سلطنة عمان.. الطريق إلى النجوم يمر من جبل شمس

السلطنة تسعى للاستثمار في المجال الفلكي ضمن إستراتيجية الاشتغال على تاريخ عُمان العريق.
الأحد 2022/11/27
استثمار سياحي وعلمي

تمتاز سلطنة عمان بخبرة وموروث غني ومشاهير في علم الفلك اختارت أن تستثمر فيه، وهي بلد العشرة آلاف ساعة شمسية لتكون وجهة للسياحة والبحوث الفلكية في محمية النجوم الواقعة في جبل شمس.

مسقط – تسعى سلطنة عمان للاستثمار في المجال الفلكي ضمن إستراتيجية الاشتغال على تاريخ عُمان العريق واستكشاف الفلك والفضاء، والبحوث العلمية والسياحة الفلكية عبر البقاع الممتدة المفتوحة والمحميات الرسمية، إضافة إلى الإنجازات العُمانية الفلكية في التراث البحري.

ويقول محمد بن نبهان البطاشي المسؤول في الجمعية الفلكية العُمانية “إذا كان علم الفلك معرفة مشاعة عند كل الشعوب والحضارات – وإن كان طابعه الغالب نخبويًّا عند الفلاسفة والمنجّمين ومسامري الملوك – فإن عُمان تميّزت في أخذها بالفلك على نطاق شعبيٍّ واسع، فالمُزارع ومالك الأرض على دراية تامة بشروق النجوم وفارق الوقت بين كل نجم وآخر، وكذلك البحّارة على دراية دقيقة بمطالع الأفلاك ومنازل القمر”.

وأكد على “استثمار موقع ومناخ محمية النجوم الواقعة في جبل شمس لتأسيس مركز رصد سياحي وعلمي وبيئي، وربطه بنقل جوي خاص، وتأهيل عدد من الساعات الشمسية في مختلف المحافظات بحيث تصبح مزارات سياحيا، والاستفادة من عبور مدار السرطان بعدد كبير من الولايات وإبرازه سياحيًّا وتجاريًّا، وتخصيص أجزاء من المتاحف لإبراز الحسبة العُمانية في مواقيت طلوع النجوم، ونشر مسميات النجوم العُمانية، وتخصيص تطبيق هاتفي لذلك التي من بينها (الكوي والمنصف والموفي والطير والغراب والأدم والصارة والراكضة والسعد والكبكبين والشابك والفتح وبو قابل والظلمي والشعرة البيضاء) وغيرها من النجوم، مع العمل على صناعة أدوات فلكية استخدمها البحّارة العُمانيون للوصول إلى أقاصي البحار وبيعها في المواقع الإلكترونية العالمية، وجمع القصص العُمانية التي تصف أشكال المجموعات النجمية وتخيّلات الناس حولها في قالب قصصي مطبوع وتترجم إلى اللغات الحية”.

وأضاف “مع إبراز التقويم النجمي العُماني الذي يعتبر بداية السنة بطلوع نجم سهيل أو نجم كوي، والترويج للأمثال والقصص العُمانية التي تتعلق بالنجوم وتغيّرات الطقس، وإقامة نصب تذكارية لأهم روّاد علم الفلك في عُمان، وتسمية الطرقات العامة بأسمائهم، وتسمية الأعاصير والمنخفضات الجوية التي يكثر ذكرها في مختلف قنوات التواصل الاجتماعية بمسميات الضربات العامية: ضربة الشلي وضربة اللحيمر”.

ويؤكد البطاشي أن الدخول في مجال علوم الفلك والفضاء يتطلب بنية أساسية سليمة يجب أن يُبذل فيها الكثير، ويتضمن ذلك الكفاءات العلمية المؤهلة للعمل في هذه البرامج، والمؤسسات الصناعية المتقدمة التي يمكنها تطوير الأجهزة والمواد المناسبة لهذا المجال، وهنا في سلطنة عُمان هناك كفاءات علمية كبيرة لها قابلية مطلقة للتأهيل في مجال هندسة الفضاء وما يتعلق بها من مجالات، حيث أن المختصين في مجالات الهندسة والفيزياء والبرمجة يسهل نسبيًّا تأهيلهم للعمل على برامج فضاء متقدمة وإشراكهم في وكالة أو هيئة خاصة بعلوم الفلك والفضاء.

ويقول إسحاق بن يحيى الشعيلي الباحث في علوم الفلك والفضاء “ثمّة مقوّمات عديدة تتفرّد بها سلطنة عُمان في السياحة العلمية بشكل عام والفلكية بشكل خاص، ومع وجود كمٍّ هائل من المعرفة الفلكية لدى العُمانيين فإن الموروث الفلكي العُماني تنوّع بتنوّع الجغرافيا العُمانية”.

ويُشير “نجد أن تقسيم مياه الأفلاج اعتمد في شقّيه الليل والنهار على الفلك، خاصة أثناء فترة النهار كانت ‘اللمد’ هي المؤقت لحصص مياه الأفلاج، لتحلّ النجوم محلّها بالليل حتى مطلع الشمس. هذه الدقة في الحساب أيضًا استغلها العُمانيون في البحر من صيد وترحال وتجارة، فنجد المؤلفات العُمانية والأراجيز الشعرية الفلكية والأجهزة الفلكية التي تستخدم في البحر، من أشهرها البوصلة التي طوّرها أسد البحار أحمد بن ماجد السعدي وأحدث نقلة نوعية في استخدامها بشكل أصبحت فيه رفيقة درب لكل بحار. كما تميّزوا أيضًا بمعرفة مواقيت الضربات البحرية التي تُعرف بالأعاصير، فحددوا مواقيتها وعرفوا أيامها بمطلع نجوم معينة”.

وأضاف “هذا الموروث الفلكي البحري يمكن استغلاله لتنشيط السياحة العلمية والفلكية من عدة جوانب، مثل إنشاء متاحف متخصصة، والاحتفاء فيها بالشخصيات العُمانية التي ساهمت في علوم البحار والفلك كابن ماجد على سبيل المثال، مع تنظيم رحلات سياحية تحاكي الملاحة التقليدية بين موانئ السلطنة، مع الاستعانة بالخبرات للتعريف بالأجهزة المستخدمة والنجوم التي يسترشد بها النوخذة في البحار، وإظهار الإسهامات العُمانية في هذا المجال والخبرات العُمانية التي استغلّت الفلك بأدق تفاصيله لتسيير شؤون الحياة اليومية من عبادة وزراعة وصيد وترحال، مع الحفاظ على ما تبقى من الموروث الفلكي المادي مثل المزولة الشمسية، أو اللمد، واعتبارها من التراث الذي يجب الحفاظ عليه، واستخدامه كمزار سياحي وتراثي وعلمي يمكن دراسته من قِبل الباحثين والمهتمين، والتشجيع على طرح الموروث الفلكي العُماني كمواضيع بحثية في الدراسات العليا للجامعات، واستقطاب المهتمين من الباحثين لدراسة هذا الموروث، وإخراجه بشكل ممنهج يساعد على التعريف به وحفظه للأجيال القادمة”.

استثمار

20