سمكة المهرج ضحية جمالها والتغير المناخي

العلماء يلجأون إلى استزراع هذا النوع من الأسماك حماية له من الانقراض.
الثلاثاء 2024/01/09
سمكة المهرج اكتسبت شهرة واسعة في عالم الأفلام

تواجه سمكة المهرج خطر الانقراض، ما حدا بالعلماء إلى اللجوء إلى استزراعها، وتقع أكثر من مليون سمكة من هذا النوع في شباك الصيادين داخل المحيطات كل عام، مما يؤدي إلى تناقص أعدادها بشكل كبير. ويمكن لأسماك المهرج أن تتكاثر وهي في الأسْر، ما يساعد على تربيتها في المزارع. وعندما يتم إطلاقها في البحر تحتاج إلى مساعدة علماء الأحياء على البدء في تكيفها مع حياتها الجديدة.

كوه بي بي (تايلاند) - أصبحت سمكة المهرج، بفمها الصغير المنتفخ، وزعانفها الصغيرة وألوانها المذهلة، ذات الخطوط البرتقالية والبيضاء، ضحية لجمالها الخلاب.

فمنذ 20 عاما اكتشف العالم جاذبية هذه السمكة، التي تعرف أيضا باسم شقائق النعمان، وأخذ يتعقبها بشغف بالغ منذ ذلك الحين.

وبينما يحب المعجبون النظر إلى هذه السمكة الصغيرة، فإن هذا الحب يضع المزيد من الضغوط على هذه المخلوقات.

وانطلقت سمكة المهرج إلى آفاق الشهرة العالمية لأول مرة بفضل عرض فيلم “العثور على نيمو” عام 2003، وأطلق عليها اسم سمكة المهرج لأن ألوانها المتعددة البراقة تلفت الأنظار مثلما تفعل ملابس المهرجين.

ومنذ عرض الفيلم تسابق الناس في مختلف أنحاء العالم لوضع أسماك المهرج في أحواض السمك الخاصة بهم، حتى هنا في تايلاند وفقا لما يقوله تاتي سوتادرا عالم الأحياء المالية، الذي يدير مشروعا لتربية هذه النوعية من الأسماك في مركز الاستكشافات البحرية الكائن بالقرية السياحية ساي بي بي، بجزيرة كوه بي بي التايلاندية.

منذ 20 عاما اكتشف العالم جاذبية السمكة، التي تعرف أيضا باسم شقائق النعمان، وأخذ يتعقبها بشغف بالغ

غير أن معظم الناس لا يعرفون كيفية الاعتناء بهذه النوعية من الأسماك البحرية بشكل صحيح، مما يجعل الاحتفاظ بها يمثل خطورة على حياتها.

ويمكن لهواة الغطس باستخدام أنبوب التنفس والمقيمين في الفندق التوجه إلى خليج لوه با جاو مباشرة، لمشاهدة السمكة الصغيرة من أماكن قريبة في بيئتها الطبيعية.

ويأوي المركز البحري أيضا مركزا لتربية أسماك المهرج.

ويهدف المركز إلى إتاحة معلومات للسائحين والسكان المحليين والشباب عن طبيعة هذه السمكة والتهديدات التي تواجهها، وفي هذا الصدد يقول بارت كالينز المدير الإقليمي لفنادق

منتجعات ساي، “من الطبيعي أن يشعر الأطفال بالشغف تجاه سمكة المهرج، غير أننا نريد أيضا أن نشجعهم على الاهتمام بحماية هذه السمكة”. ويتم مرة أو مرتين في السنة إطلاق أعداد قليلة، من صغار نوعية أسماك المهرج الشائعة، ذات الحلقات البرتقالية، في البرية في بحر أندامان، تحت إشراف سلطات المتنزه الوطني.

وهذه هي النوعية التي اشتهرت بها في فيلم “العثور على نيمو”، بينما يوجد نحو 30 نوعا من هذه الأسماك، يعيش سبعة منها في البحر حول تايلاند.

وتنتمي الأسماك إلى عائلة دامسلفيش أي السمكة الفتاة، وهي أسماك تعيش في المناطق المدارية وتشتهر بألوانها البراقة، ولكن تختلف ألوانها من نوع إلى آخر.

ويصف تاتي سوتادرا أسماك المهرج بأنها حساسة على الدوام، ويوضح أنه إذا كانت درجة حرارة المياه غير مناسبة، أو في حالة الاحتفاظ بها داخل مياه عذبة بدلا من المياه المالحة، أو في حالة إطعامها بأغذية خاطئة، ستتعرض للمرض أو للموت.

وأسوأ نتيجة لتكالب الناس على وضع سمكة المهرج في أحواض الأسماك الخاصة بهم، هي ارتفاع ثمن الواحدة منها ليصل إلى 500 باهت تايلاندي وهو ما يوازي أكثر من 15 دولارا، مما جعل للسمكة ثمنا كبيرا، ويرجع الفضل في ذلك إلى الفيلم السنيمائي.

سمكة المهرج ضحية لجمالها الخلاب
سمكة المهرج ضحية لجمالها الخلاب

ومع ذلك جلب عرض فيلم “العثور على نيمو” أخبارا سيئة بالنسبة لأسماك المهرج، وفقا لما لاحظته صحيفة واشنطن بوست وصحف أخرى في عام 2016، وقالت الصحيفة وقتها إن “فهم الرسالة التي تحملها معظم الأفلام يمثل تحديا، ولكن الرسالة الأخلاقية التي تكمن خلف قصة الفيلم، تبدو بسيطة للغاية حيث تقول: اتركوا السمكة في البحر الذي تنتمي إليه”.

وتقول منظمة “أنقذوا نيمو” الإغاثية، والتي تكرس جهودها لحماية هذه الأسماك، إن أكثر من مليون سمكة منها تقع في شباك الصيادين في المحيطات كل عام، مما يؤدي إلى تناقص أعدادها بدرجة كبيرة.

وتضيف المنظمة من خلال موقعها الإلكتروني أن “أسماك المهرج يمكنها التكاثر وهي في الأسر، ومن هنا يكون الحل الذي نعرضه هو تزويد المتاجر بهذه النوعية من الأسماك التي تتم تربيتها في المزارع”.

وقد يبدو ذلك غريبا، حيث تركز قصة الفيلم على تحرير السمكة نيمو من الأسر، ويحكي الفيلم أن السمكة تقع في شبكة غطاس، في أول يوم لها في مدرسة البحر لتتعلم الحياة فيه، ثم تجد نفسها في حوض للسمك لطبيب أسنان، ومن أهم مناظر الفيلم مظاهر الرعب في عيني السمكة، عندما تصطدم بجدران الحوض، بدلا من أن تواصل السباحة في براح المحيط.

وعندما يطلق مركز استكشاف البحار أسماك المهرج التي تمت تربيتها في المزارع داخل بحر أندامان فإن الأسماك تحتاج في هذه الحالة إلى مساعدة علماء الأحياء على البدء في تكيفها مع حياتها الجديدة، ويقول مدير المنتجع بيرا بوونسانج “تتم حمياتها في البداية بعد نزولها إلى البحر، بإدخالها في شبكة لمدة شهر”.

والسبب في حمايتها بالشبكة في أيامها الأولى، أن معظمها لن يبقى على قيد الحياة في حالة إطلاقها في البحر فقط، وهي تحتاج في البداية للاعتياد على البيئة الجديدة، وعلى المخلوقات البحرية اللينة التي تشبه الزهور، وتعيش على الصخور تحت المياه.

ومع ذلك فإن هذه المخلوقات البحرية تتعرض لخطر الاختفاء بسبب ارتفاع درجة مياه المحيطات على المستوى العالمي.

وهي مثل الشعاب المرجانية، تتحول إلى اللون الأبيض وتموت بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه.

وبالنسبة لأسماك المهرج، يعني هذا التطور المناخي أن فرص العثور على أماكن للاختباء، وأيضا أماكن آمنة لنمو صغارها، تتقلص باستمرار، ويقول الموقع الإلكتروني لمنظمة “أنقذوا نيمو” إن “علماء الأحياء المائية في مختلف أنحاء العالم يخشون من إمكانية أن نفقد نيمو التي تعيش في البرية”.

ما يوازي أكثر من 15 دولارا، مما جعل للسمكة ثمنا كبيرا، ويرجع الفضل في ذلك إلى الفيلم السنيمائي.

منذ عرض الفيلم تسابق الناس في مختلف أنحاء العالم لوضع أسماك المهرج في أحواض السمك الخاصة بهم
منذ عرض فيلم "العثور على نيمو" تسابق الناس في مختلف أنحاء العالم لوضع أسماك المهرج في أحواض السمك الخاصة بهم

ومع ذلك جلب عرض فيلم “العثور على نيمو” أخبارا سيئة بالنسبة لأسماك وتسمى سمكة المهرج بسمكة البركولا الكاذبة، أو شقائق النعمان، وتعيش في المحيط الهادئ ضمن النطاق المداري والمحيط الهندي ابتداءً من شمال غرب أستراليا وجنوب شرق آسيا وإندونيسيا وصولاً إلى تايوان وجزر ريوكيو اليابانية.

واكتسب هذا النوع من الأسماك شهرةً واسعة في عالم الأفلام بعد بث فيلم الرسوم المتحركة “نيمو” عام 2003. وتتميّز سمكة المهرج عن غيرها من الأسماك بامتلاكها 11 زعنفة ظهرية، وحلقة بنية موحلة حول بؤبؤ العين، وبالتالي يستطيع المختصون بواسطة هاتين الخاصيتين تمييز سمكة المهرج عن غيرها من الأنواع التي تكون مشابهة لها تماماً، أمّا في ما يتعلق بنظامها الغذائي فتتغذى على الطحالب واللافقاريات الصغيرة، مثل العوالق الحيوانية والأيزوبودا البحرية، بالإضافة إلى بقايا الكائنات الحية التي قتلتها شقائق النعمان أو بقايا أجزاء شقائق النعمان نفسها بعد موتها. ويوجد حوالي 30 نوعاً معروفاً من أسماك المهرج.

وتُهاجر هذه الأسماك في الشتاء إلى المياه العميقة بحثاً عن الدفء. وتعيش ضمن تسلسل هرمي اجتماعي صارم، إذ تسيطر عليها الإناث الأكثر عدوانية. وتكون المواليد ذكوراً، ويستطيع الذكر تحويل جنسه عندما تموت الأنثى المهيمنة إلى أنثى.

ولا تمتلك أسماك المهرج مهارةً كبيرةً في السباحة، ففي أغلب الأوقات تختبئ في الشعاب المرجانية، وعندما تخرج تكون سباحتها متقطعة للغاية. ويتميّز ذكور أسماك المهرج بأنّهم آباء مخلصون، فهم من يقومون بتهيئة العش للإناث، وحراسة البيض، وتنظيف العش. وتتواصل أسماك المهرج عبر إصدار أصوات الفرقعة والنقر.

وتصطاد فريستها من خلال السباحة فوق الشعاب المرجانية. ويُعرف عن سمك المهرج بأنّه عدواني بطبيعته، إذ يُهاجم الغواصين في حال حاولوا الاقتراب منه، ويفقس تقريباً كل بيض سمكة المهرج المخصّب، ويصل إلى مرحلة البلوغ، وهذا ما يُفسر عدد أسماك المهرج المرتفع وتعداده المستقر. وتُربّى سمكة المهرج غالباً كحيوانٍ أليف، ولكن يُمكنها البقاء على قيد الحياة لمدة 3 – 5 سنوات فقط في أحواض السمك، فيما تعيش أسماك المهرج لفترة أطول في البحار تصل إلى 10 سنوات.

16