جديدة في العلاقات بين البلدين، حل الأمير وليام ضيفا على برنامج خاص حول حماية الحيوانات البرية تابع لتلفزيون الصين المركزي “س سي تي في” الاثنين في مكتبة الكلية الملكية بالعاصمة لندن، ودعا خلال حواره إلى مكافحة الاتجار غير المشروع في أنواع الحياة البرية.
وصادف موعد بث الحلقة وصول الرئيس الصيني إلى لندن، وتابعت وسائل الإعلام المحلية باهتمام كبير تصريحات وليام، كما شارك نجم كرة السلة الصيني السابق ياو مينغ والمغامر البريطاني الشهير بير جريلز بطل سلسلة وثائقية تعرض على محطة “ديسكفري” ومقدم البرامج ديفيد ايتنبوغ في حلقات البرنامج الخاص.
ويبدو أن هناك الكثير من النقاط الإيجابية التي تجمع بين البلدين، الصين الدولة العملاقة الغنية التي لديها تطلعات دولية كبيرة، وبريطانيا المركز المالي الذي يطمح إلى الحصول على استثمارات الطرف الآخر.
وبينما قال كاميرون “نشجع الاستثمار والصين تستثمر بشكل أكبر في بريطانيا وفي البلدان الأوروبية الأخرى”، أكد السفير الصيني في لندن ليو شياومينغ في المقابل إن المملكة المتحدة “بصدد أن تصبح رائدة في أوروبا وفي كل الغرب”، في ما يتعلق بالعلاقات مع بلاده.
وشهد هذا العام تقدما كبيرا فى العلاقات الصينية البريطانية خاصة على المستوى الاقتصادي وبدأ ذلك بانضمام المملكة كعضو مؤسس بالبنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية وهو البنك الذي أنشئ بناء على مبادرة من الصين.
وأخبر تسوي هونغ جيان، مدير الدراسات الأوروبية في معهد الصين للدراسات الدولية، صحيفة “غلوبال تايمز” مؤخرا أنه يمكن أن ينظر إلى زيارة الرئيس الصيني باعتبارها استجابة نشطة لحسن النية من جانب المملكة المتحدة.