سمعة سيئة للتعبئة والتغليف البلاستيكي لدى المستهلكين

العبوات التي تستخدم لمرة واحدة فقط لا يمكن أن تكون في حد ذاتها محايدة مناخيا في الواقع.
الثلاثاء 2023/06/06
عدو البيئة

برلين - مع تزايد الوعي بقضايا الحفاظ على البيئة، تنامت رغبة حقيقية لدى المستهلكين في الحصول على تغليف وتعبئة لمشترياتهم بشكل صديق للبيئة.

ولكن هل تحرص الشركات حقا على تنفيذ هذه الرغبة؟

يقول فيليب هيلت الذي يعمل بمركز ألماني لاستشارات المستهلكين، “الشركات تفاعلت بالفعل مع هذا الاتجاه، غير أنها لسوء الحظ، لا تتيح بالضرورة عبوات تحافظ على البيئة”.

ويوضح رولف بوشمان من فرع منظمة الأرض بألمانيا، أن لب الموضوع يتمثل في أنه بينما يكون من السهل بالنسبة للمصنعين، الإدعاء بمراعاة البيئة عند التغليف والتعبئة، “فإن من المستحيل على المستهلك التأكد من صحة العملية برمتها، وبالتالي فهناك الكثير من الغسل الأخضر فيها”.

ويعني الغسل الأخضر أنه يتم تقديم شيء على أنه مستدام أو صديق للبيئة، على الرغم من أن هذا الزعم ليس هو الحقيقة بالفعل.

استخدام اللونين الأخضر والبني والمظهر الورقي للتغليف حيل تسويقية تعطي انطباعا للكثير من المستهلكين بأنه يراعي الشروط البيئية
استخدام اللونين الأخضر والبني والمظهر الورقي للتغليف حيل تسويقية تعطي انطباعا للكثير من المستهلكين بأنه يراعي الشروط البيئية

وللترويج لمنتجاتهم يصور المصنعون التعبئة على أنها مستدامة بشكل خاص، على أساس مظهرها في المقام الأول، وثمة حيلة تسويقية شائعة، تتمثل في استخدام اللونين الأخضر والبني، كما أن المظهر الورقي للتغليف، يعطي انطباعا للكثير من المستهلكين بأنه يراعي الشروط البيئية.

غير أن بوشمان ينتقد بشدة العبارات التي يدونها المصنعون على العبوات، مثل “تغليف مستدام” أو “قابل للتدوير 100 في المئة”، ويقول إنه “يمكن التحقق من ذلك، في حالات محدودة، فليست هناك مواصفات واضحة”.

بينما يقول فيليب هيلت إن المستهلكين يجب عليهم أن يتشككوا على الدوام حيال العبارات التي تقول “التعبئة محايدة بيئيا”، فقد تكون الشركة تعوض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، عن طريق دعم المشاريع البيئية على سبيل المثال، وهو ينصح بقراءة البيانات المدونة على العبوة، أو بإجراء بعض البحث على الإنترنت للتعرف بشكل دقيق على معناها.

ومع ذلك، فإن من الواضح أن بمجرد إنتاج مواد التعبئة، ينبعث من هذه العملية غاز ثاني أوكسيد الكربون، مما يعني أن العبوات التي تستخدم لمرة واحدة فقط، لا يمكن أن تكون في حد ذاتها محايدة مناخيا في الواقع.

والمزاعم المدونة مثل “قابلة لإعادة التدوير بنسبة 100 في المئة”، قد تعني أن العبوة تتكون من مواد يمكن إعادة تدويرها نظريا.

ومع ذلك لا يحدث هذا غالبا على أرض الواقع، وفقا لما يقوله بوشمان، ويضيف “لا يوجد في الحقيقة شيء يسمى قابل لإعادة التدوير بنسبة 100 في المئة لأي مادة، لأنه ستكون هناك خسائر اقتصادية في ذلك”، ويعقب هيلت قائلا إن الكثير من المواد لا تتم إعادة تدويرها، لأن تنفيذ ذلك التدوير يكون مستهلكا للوقت ويزيد من التكلفة.

وبرغم ذلك فإن مواد التعبئة إذا تم فصلها بشكل صحيح، فمن المفترض وجود إمكانية لإعادة تدوير جزء كبير منها على الأقل.

Thumbnail

وفي الحقيقة لا يمكن فصل بعض المواد في العبوات بشكل صحيح، سواء من جانب المستهلك أو آلات الفرز، ويقول فيليب هيلت إن البلاستيك كمادة للتعبئة والتغليف، اكتسب سمعة سيئة لدى المستهلكين، ونتيجة لذلك تحولت العديد من الشركات المصنعة إلى استخدام الورق، أو المواد التي يطلق عليها قابلة للتحلل، حيث يتم لصق البلاستيك وألياف الورق معا.

ويوضح فيليب هيلت أن عيب هذه الطريقة هو أن تلك المواد يتم إدماجها معا بقوة، مما يجعل آلات الفرز غير قادرة على فصلها، وبالتالي لا يمكن إعادة تدويرها.

ومن هنا يمكن إعادة تدوير العبوات النقية، أي المصنوعة بكاملها من الورق أو البلاستيك، بشكل أكثر سهولة مقارنة بالمواد القابلة للتحلل، ويشير رولف بوشمان إلى أن ثمة مشكلة، تتمثل في أن المستهليكن يجدون صعوبة في التعرف على ما إذا كانت العبوة مصنوعة من المواد القابلة للتحلل.

كما ينتقد فيليب هيلت عملية التغليف والتعبئة، التي يطلب فيها من المستهلك أن يفصل بين المواد المصنوعة منها العبوة بنفسه.

وفي هذا الصدد، يقترح بوشمان محاولة تجنب تعبئة الفاكهة والخضراوات، تماما على قدر الإمكان، وأن يأخذ المستهلك سلة وأواني خاصة به، عندما يتوجه لشراء اللحوم والمنتجات الطازجة.

ويمكنك أحيانا أن ترى منذ النظرة الأولى، أنه يتم استخدام عدة عبوات مختلفة لمنتج واحد، وعلى سبيل المثال استخدام طبقة بلاستيكية حول صندوق ورقي، وهذا أيضا نوع من مواد التعبئة غير الضرورية، التي يمكن أن تتجنبها الشركة المصنعة.

وأخيرا فإن أهم شيء هو الفصل الصحيح للمخلفات، ويجب فصل مواد العبوات التي من الممكن فصل بعضها عن بعض، وبهذه الطريقة تتاح أكبر فرصة لإعادة تدوير العبوة، وفقا لما يقوله هيلت.

ويحذر هيلت مع ذلك من أنه لا توجد مطلقا مادة مثالية للتعبئة تكون صديقة للبيئة، ويقول “لا يمكنك الآن القول بشكل قاطع إن الورق المقوى جيد في التعبئة دائما، أو إن البلاستيك متواضع في المرتبة، أو إن الزجاج أو المعدن سيئان على الدوام”، ولسوء الحظ أن الأمر ليس بهذه البساطة، ويضيف “ما يمكنك قوله مع ذلك، هو إن العبوات القابلة لإعادة الاستخدام جيدة دائما”.

16