سلطنة عمان تتطلع إلى أن تصبح مركزا للطاقة الخضراء

خطط عمانية طموحة لا تزال تفتقر إلى التمويل.
السبت 2024/01/27
مشاريع طموحة

عُمان تمضي قدما في بناء نظام يتوافق مع جغرافيتها مع التخطيط لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الجنوب والرياح على طول بحر العرب، إلا أن إشكاليات التمويل لا تزال عائقا أمام خططتها الطموحة.

عُمان - تعتمد سلطنة عمان، مثل دول الخليج الأخرى، على عائدات النفط والغاز في الجزء الأكبر من دخل صادراتها، مما يجعلها عرضة للتحول في مجال الطاقة ولذلك فهي تتطلع إلى إنتاج واسع النطاق للهيدروجين الخالي من الكربون أو “الأخضر”.

وبفضل مواردها الكبيرة من الطاقة المتجددة، ومساحاتها الشاسعة من الأراضي المفتوحة، وموقعها الإستراتيجي على حلقة الوصل بين شبه الجزيرة العربية وأفريقيا وجنوب آسيا، تتمتع عمان بمزايا طبيعية في طموحها لتصبح منتجا ومصدرا رئيسيا للهيدروجين.

وفي تقرير الصيف الماضي، كتبت وكالة الطاقة الدولية أن عمان يمكن أن تصبح واحدة من أكثر منتجي الهيدروجين المتجدد قدرة على المنافسة في العالم، وأكبر مصدر في الشرق الأوسط.

وفي تقريرها “الهيدروجين المتجدد من عمان، اقتصاد منتج يمر بمرحلة انتقالية” أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن التوسع المتوقع في التحليل الكهربائي، وما ينتج عنه من انخفاض في تكلفة رأس المال، يمكن أن يسمح بإنتاج الهيدروجين العماني بسعر 1.60 دولار للكيلوغرام بحلول نهاية هذا العقد.

ويظهر تقييم الوكالة للمشاريع المعلنة أن عمان ستصبح سادس أكبر منتج للهيدروجين في العالم بحلول عام 2030.

ويقول الباحث الاقتصادي آلان ماموسر في تقرير نشره موقع أويل برايس الأميركي إن عُمان تمضي قدما في بناء نظام يتوافق مع جغرافيتها الساحلية، مع التخطيط لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الجنوب المشمس والرياح على طول بحر العرب، ومن المتوقع تنفيذ مشاريع إزالة الكربون في التجمعات الصناعية الشمالية. وستعمل خطوط الأنابيب وخطوط الكهرباء على ربط المناطق بأسواق التصدير في الموانئ.

وتم الإعلان عن العديد من المشاريع في العام الماضي، والتي طرحتها اتحادات دولية بعدما منحت البلاد مساحات كبيرة من الأراضي وتخطيطها لمنح المزيد.

آمال هيدروم كبيرة

عمان تتمتع بمزايا طبيعية في طموحها لتصبح منتجا ومصدرا رئيسيا للهيدروجين

تأسست هيدروجين عمان “هيدروم” في عام 2022 كمؤسسة مستقلة مملوكة بالكامل لشركة تنمية طاقة عمان الحكومية وتخضع لإشراف وزارة الطاقة والمعادن.

وهيدروم ليست مطورا ولكنها تعمل على تسهيل الطاقة الجديدة والتخطيط للبنية التحتية والعمل مع المطورين. وكانت مشغولة بترسية قطع أراض تبلغ مساحة كل قطعة 320 كيلومترا مربعا على المطورين.

وجرت الجولة الأولى من جوائز قطع الأراضي في العام الماضي حيث بلغ الجدول الزمني القياسي لتطوير المشروع سبع سنوات.

وتسعى هيدروم لتحقيق هدف الإنتاج لعام 2030 المتمثل في إنتاج مليون طن سنويا من الهيدروجين الأخضر حيث سيقوم المطورون بتسليم مشاريع متكاملة بما في ذلك إنتاج الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، وتحويله، واستهلاكه.

وقد يحصل المطورون الذين يكملون المشاريع مبكرا على حالة الإعفاء من الضرائب لمدة تصل إلى عامين، فيما ستقوم هيدروم بتنسيق البنية التحتية المشتركة لجميع الاستثمارات

ويقول ناصر الرزيقي، المستشار الفني بوزارة الطاقة والمعادن، “قبل ثلاث سنوات، جاءت العديد من الشركات إلى سلطنة عمان لإجراء دراسة جدوى أولى، وقالت إنها تريد مركزا شاملا لتسهيل الاستثمارات”.

وأضاف الرزيقي “لقد حققت عمان تقدما كبيرا في مجال الهيدروجين في السنوات الثلاث الماضية، والآن هناك الكثير من المشاريع”.

وحصلت العديد من الاتحادات متعددة الجنسيات على قطع أراض من شركة هيدروم العام الماضي، في المنطقة الاقتصادية الخاصة الضخمة بالدقم التي تغطي مساحة 2000 كيلومتر مربع في محافظة الوسطى في منتصف جنوب البلاد.

الانخفاض في تكلفة رأس المال يمكن أن يسمح بإنتاج الهيدروجين العماني بسعر 1.60 دولار للكيلوغرام بحلول نهاية العقد

ويضم الاتحاد أمانة شركة إدارة الصندوق الدنماركية وشركة الخضراء بارتنرز، وهي جزء من مجموعة هند بهوان العمانية.

ووفقا لتقارير إخبارية، ستقوم الشركة بتطوير حوالي 200 ألف طن متري سنويا من الهيدروجين الأخضر من 4.5 جيجاوات من قدرة الطاقة المتجددة المركبة، لمصانع الصلب الخضراء المخطط لها الموجودة في ميناء الدقم. ويقدر إجمالي الاستثمارات بنحو 6 مليارات دولار.

وسينتج مشروع لشركة بي.بي عمان 150 ألف طن متري من الهيدروجين الأخضر سنويا لإنتاج الأمونيا وتصديرها، وفقا لتقارير إخبارية. وسيحتوي الموقع على 3.5 جيجاوات من سعة الطاقة المتجددة المثبتة.

وسيتم بناء طاقة الرياح والطاقة الشمسية بقدرة 5 جيجاوات، وتخزين طاقة البطاريات، ومصنع الهيدروجين الذي سينتج 200 ألف طن متري سنويا من الهيدروجين الأخضر ليتم نقله عبر خط أنابيب إلى ميناء الدقم حيث سيتم تحويله إلى حوالي 1.2 مليون طن سنويا من الأمونيا الخضراء للتصدير.

ويضم كونسورتيوم هايبورت الدقم شركة أوكيو للطاقة البديلة وشركة البنية التحتية البلجيكية. وسوف تقوم ببناء قدرة مجمعة للطاقة المتجددة تبلغ حوالي 1.3 جيجاوات في المرحلة الأولى ومن المحتمل أن تزيد عن 2.7 جيجاوات في مرحلة لاحقة.

ومن المخطط أن ينتج المشروع ما يقرب من 330 ألف طن متري من الأمونيا الخضراء في المرحلة الأولى وأكثر من 650 ألف طن متري خلال المرحلة الثانية.

وفي الجولة الثانية، ستقوم شركة هيدروم بمنح ثلاث قطع أراض في منطقة ظفار الجنوبية. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عنها في أبريل.

ربط البنية التحتية

هيدروم تسعى لتحقيق هدف الإنتاج لعام 2030 المتمثل في إنتاج مليون طن سنويا من الهيدروجين الأخضر

وفقا لبيانات الشركة العام الماضي، تقوم هيدروم بتشكيل مجلس استشاري للإشراف على تطوير البنية التحتية المشتركة، والتي سيتم بناؤها بالتنسيق مع المطورين ومشغلي المرافق الوطنية. وفي العام الماضي، تم توقيع مذكرة تفاهم لدراسة خطوط الأنابيب بين شركة هيدروم وشركة أوكيو لشبكات الغاز، المشغل الحصري والمالك لنظام نقل الغاز الطبيعي في سلطنة عمان.

وتشير مصادر صناعية أخرى إلى أن هيدروم تخطط لمد خطوط أنابيب بطول 2000 كيلومتر لتزويد الهيدروجين الأخضر إلى المناطق الصناعية في الدقم والجزر، حيث يوجد ميناء صغير قيد التطوير، وإلى صلالة في منطقة ظفار في الجنوب.

وهناك مشاريع أخرى تتشكل في المناطق الصناعية في المدن الساحلية الشمالية على خليج عمان، بما في ذلك صحار ومسقط وصور.

وأبرم ميناء صحار والمنطقة الحرة اتفاقية مع الشركتين الألمانيتين “هيدروجين رايز” و”جندال شديد للحديد والصلب” لتقييم تطوير مصنع الهيدروجين الأخضر لإزالة الكربون من إنتاج الصلب. وستكون لديه في البداية قدرة تحليل كهربائي تبلغ 35 ميجاوات تعمل بالطاقة الشمسية.

وتعد مدينة صور الصناعية موقعا لمجموعة مقترحة لتحويل الهيدروجين والطاقة للمساهمة في إزالة الكربون من الصناعة وتحرير الغاز الطبيعي لتسييله إلى غاز طبيعي مسال.

ولديه القدرة على إنتاج ما يقرب من 480 طنا متريا يوميا من الهيدروجين، وفقا للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال المملوكة للدولة، والتي تدعم دراسة الجدوى الجارية حاليا.

هيدروم تخطط لمد خطوط أنابيب بطول 2000 كيلومتر لتزويد الهيدروجين الأخضر إلى المناطق الصناعية في الدقم والجزر

وقد تكون المشاريع الأخرى التي ظهرت في الأخبار خلال العامين الماضيين هي المستفيدة المستقبلية من كتل الأراضي الخاصة بشركة هيدروم.

ووقّعت وكالة التنمية الاقتصادية العمانية “مدائن” وشركة H2 Industries ومقرها الولايات المتحدة مذكرة تفاهم العام الماضي لبناء محطة لتحويل النفايات إلى هيدروجين بقيمة 1.4 مليار دولار في موقع ساحلي، قادرة على تحويل ما يصل إلى مليون طن متري من النفايات الصلبة البلدية كل عام إلى خضراء.

وتخطط مجموعة ACME الهندية لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، بقدرة 3.5 جيجاوات من المحلل الكهربائي مدعوما بـ5.5 جيجاوات من الطاقة الشمسية الكهروضوئية.

وأبرمت شركة أكوا باور السعودية اتفاقية تطوير مشترك مع شركتي OQ وAir Products في عام 2022 لتطوير منشأة لإنتاج الأمونيا الخضراء القائمة على الهيدروجين في المنطقة الحرة بصلالة.

كما أبرمت OQ اتفاقية مع التكتل الصناعي الياباني ماروبيني، ودوتكو، وسامسونغ، وهيروم، ومقرها دبي، لإجراء دراسات تفصيلية حول تطوير مصنع للأمونيا الخضراء للاستخدام المحلي والتصدير.

ووفقا لتقارير إخبارية سابقة، أبرمت الشركتان اتفاقية تطوير مشتركة لمشروع الهيدروجين الأخضر والأمونيا في المنطقة الحرة بصلالة.

طموحات عمان

Thumbnail

تريد عُمان إنتاج مليون طن متري من الهيدروجين المتجدد سنويا بحلول عام 2030، و3.75 مليون طن متري بحلول عام 2040، و8.5 مليون طن متري بحلول عام 2050. وهذا من شأنه أن يمنح عمان بالفعل مصدرا جديدا مهما لإيرادات التصدير.

ومع ذلك، فإن وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها العام الماضي، حددت العمل الهائل الذي يتعين القيام به خلال هذا العقد.

ويجب أن يكون هناك توسع هائل في البنية التحتية لتصدير الأمونيا، وبناء هائل لقدرات الطاقة المتجددة. وتقدر الوكالة أن احتياجات الاستثمار التراكمية بحلول عام 2030 ستبلغ حوالي 33 مليار دولار.

وتشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب المحلي يمكن أن يلعب دورا مهما في بدء قطاع الهيدروجين، لاسيما في التكرير، حيث يمكن استبدال الهيدروجين الأحفوري بالهيدروجين المتجدد بتكلفة إنتاج تبلغ 1.60 دولار للكيلو غرام بحلول عام 2030.

ويظهر العدد الكبير من المشاريع المعلن عنها أن عمان لاعب جاد في القطاع الناشئ، لكن المشاريع لا تزال كلها في التخطيط ولم يصل أي منها إلى التمويل. ويرى محللون أن نجاحها سيكون مفتاحا لتحقيق طموحات الهيدروجين في البلاد.

7